< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/02/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: من فروع مسائل الجملة الشرطية، تعدد الشرط واتحاد الجزاء.

     إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء: فتارة لا يصح تكرار الجزاء كما لو ورد: إذا خفي الاذان فقصر، وإذا خفيت الجدران فقصر.

     المسألة من الجمع العرفي، في حال عدم وجود دليل من خارج على كيفية الجمع.

     التنافي هو بين منطوق إحدى الروايتين ومفهوم الأخرى.

     تعدد الشرط لا يسقط المفهوم في نفي الاسباب الأخرى، أو نفي الاجزاء الأخرى للشرط، نعم قد يوهن أو يضعف قوة هذا الظهور.

     حلّ التنافي يكون برفع اليد عن أحد الظهورين في المفهوم في خصوص حصة المنطوق المعارض، وذلك بالعطف بين الشرطين – أي مقدمة الجملة الشرطية – بـ " أو " أو بـ " الواو ".

فها هنا حالتان:

الاولى: عدم صحة تكرار الجزاء كما في قولنا: " إذا خفي الاذان فقصر "، " وإذا خفيت الجدران فقصر " الشرط متعدد وهو خفاء الجدران، والجزاء واحد وهو وجوب التقصير، ونحن نعلم ثبوت وجوب واحد للصلاة من دليل خارجي.

الثانية: إمكان تكرار الجزاء وصحته كما في قولنا : " إذا اجنبت فاغتسل " و " إذا مسست ميتا فاغتسل " .

في الحالة الاولى: وهي إذا خفي الاذان في حال السفر يبدأ التقصير من حد الترخص وهو إذا خفي الجدران وخفي الاذان. عندي شرطان لحد الترخص، فهل يكفي احدهما أو لا بد من اجتماعهما؟.

هناك نقطة مهمة في كل مباحث الالفاظ: ان مباحثنا في حال لم يأت دليل من الخارج على الجمع أو عدم الجمع، وحينئذ ماذا يقتضي ظهور الالفاظ؟ وماذا يقتضي الجمع العرفي؟

الظاهر ان هناك تنافيا بينهما، فيقع التنافي بين مفهوم احدهما ومنطوق الاخرى، فانه لا تنافي بين المنطوقين، إذ أن منطوق الاولى هو التقصير مطلقا عند خفاء الاذان، ومنطوق الثانية هو التقصير مطلقا عند خفاء الجدران، وهذان الاطلاقان لا تنافي بينهما لاختلاف موضوعهما.

كذلك لا تنافي بين المفهومين [1] ، فان مفهوم الاولى الحكم بعدم وجوب التقصير مطلقا عند خفاء الاذان، ومفهوم الثانية هو الحكم بعدم وجوب التقصير مطلقا عند خفاء الجدران ولا تنافي بين المنطوقين، ولا تنافي بين المفهومين.

نعم التنافي يقع بين منطوق إحداهما ومفهوم الاخرى، إذ ان منطوق الاولى هو ثبوت وجوب التقصير عند خفاء الاذان، ومفهوم الثانية نفيه، وهكذا العكس.

المسألة من باب الاستظهار العرفي وليست من باب الاصل العملي.

إن بحث المسألة هو من باب الظهورات اللفظية عند التنافي قبل ان تصل النوبة إلى الاصل العملي حيث اننا نبحث عن مسلك أهل العرف اللغوي عند تعارض المنطوق مع المفهوم الآخر، وهذا على خلاف بعض الاساطين الذين حلّوا المسألة عن طريق الاصل العملي. إذن نحن نبحث بداية عن الظهور عند أهل اللغة، أي نبحث عن الجمع العرفي، وإذا جمع بينهما بأي كيفية؟.

تعدد الشرط لا يسقط المفهوم:

بعضهم اعتبر ان مجرد ورود شرط آخر يسقط المفهوم، ما السبب في ذلك؟

المفهوم يرتكز على ثلاثة امور: اولا: ظهور المنطوق في الاستقلال. ثانيا: ظهور المنطوق في الانحصار. ثالثا: في توقف المسبب على السبب باي انحاء التوقف وليس الضروري ان يكون علّة ومعلولا. الجملة الشرطية لا يتم لها المفهوم إلا إذا تم في المنطوق هذه الامور.

قالوا: اذا كان المنطوق ظاهرا في الانحصار مثلا إذا كان المجيء سببا منحصرا لوجوب الاكرام، ثم إذا جاءت رواية ثانية مثلا إذا درس زيد فاكرمه، هذا يعني ان الانحصار سقط، وإذا سقط الانحصار سقط المفهوم وانتفى التعارض.

هل يسقط المفهوم بورود شرط آخر؟ نقول انه لا يسقط لان الجملة الشرطية ظاهرة في استقلال المقدم في السببية وانحصار السبب فيه، ومع وجود شرط آخر لا يتحقق الانحصار ولذا قال بعضهم بسقوط المفهوم مع وجود رواية أخرى بسبب آخر.

إلا أن هذا الكلام غير تام، إذ أن ظاهر العرف هو بقاء المفهوم في نفي الاسباب الاخرى، ولا مانع من وجود أكثر من سبب مستقل. نعم الظهور في عموم نفي الاسباب الاخرى قد يضعف، لكنه لا ينتفي. إذن وجود شرط آخر لا يعني ابدا سقوط المفهوم من اساسه، يبقى المفهوم وعليه يبقى التنافي بين مفهوم احداهما ومنطوق الآخر.

حلّ التنافي: يكون حلّ التنافي بأحد أمور:

احدها: رفع اليد عن اطلاق المنطوقين، وهذا لا دليل عليه إذ الضرورات تقدر بقدرها، وقد بينا ان الاطلاقين غير متعارضين.

ثانيا: رفع اليد عن المفهومين، وهذا لا دليل عليه كسابقة وقد بينا ان المفهومين غير المتعارضين.

ثالثا: رفع اليد عن مفهوم احدهما مطلقا أو منطوق احدهما مطلقا ايضا وهذا ايضا لا دليل عليه.

رابعا: ان نرفع اليد عن ظهور احد المفهومين في خصوص حصة المنطوق المعارض، وهذا ما سنستظهره من الجمع العرفي في هذه المسألة. وهو الذي نتبناه.

المختار:

هو الاخير، ذلك أن الجملة الشرطية ظاهرة في استقلال المقدّم في السببية وانحصار السبب فيه، وهو ما يؤدي إلى دلالة التزامية على المفهوم باللزوم البين بالمعنى الاخص.

ولذا يكون الحل إما برفع اليد عن الظهور في الاستقلال، أو عن الظهور في الانحصار، أي إما أن نجعل بين السببين المتقدمين حرف " أو " وإما حرف " واو "

بيانه: إذا رفعنا اليد عن الظهور في الاستقلال يكون كل من المتقدمين جزءا من السبب، فيكون التعبير بقوة قولنا: " إذا خفي الاذان وخفيت الجدران فقصّر" وبهذا لا يكون خفاء الاذان سببا مستقلا، وكذا خفاء الجدران، وإذا رفعنا اليد عن الظهور في الانحصار يكون كل من المقدمين سببا مستقلا، ويكون الامران بمثابة قولنا: " إذا خفي الاذان أو خفيت الجدران فقصر" وبهذا لا يكون احدهما سببا منحصرا.

إذن: حل التنافي يكون برفع اليد عن احد الظهورين في المنطوق: إما الاستقلال أو الانحصار، فايهما اقوى ظهورا ويكون الآخر اولى بالرفع؟ نكمل غدا إن شاء الله تعالى.


[1] مرادنا من المفهوم ليس هو ما يفهم من اللفظ أي أسم مفعول من فهم فهذا هو المعنى اللغوي، مرادنا هو المعنى الخاص أي المصطلح الاصولي للمفهوم، وهو اللازم البين بالمعنى الاخص للمنطوق، اما اللازم البين بالمعنى الاعم مثل الدلالات الثلاثة: الاقتضاء والتنبيه والاشارة، فليست من المفاهيم. كما ان اللوازم التي تكون بالاستدلالات ليست من المفاهيم بالمعنى الاصطلاحي الخاص.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo