< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/03/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تدخل الاسباب والمسببات:

     في الحالة الثانية وهي العموم والخصوص من وجه ذهب السيد الخوئي والنائيني وغيرهما إلى التداخل وكفاية الامتثال بالجمع بين العنوانين.

     الجواب على هذا الطرح .

     الذهاب إلى عدم التداخل أيضا.

قلنا امس أنه في حالة التساوي بين متعلقي الحكمين لا بد من تعدد الامتثال ففي قولنا " إذا مست ميتا فاغتسل " و " إذا اجنبت فاغتسل " هناك تكليفان ومع التكليفين هناك غسلان، الغسل الواحد لا يكفي.

الحالة الثانية: ما إذا كان بين متعلقي الحكمين عموما وخصوصا من وجه:

استثنى اكثر الاصوليين حالة وهي ما كان بين متعلّقي الحكمين عموما من وجه كما لو قال " أكرم هاشميا " و " أكرم عالما " ففي هذه الحالة يتداخل المسببات، ويكفي في الامتثال إكرام شخص واحد وهو زيد العالم والهاشمي، فيمكن إكرام زيد وبذلك امتثل للأمر الاول والثاني لان الطبيعة قد انطبقت على هذا الفرد انطباقا قهريا، ولا يشترط في الامتثال إلا انطباق الطبيعة على فردها وهنا انطبقت الطبيعة على فردها، هذا ما ذكروه. إذن أن الطبيعة انطبقت على فردها إذن اصبح الفرد متعلقا للحكم. قالوا ان زيد الذي اجتمع فيه العنوانان اصبح هو متعلق الحكم ولم يشترط في متعلق الحكم ان لا يكون مجمعا أو ان يكون منفردا، إذ لم يقل " أكرم هاشميا بشرط ان لا يكون عالما " ولا قال: " أكرم عالما بشرط ان لا يكون هاشميا " قال: " أكرم هاشميا" و قال: " أكرم عالما " فاجتمعا في زيد، وانطباقهما على زيد انطباق قهري. هكذا قال السيد الخوئي (ره) والسيد البروجردي (ره) وآخرون.

والجواب: إننا لا نسلّم بذلك، وإن سلمنا بان " اكرم العالم " لا يكون مقيّدا بغير الهاشمي وبالعكس، وذلك إن الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالأفراد، إذن هذا الفرد ( زيد ) لم يكن يوما ما متعلقا للحكم، نعم الفرد يكون محققا للطبيعة، فإذا تحقق مع الامتثال الاول، ثم يأتي الحكم الآخر المتعلق بطبيعة أخرى، فلا يكون الفرد المتحقق فردا يمكن تحقيق الامتثال به مرّة أخرى لانه من باب تحصيل الحاصل حينئذ. [1]

ولتوضيح ذلك أكثر نقول: إذا ورد " أكرم عالما " فأكرمت زيدا العالم، ثم ورد " أكرم هاشميا " وكان زيد العالم هاشميا ايضا هل يكفي الاكرام الاول في امتثال وجوب الاكرام الثاني؟! بالتأكيد لا يكفي، وان كان زيد ينطبق عليه الطبيعتان الهاشمية والعالمية، إلا ان متعلق الحكم هو الاكرام وليس زيدا الفرد الجزئي الذي لا يتعلق به الحكم.

الا ترى أني لو قلت: " أعط هاشميا درهما " ، ثم قلت: " أعط عالما درهما "، ثم كان زيد هاشميا وعالما، فهل يكفي درهم واحد، أم لا بد من إعطائه درهمين؟ بالتأكيد أنه لا بد من إعطائه درهمين وان كانت الطبيعتان اجتمعتا في واحد وهو زيد.

ولذلك نحن نخالف السيد الخوئي (ره) وكذا استاذه النائيني (ره) كما في فوائد الاصول وغيرهما، ونذهب إلى عدم التداخل حتى في ما كان بين المتعلقين عموما وخصوصا من وجه.

إشكال نقضي: ألا تلاحظ أن مسألة انطباق الطبيعتين على واحد تأتي في الحالة الاولى، أي في تساوي المتعلقين، فان المثال الذي أعطاه السيد الخوئي (ره) وهو تعدد وجوب الكفارة بتعدد إتيان الأهل يرد هنا حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل، بل وأوضح فان طبيعي الكفارة وهي المخيّرة بين صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا أو عتق رقبة ينطبق على الفرد الواحد خارجا، فان عتق الرقبة ينطبق في كل مرّة على نفس الرقبة.

إذن نحن لا نسلّم بعدم التداخل. يبقى نقطتان:

الاولى: التكرار، الذي ما العمل في الذي لا يكون قابلا للتكرار؟ ومسألة " اكرم العالم " لماذا يكفي أكرام واحد.

الثاني: ما معنى تعلق الحكم بالطبيعة لا بالفرد؟ ما الفرق بين هذه المسألة ومسألة تعلق الحكم بالطبيعة بما هي حاكية عن افرادها؟ وبعبارة أخرى: ما الفرق بين التعلق والحكاية ؟ هذا ما سنراه غدا، وهو تفريق مهم جدا يضيء لنا الطريق في العديد من المسائل الاصولية.

 


[1] السيد الخوئي (ره) يقول في الغسل الارتماسي انه هل يجب ان يكون خارج الماء ولو لنصفه ثم يرتمس، اما ان يكون في الماء وينوي الغسل كما عليه الاكثر لا يكفي الغسل لان الامر بـ " اغتسل " فإذا كان داخل الماء يكون مغتسلا والغسل متحقق ويكون من باب طلب الحاصل، فيجب ان يخرج خارج الماء ويقال له اغتسل حتى يتم الاغتسال. وجهة نظر لا نسلّم بها. وهنا نفس الكلام: الحكم الآخر إذا طلبت له امتثالا آخر صار من باب تحصيل الحاصل، فاين اصبح الامتثال الآخر؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo