< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: من فروع مسائل الجملة الشرطية، تعدد الشرط واتحاد الجزاء.

     لحلّ التنافي لا بد من رفع اليد عن ظهور الجملة الشرطية في أحد الأمرين: إما الاستقلال وإما الانحصار.

     رفع اليد عن الانحصار يؤدي إلى العطف بـ " أو "، ورفع اليد عن الاستقلال يؤدي إلى العطف بـ " الواو" وذلك يجعل كل منهما جزءا لسبب واحد.

     الجمع العرفي هو بالجمع بـ " أو " ورفع اليد عن الانحصار، وذكر القرائن على ذلك.

الكلام إذا كان الجزاء لا يتكرر ودار الأمر بين شرطين وكان التنافي بين مفهوم احدهما ومنطوق الآخر، فيوجد امران: " اذا خفي الأذان فقصر " و " إذا خفي الجدران فقصّر "، وقلنا أن هذين الأمرين يتعارضان من حيث المنطوق والمفهوم، منطوق احدهما يعارض مفهوم الآخر.

والحل يكون: اما أن نجمع بينهما بـ " أو " أو بـ " الواو "، فإما أن نقول: " إذا خفي الأذان أو خفيت الجدران فقصّر " فكل منهما يكون علّة تامة، فإذا قلنا " أو " نرفع اليد عن ظهور الجملة الشرطية في الانحصار أي أن هناك سبب آخر وليس هناك انحصار، أو أن نقول: " إذا خفي الأذان و خفيت الجدران فقصّر " يعني أن كلا منهما جزء السبب نرفع اليد عن الظهور بالاستقلالية. فايهما اولى: رفع اليد عن الانحصار أو رفع اليد عن الاستقلال؟

نحن قلنا اننا نريد أن نرفع التنافي، وهو التنافي بين المنطوق والمفهوم لا بين المفهومين فلماذا اسقط المفهومين؟

أن اسقط المفهومين فبلا دليل كما بيّنا، وكذلك أن اسقط أحدهما دون الآخر لانه ترجيح بلا مرجح، الموجود عندي هو علم اجمالي بسقوط أحد الظهورين: إما شرط الانحصار أو شرط الاستقلال، كيف ارفع العلم الاجمالي هنا؟

نقول: الظاهر أن الاقوى هو الظهور في الاستقلال لا الظهور بالانحصار، ويكون الجمع العرفي هو العطف بـ " أو " ونذكر امرين مؤيدين لاقوائية الظهور في الاستقلال.

     إن انحصار الشرط متأخر رتبة عن تعيّن الشرط وتشخصه، فإن السامع بعدما يتلقى الامر بالشرط والمشروط، وبعدما يتصور الشرط كاملا بجميع أجزائه وشرائطه بعد ذلك يسأل: هل هذا الشرط منحصر؟ وهل يوجد له عدل؟ بعبارة اخرى: الظهور في الاستقلال اسبق من الظهور في الانحصار.

وبعبارة اخرى: ان العطف بـ " الواو " يعني اجزاء، والاجزاء تكون بنفس الشرط، يعني نفس المقدم، بينما المقدم الآخر يكون بعد تسليم الاول، حينها تسأل، بعد التشخص والتعين تأتي الأمور الاخرى.

هناك تقدم رتبي بين تعيّن الشرط وتشخصه وبين كونه سببا مستقلا وتقدم أحد الاطلاقين رتبة يقوي تقديمه وتقييد الآخر به، فهو سابق له، فالتقديم اوّليّة لا أولوية.

اشكال ودفع:

ذكر بعض الاساطين ان التقدم الرتبي لا يفيدنا في تقديمه وتقييد الآخر به، لان الموجب لرفع اليد عن الاطلاقين انما هو العلم الاجمالي بعدم إرادة احدهما، والعلم الاجمالي تتساوى كفتاه. ومن الواضح ان نسبة العلم الاجمالي إلى كليهما على حدّ سواء – الظهور في الاستقلال والظهور في الانحصار -، فلا موجب لرفع اليد عن احدهما بخصوصه.

والدفع: إن التقدم الرتبي هو بقوة التقدم الموضوعي، فظهور المتقدّم الرتبي له اوّلية [1] على المتأخر فيقدم عليه مما يجعل العلم الاجمالي ينحل إلى ظهور أوّلي في احدهما دون الآخر.

     عدم اختلاف الاصوليين في طرد الشرط أو الجزء المشكوك بعد انطباق العنوان، مثلا: لو قلت: " اعتق رقبة " وشككت انها رقبة مؤمنة أو من أهل الكتاب. اقول: هذه رقبة ينطبق عليها رقبة، باطلاق رقبة اطرد الشرط المشكوك.

فلو شككنا في وجود جزء آخر بعد انطباق العنوان، نطرد الشك باصالة الاطلاق مما يعني أن الظهور في الاستقلال لا خلاف فيه. ولكنهم اختلفوا في الجمع بين المفهوم والمنطوق عند احتمال وجوب سبب كامل آخر، مما يعني ان الظهور في الاستقلال اقوى من الظهور في الانحصار.

في المسألة الاولى لا أحد يرفض طرد أو الجزء الشرط عند الاحتمال مما يعني أن الظهور في الاستقلال قوي، في مسألتنا أي عند الشك في وجود سبب آخر وقع الخلاف.

إذن الظهور بالاستقلال اقوى من الظهور في الانحصار ولذلك نقول أن العرف يجمع بين السببين بـ " أو " لا بـ " الواو ".

هناك قول ثالث وهو أن هناك قدر مشترك بينهما لا " أو " و لا " واو " وهو ما ذهب اليه صاحب الكفاية (ره) الكلي الجامع هو السبب الحقيقي لوجوب التقصير لان الواحد لا يصد الا عن واحد. وسنبيّن انه عمليا لا فرق بينه وبين الجمع بـ " أو ".


[1] في حاشية الملا عبد الله ذكر أن الكلي المشكك له افراد، تتفاوت لأوَّليّة أو لأولوية. لأولية يعني الاسبقية. مثلا: الأب متقدم على الإبن، ايهما اقوى وجودا الأب أو الإبن؟. فنسبة الوجود إلى الأب كنسبته إلى الإبن، لكنهما يتفاوتان بالأوّليّة، وذلك لاسبقية الأب على الابن. نقول: الأب اقوى وجودا لانه سابق بأولية على الإبن. أما الاولوية شخص يكون اولى بالعطاء لانه افقر من غيره، وهنا لا توجد اسبقية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo