< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مفهوم الوصف.

     القاعدة العامة في كل المفاهيم انها تشترك في كونها جميعا قيودا وتختلف في المقيّد: فان كان القيد راجعا للحكم وذلك كالقضية الشرطية ظهرت القضية في المفهوم. وان كان القيد راجعا للموضوع لم يكن لها ظهور في المفهوم وذلك كمفهوم اللقب والوصف.

     ادلة من قال بالمفهوم: لزوم اللغو، والاشعار بالعلية، وعدم تمامية حمل المطلق على المقيّد إن لم نقل بالمفهوم.

قاعدة عامة لكل المفاهيم:

وصلنا إلى ان الوصف لا مفهوم له، وهناك نقطة اخيرة سنجعلها كميزان لكل المفاهيم أو كقاعدة، وهي: ان القيد سواء كان لقبا ووصفا أو غاية أو استثناء أو شرطا، ان كان قيدا للحكم دلت القضية على المفهوم لانه إذا انتفى القيد انتفى المقيّد، وان كان قيدا للموضوع أو المتعلّق لم تدل على المفهوم، نعم يدل على انتفاء الموضوع. [1]

أدلة من قال بدلالة الجملة الوصفية على المفهوم:

استدل بوجوه،

منها: لو لم تدلّ القضية على المفهوم اصبح القيد لاغيا، إذ من الممكن ثبوت الحكم لغير الوصف وهذا لا يصدر من الحكيم.

والجواب: عدم اللغو في بيان الموضوع وقيوده والسكوت عن حصة الموصوف مع انتفاء الوصف، فنفس بيان موضوع الحكم وقيوده غاية عقلائية تخرجه عن اللغو وتخرجه عن عدم الحكمة.

ومنها: استشعار العلّية من الوصف.

والجواب: ان الاستشعار وان لم يكن ببعيد، ولكنه لا يكون دليلا إلا إذا وصل إلى مرحلة الظهور وهذا ما لم يثبت. ومنها: إن القضية الوصفية لو لم تدل على المفهوم وانحصار التكليف بما فيه الوصف لم يوجد موجب لحمل المطلق على المقيّد، مثلا: " اكرم العالم " مطلق ثم قلت " لا تكرم العالم الفاسق "، " مقيّد، كيف يتم الجمع بينهما، للوهلة الاولى هناك تعارض لان العالم يشمل الفاسق وغيره " لا تكرم الفاسق " اخرج الفاسق، هنا ولرفع التنافي يحمل العرف اللغوي المطلق على المقيّد. ما معنى " الحمل "، يعني المراد الجدي من الاول من المطلق هو المقيّد.

ففي قولنا هنا: " أكرم العالم " يوجد مرادان: المراد الاستعمالي وهو ما استعمل فيه لفظ " العالم " وهذا يشمل العادل والفاسق، والمراد الجدي وهو ما اريد من لفظ " العالم " جديا، أي من حين التلفظ به وهو خصوص العالم العادل.

في دليلهم قالوا: " اكرم العالم " تشمل الفاسق والعادل، " أكرم العالم الفاسق " خاصة بالفاسق. إذا لم يكن لـ " اكرم العالم الفاسق " مفهوم فلا تنافي في البين. إذن فما هو وجه حمل المطلق على المقيّد؟ إذا لم يكن هناك مفهوم لماذا احمله، لأن الحمل إنما لجأنا إليه لرفع التنافي.

إن القضية الوصفية لو لم تدل على المفهوم وانحصار التكليف بما فيه الوصف لم يوجد موجب لحمل المطلق على المقيّد، حيث ان نكتة هذا الحمل هي دلالة المقيّد على انحصار التكليف به وعدم ثبوته لغيره، وبدون توفر هذه النكتة لا موجب له، ومن الطبيعي أن هذه النكتة بعينها هي نكتة دلالة الوصف على المفهوم.

وبيانه: إن قولنا: " اشرب لبنا "، ثم " إشرب اللبن الحلو" يحمل المطلق على المقيّد، فتكون النتيجة: " اشرب اللبن الحلو دون غيره " وذلك لظهور الوصف في المفهوم، فان عبارة " إشرب اللبن الحلو " تعني انتفاء الامر عن غير الحلو، وهذا ينافي وجوب الشرب مما يؤدي إلى حمل المطلق على المقيّد.

لعلّ هذا أهم ما قيل في دلالة الوصف على المفهوم، لكنه مردود وسيأتي الجواب عليه.

 


[1] الفرق بين الحال والنعت والخبر وكلها اوصاف بالمعنى اللغوي: مثلا: في الحال " اكرم زيدا متصدقا " فمتصدقا حال لزيدو " اكرم زيدا المتصدق " المتصدق نعت لزيد، و " زيد متصدق " هذا خبر، واذا قلت: " ان كان زيد متصدقا فاكرمه " هذا شرط، لكل وصف معنى تختلف عن الاخر وتشترك الاوصاف بانها قيود. الحال قيد للفعل وهو الاكرام، النعت قيد لصاحب الوصف أي لزيد، الخبر هو عبارة عن حمل على الموضوع وليس قيدا، واخبار من لا يعلم بلازم الفائدة، والشرط هو تعليق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo