< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/08/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفاهيم

     المختار: الجملة الشرطية لها مفهوم باطلاق الاشتراط، أي بقرينة الحكمة.

     تطبيقات.

     ليس من التطبيقات آية النبأ في الاستدلال على حجية الخبر، ولذا عدل بعضهم في الاستدلال بالآية إلى مفهوم الوصف.

نقول ان المختار في مسألة مفهوم الشرط ان الشرط له مفهوم.

بعد هذه المقدمات نقول: ان ظاهر الجملة الشرطية هو ترتب الجزاء على الشرط بمطلق انحاء الترتب ومهما كان سببه، وظاهره الانحصار، اي انحصار موجب ثبوت الجزاء على الشرط لاطلاق الاشتراط. فان الاشتراط مطلق ولو كان مقيّدا بشرط آخر لوجب على الحكيم بيانه. مثلا إذا كان المسؤول في مقام بيان وسألت متى اقصر الصلاة؟ فقال: إذا خفي الاذان فقصر. المفروض من الحكيم في مقام البيان ان يبين كل نواحي الموضوع ولو كان هناك سبب آخر لوجب عليه ان يبيّنه، لو كان سبب آخر اشتراكا أو استقلالا، يعني بالواو أو بـ أو مثلا: إذا خفي الاذان وخفيت الجدران فقصّر فهذا اشتراك، أي ان خفاء الجدران وخفاء الاذان جزء من الشرط، اما لو كان العطف بأو فكل منهما سبب مستقل. يريد ان يبين السبب المتوقف عليه، ما هي العلّة التامة، او المناط في وجوب القصر وهو خفاء الجدران. فلو اقتصر على خفاء الجدران فقط فمعناه هو هذا الشيء الوحيد المتوقف عليه ولا يوجد سبب آخر متوقف عليه على نحو الاشتراك أو الاستقلالية. فلما كان الحكيم في مقام البيان وجب عليه ان يبيّن تمام المتوقف عليه – تمام الشرط-، ولما كان الشرط غير مقيّد لا بـ واو أي ليس جزء السبب بل تمامه ولا بـ أو أي هو منحصر فيه، أي انه هو السبب الوحيد المتوقف عليه فإذا انتفى انتفى الجزاء. فلا شك ان للجملة الشرطية مفهوم.

لا يقال: ان الاشتراط معنى حرفي والمعنى الحرفي جزئي فكيف يمكن تقييده؟

فانه يقال: ان الجزئي يمكن ان يقيّد، نعم لا يمكن ان يخصص.

والفرق بين التقييد والتخصيص على ما هو المفروض ان يكون اصطلاحا : هو ان التخصيص المقابل للعموم يكون بحسب الافراد أي اخراج بعض الافراد عن الحكم ولذا لا يمكن للفرد ان يخصص، اما التقييد المقابل للاطلاق فهو بحسب الاحوال والازمان فلا مانع من تقييد الفرد.[1]

إذن الشرط له مفهوم لكن بقرينة الحكمة ولذلك يمكن ان يقيّد ويمكن ان يكون قرينة على خلافه، مثلا: إذا خفيت الجدران فقصّر، هذه الجملة لها مفهوم، إذا لم تختف ينتفي وجوب القصر، وهذا ظاهر في ان هذا هو المناط الوحيد المتوقف عليه، فإذا جاءت رواية اخرى إذا خفيت الجدران فقصّر حصل تعارض بين مفهوم هذه ومنطوق تلك.

هناك بعض التطبيقات: الكثيرون من القدماء وغيرهم جعلوا من تطبيقات مفهوم الشرط بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [2] قالوا مفهومها " ان لم يأتكم فاسق لا يجب عليكم التبين. استدلوا بها على الاخذ بخبر الواحد الثقة بهذه الآية، بمفهوم الشرط.

نقول: هل هذا مفهوم شرط او لا؟ هل الجملة هنا لها مفهوم أو لا؟ بعبارة اخرى: هل المفهوم هنا سالبة بانتفاء الموضوع؟ هل هي مسوقة لبيان الموضوع؟

نقول: اولا ان هذه الجملة هنا من قبيل: " ان جاءك ولد فاختنه " هل لها مفهوم؟ ليس لها مفهوم لان لا معنى ان نقول " إذا لم يأتك ولد فلا تختنه " لانها مسوقة لبيان الموضوع، ويعبر عنها ايضا سالبة بانتفاء الموضوع. ومثلا: ﴿ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا ﴾ [3] فإذا لم يردن تحصنا انتفى موضوع الاكراه، يعبرون عنها انها قضية مسوقة لبيان الموضوع، ويعبرون احيانا بانها سالبة بانتفاء الموضوع. هل الآية المستدل بها على مفهوم الشرط من هذا القبيل؟ الظاهر ذلك، إذن هذه الآية ليست من تطبيقات مفهوم الشرط، ولذلك عدل بعضهم في الاستدلال بها على حجية خبر الواحد إلى مفهوم الوصف، يعني ان جاءكم عادل غير الفاسق، أي تحقق المجيء بنبأ لكن من غير فاسق.

ومن التطبيقات الصحيحة: " إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء " فإذا كان دون الكر يتنجس.

ومن التطبيقات: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ... ﴾ [4] في الآية شرطين على نحو الاشتراك: بلوغ النكاح والرشد.

ومن التطبيقات: ﴿وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ﴾ [5] في الآية عندما كان هناك اكثر من سبب، واكثر من متوقف عليه وجوب التيمم، المرض والسفر، والغائط، ولامستم النساء، عند هذه الشروط مع عدم وجود الماء فتيمموا، لما كان هناك شيء آخر يتوقف عليه وجوب التيمم بيّنه بـ أو، هذا الآخر استقلالا، المرض سبب مستقل، والسفر ولانه مستقل عبّر بـ أو، أي هو على نحو الاشتراك لا على نحو الاستقلال.

إلى هنا نكون قد انتهينا من مفهوم الشرط ونأتي إلى بعض فروع مفهوم الشرط كتداخل الاسباب وتداخل المسببات.

 


[1] ما الفرق بين العموم والاطلاق: مثلا: " اكرم العلماء " او " اكرم العالم " متى نقول انها عامة وهي تشمل جميع العلماء؟. ومتى نقول انها مطلقة؟ المعروف المتداول ان العموم ما كان الوضع، والاطلاق ما كان بقرينة قرائن الحكمة. فإذا كان الدال على الشمول هو الوضع " اكرم كل عالم " فهذا نسميه "عموم". وإذا كان الدال عليه قرائن الحكمة " اكرم العالم " المفرد المحلى باللام، فهذا نسميه "مطلق". الدال على الشمول ان كانت الدلالة بالوضع فهو عموم. وان كانت الدلالة بقرينة الحكمة فهو اطلاق. وفي اصطلاحنا الشمول ان كان شمولا للافراد فهو عموم بغض النظر عن الدلالة سواء كانت بالوضع أو بقرينة الحكمة. وان كان الشمول للحالات والهيئات والازمنة والمكان فهو اطلاق. فيمكن ان يكون المفهوم الواحد عاما ومطلقا، مثلا: " اكرم العالم " فبلحاظ شموله للافراد فهو عام، وبلحاظ شموله للهيئات والازمنة والامكنة فهو مطلق، ولذلك امكن ان يكون الفرد مطلقا، فزيد مثلا له حالات متعددة و ليس له افراد، فهو مطلق وليس عاما ولا يمكن ان يخصص نعم يمكن ان يقيّد. والاكرام يمكن ان يكون عاما.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo