< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفرق بين تداخل الاسباب وتداخل المسببات

     الفرق بين تداخل الاسباب وتداخل المسببات.

     في تداخل الاسباب يكون الكلام في عالم الجعل، وفي تداخل المسببات يكون في عالم الامتثال.

     إطلاق الشرط يقتضي عدم تداخل الاسباب، وإطلاق الجزاء يقتضي التداخل.

     التنافي بين الاطلاقين.

     رأي السيد البروجردي في تقديم إطلاق الجزاء.

تدخل الاسباب:

إذا عرف أن المسألة من باب الدلالة اللفظية [1] ، ومع عدم وجود دليل خاص. والكلام بعد الانتهاء من الاصل اللفظي يأتي دور الاصل العملي.

ما الفرق بين تداخل الاسباب وتداخل المسببات:

أما مسألة تداخل الاسباب فهي ثبوت مسبب واحد عند تعدد الشرط، ففي مثل: إذا اجنبت فاغتسل" فان الجزاء هو المسبب وهو ثبوت وجوب الغسل، فإذا ورد بعد ذلك " إذا مسست ميتا فاغتسل " فهل يثبت وجوب آخر؟

فإذا قلنا بالتداخل فهذا يعني ثبوت وجوب واحد، وإذا قلنا بعدم التداخل فهذا يعني ثبوت وجوبين.

اما مسألة تداخل المسببات فهي بعد القول بعدم تداخل الاسباب وثبوت وجوبين من نفس السنخ، فهل يكفي امتثال واحد، أم لا بد من امتثالين؟ ولذا تداخل الاسباب يكون في عالم الجعل، يكون هناك جعل أو جعلين؟. أما تداخل المسببات ففي عالم الامتثال هل يكفي غسل واحد أو لا بد من غسلين؟.

فعلى القول بتداخل المسببات يكفي امتثال واحد، وعلى القول بالعدم لا بد من امتثالين.

إذا عرفت هذا فالظاهر - أي الاصل اللفظي - عدم تداخل الاسباب عند تعدد الشرط واختلاف جنسه.

ظاهر الجملة الشرطية هو الحدوث عند الحدوث، أي حدوث الجزاء عند حدوث الشرط، مما يعني تعدد الجزاء عند تعدد الشرط.

إشكال: إن لازم هذا أن الحقيقة الواحدة تكون محكومة بحكمين متماثلين، فتكون من باب اجتماع المثلين، واجتماع المثلين محال عقلا كاجتماع الضدين.

وتوضيحه: أن الجزاء وهو الوجوب المتعلّق بماهية واحدة وهي الغسل، ولا شك في كون الغسل الواجب ماهية واحدة، فيجتمع حينئذ المثلان.

والدفع: إن إطلاق الشرط يقتضي أن يكون شرطا مستقلا علّة للجزاء سواء وجد معه أو قبله أو بعده شرط آخر أم لا، وهذا يقتضي تعدد الجزاء عند تعدد الشرط، وحينئذ يكون المعنى هو وجوب وضوء آخر مثلا: " إذا بلت فتوضأ " و " إذا نمت فتوضأ " ، أي يقيّد الجزاء بكلمة " آخر ".

فان قلت: إن الجزاء ايضا مطلق، لان الجزاء هو الوجوب المتعلّق بصرف الطبيعة، والطبيعة هي نفسها في الجملتين الشرطيتين. إذن يتنافى إطلاق الشرط مع إطلاق الجزاء، لان اطلاق الشرط يقتضي تعدد الجزاء – أي عدم التداخل - ، واطلاق الجزاء يقتضي اتحاد الجزاء – أي التداخل -.

وقد ذهب المحقق البرجردي (ره) إلى تقديم إطلاق الجزاء على إطلاق الشرط، وبالتالي بالتداخل، ذلك أننا إذا قدمنا إطلاق الشرط فلا بد من أحد ثلاثة وجوه:

إما ان يقال إن متعلق الوجوب في كليهما نفس طبيعة الوضوء.

وإما أن يقال: إنه في كليهما مقيّد.

وإما أن يقال: إنه مطلق في أحدهما مقيّد في الآخر.

أما الأول فهو محال، لانه إذا ورد : " إذا نمت فتوضّأ " و " إذا بلت فتوضأ " فالوضوء الواحد حقيقة واحدة لا يتعلّق بها وجوبان مطلقان، أي لا يتعلّق بها حقيقة واحدة أيضا للزوم اجتماع المثلين. أي لا بد من رفع اليد عن احد الاطلاقين اما اطلاق الشرط أو اطلاق الجزاء. السيد البروجردي يذهب إلى تقديم اطلاق الجزاء على اطلاق الشرط، تكون النتيجة انه هناك وجوب واحد للإشكال العقلي الذي يعتبره انه اجتماع المثلين. وحينئذ يكون الاصل عنده هو تداخل الاسباب.

ونحن سنقدم اطلاق الشرط على اطلاق الجزاء وسنبين ان العرف هو كذلك، ويكون الاصل هو عدم التداخل.

 


[1] ذكرت بعض الاشكالات وهي: كيف اقول بطرد الشرائط المشكوكة في العبادات مع العلم انك تقول بالاحتياط في مسألة الاقل والاكثر ارتباطيين، والاحتياط هو انه يجب الاتبان بالشرط المشكوك. والجواب واضح: وهو ان مسألة الاقل والاكثر الارتباطيين هي من مسائل الاصول العملية عند فقدان الاصل اللفظي أو عدم الوصول إلى نتيجة في الاصل اللفظي. وهنا اولا نتكلم في عالم الالفاظ لذلك الشروط التي نشك فيها في المعاملات أو العبادات على القول بان الالفاظ موضوعة للأعم أو على القول بالحقيقة اللغوية أي ليس هناك حقيقة شرعية. مثلا: بعد انطباق عنوان الصلاة استطيع طرد الشرط لكن طرد الشرط هذا يكون بالاصل اللفظي بالاطلاق، نعم إذا لم نصل إلى نتيجة أو لم يجر الاصل اللفظي حينها انتقل إلى الاصل العملي وهو نتيجة مسألة الاقل والاكثر الارتباطيين، وانا هناك اذهب إلى الاحتياط لا إلى البراءة. ولذلك فمن المهم جدا تنمية الذوق الأدبي واللغوي للتوصل إلى الظواهر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo