< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحالة الثانية وهي عدم امكان التكرار.

     الاصل عدم تداخل المسببات مطلقا، والتداخل يحتاج إلى دليل، كما ورد في كفاية غسل واحد عن اسباب متعددة.

     إضاءة في الفرق بين تعليق الحكم بالطبيعة بلحاظ أفرادها، وبين تعلق الحكم بالطبيعة الحاكية عن افرادها.

قلنا ان افرق بين مسألة تداخل الاسباب ومسألة تداخل المسببات، أي أن الاصل نشوء حكمين.

اولا ان تداخل الاسباب هو هل ينشأ من تعدد السبب حكمان أم حكم واحد، مرّ معنا انا نقول فيها في عالم الاصل اللفظي ان الاصل عدم تداخل الاسباب.

اما تداخل المسببات فهو بعد القول بعدم تداخل الاسباب، هناك فرع وهو: هل يكفي امتثال واحد للتكليفين فتتداخل المسببات أو لا؟

معظم الأصوليين على عدم تداخل المسببات، يعني امتثال واحد لا يكفي إلا في حال كون الثاني توكيدا. لكن نقوا ان كلامنا إذا كان هناك انشاءان تأسيسيان حكمان، فهل يكفي غسل واحد؟ قلنا لا.

استثنى السيد الخوئي (ره) واستاذه الشيخ النائيني (ره) وغيرهم كالبروجردي استثنوا ما لو كان بين المتعلقين عموم وخصوص من وجه.

قلنا: إن متعلّق التكليف تارة يكون التكرار فيه ممكنا وتارة لا يكون.

فإذا أمكن التكرار ثلاث حالات الاولى ان يكون بين المتعلقين تساو، الثانية ان يكون بين المتعلقين عموم وخصوص من وجه كما لو قال " اكرم هاشميا " و " أكرم عالما " وزيد عالم وهاشمي في آن واحد. والحالة الثالثة: ان يكون بين المتعلقين عموم وخصوص مطلق وذلك في مورد الاجتماع.

الكلام في الحالة الثالثة هو نفس الكلام في الحالة الثانية أي القسم الثاني من متعلقي التكليف وهو ما كان بينهما عموم وخصوص من وجه لوجود عنوانين وصدق العنوانين قهري، وان كل منهما مطلق بالنسبة للآخر.

وذكرنا انه في حال التساوي المعروف القول بأصالة عدم تداخل المسببات، يعني غسل واحد لا يكفي، وهذا واضح وسلمنا به، نعم في الحالة الثانية لم نسلّم بما ذكره السيد الخوئي (ره) ولا استاذه النائيني (ره) من ان الاصل التداخل. وذكرنا ذلك ان الحكم الواحد يحتاج إلى امتثال مستقل، وبيَّنا ما نذهب اليه وهو اصالة عدم التداخل حتى في الحالة الثانية، ولذلك لو قلنا: " اعط عالما درهما " و " اعط هاشميا درهما " فإذا جاء شخص عالما وهاشميا هل يكفي درهم واحد؟ طبعا لا يكفي بل يحتاج إلى درهمين

وقلنا ان المسبب تارة يمكن تكراره من قبيل: " إذا اجنبت فاغتسل " و " إذا مسست ميتا فاغتسل " وقلنا ان الاصل عدم كفاية غسل واحد. نعم ورد في الغسل روايات بكفاية الغسل الواحد. وهذا لا مانع منه لان معنى الاصل الذي نرجع اليه هو المرجع عن عدم وجود دليل خاص.

الحالة الثانية وهي: عدم إمكان التكرار، كما لو قلت: " إذا قَتَل زيد فاقتله، وإذا كفر فاقتله " فقتل زيد غير قابل لتكرار.

وقد ذهب صاحب الكفاية إلى تأكيد الحكم في مورد الاجتماع.

ونقول: إن التأكيد إنما يكون إذا كان متعلق الحكمين هو نفس مورد الاجتماع، والمفترض هنا ان كلا الحكمين تأسيسي ويكون اجتماع الحكمين من باب توارد العلتين على معلول واحد. ولو توارد حكمان فتارة يكون له مرتبة واحدة وتارة يكون له مراتب. أما لو كان له مرتبة واحدة كالوجوب، فيكون احدهما فعليا والآخر إنشائيا. وأما لو كان له مرتبتان أو أكثر كالاستحباب، فلا مانع من القول باجتماع الثوابين والمصلحتين، كما لو اجتمع استحباب صوم الايام البيض مع استحباب صوم يوم الخميس. فيكون احدهما فعليا والآخر انشائيا. فالوجوب له مرتبة واحدة، ولا معنى للتأكيد سوى وجود حكم واحد أي الوجوب في المثال، والاحكام الاخرى ليست تأسيسية بل تأكيدية. نعم لا مانع من القول باجتماع الثوابين لان الثواب مشكك له مراتب كما الاستحباب وكما في الثواب، ولاجتماع المصلحتين.

إضاءة:

بقي أمر مهم لا بد من الالتفات اليه: الفرق بين تعلق الامر بالطبيعة بلحاظ افرادها الخارجية وبين تعلق الامر بالطبيعة بما هي حاكية عن افرادها الخارجية.

النائيني (ره) كان يقول أن الاحكام عل نحو القضية الحقيقية، أي تتعلق بالحقيقة بالحمل الشايع الصناعي، لا الطبيعة بما هي هي، هل التعلق معناه التعلق بالطبيعة بالافراد أو لا؟ مثلا عندما اقول: " النار حارّة " لو كان تعلق الامر بالطبيعة بما هي ذهنية، فبمجرد اقول: " النار " يحترق الذهن، هنا نقول النار حارّة يعني الطبيعة بما هي بالحمل الشايع صناعي لا بما هي حاكية عن افرادها. لا بد من لحاظ الافراد وهذا ليس معناه أن الحكم يتعلق بالفرد، بل معناها ان الحكم يتعلق بالطبيعة بما لها من آثار خارجية، هذه الآثار تكون بالافراد. الحكم لا يتعلق بالفرد الخارجي لاكرام زيد لاننا درسنا ان الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالافراد.

إذن عندما نقول الاحكام متعلقة بالطبائع يعني بالطبيعة لا الفرد، إذن تعلق الحكم بالطبيعة تارة يكون بما هي هي فتكون قضية ذهنية أو بالحمل ذاتي اولي، وتارة نقول: الطبيعة بلحاظ الآثار الخارجية التي تكون بالافراد.

 

هذا هو القسم الاول، أي معنى اللفظـ، اما القسم الثاني، أي منعة الحكاية: إذا قلنا تعلق الاحكام بالطبيعة بما هي حاكية عن افرادها، معنى الحكاية ان التعلق ليس بالطبيعة بل بالافراد من قبيل: إذا اتيت لك بصورة امرأة وقلت لك تزوجها، الحكم هو الزواج، وانت عندما تتزوج هل تتزوج الصورة أو المرأة؟ تتزوج المرأة لان الحكم يتعلق بها، هنا اصبح هناك شيء حاكي عن شيء آخر، الصورة مجرد وسيلة.

تعلق الحمل بلحاظ افرادها أو بالكلي بلحاظ افراده من قبيل القسم الثالث من الوضع، وقد ذكر ان الاوضاع ثلاثة اقسام القسم الاول هو: الوضع عام والموضوع له عام، القسم الثاني: الوضع خاص والموضوع له خاص، القسم الثالث: الوضع عام والموضوع له خاص، قالوا في تصور الثالث اتصور معنى عاما الذي هو الظرفية مثلا واضع لافرادها لفظ " في " وتكون الظرفية مجرد حاكية عن الافراد، يعني أن الوضع تعلق بالافراد، هذا هو معنى الحكاية، الحكاية شيء وتعلق الحكم بالطبيعة بلحاظ الافراد بالحمل الشايع صناعي شيء آخر امران مختلفان تماما. إذا استوعبنا هذا الفرق فسنرى له ثمارا كثيرة في الاصول والفقه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo