< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/08/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن المعاملة:

     ادلة القول بدلالة النهي على الفساد في المسبب.

     الدليل الاول: المانع العقلي كالمانع الشرعي.

     الدليل الثاني: المنافاة بين المبغوضية والاعتبار، والتفصيل بين الاقتضاء العقلي والدلة العرفية.

     الدليل الثالث: روايات: ان لم يعص الله وانما عصى سيده.

واما في المسبب:

إذن في المسبب قيل: بعدم اقتضاء الفساد لان الكبرى التي اقتضت الفساد في العبادة وهي عدم امكان التقرب بالمبعد هنا في المعاملات غير موجودة.

ثانيا: قيل بدلالة النهي عن المعاملة على الصحة لانه لو كانت فاسدة لكانت غير مقدورة ولا يتعلق الامر والنهب إلا بالمقدور.

لكن قلنا ان النهي يتعلق بالمعاملات التي بين ايدينا ولا يتعلق بالصحيحة. بعبارة اخرى: نذكر بمبحث الصحيح والاعم، قالوا انها الالفاظ موضوعة للصحيح لان الله عز وجل لا يأمر إلا بالصحيح، قلنا في الجواب: انه هناك فرقا بين المطلوب وبين الموضوع له اللفظ. المطلوب غالبا يكون حصّة من الموضوع له من قبيل: اقول لك اتني بقمح، لفظ قمح موضوع للماهية وبالتالي يشمل كل قمح، لكن مرادي القمح الجيد، فالمطلوب هو القمح الجيد، مع ان الموضوع له هو مطلق القمح. ولذلك احتجنا لاصالة التطابق، أي التطابق بين المعنى المستعمل منه وبين المعنى المراد، ولذلك ذهبنا الوضع للأعم.

إذن النهي لا يدل على الصحة، لان النهي يتعلق بالمعاملة الموجودة بين ايدي الناس لا خصوص المعاملة الصحيحة، النهي تعلق بلفظ مطلق.

القول الثالث: دلالة النهي على الفساد في المسبب، وهذا الذي نؤيده، وهو انه إذا نهى عن بيع يعني ان البيع فاسد لكن دلالة – بالدلالة اللفظية العرفية – وليس بحكم العقل.

الدليل الاول بيناه امس وهو ان المانع الشرعي كالمانع العقلي. [1] في الاوامر تارة ادفعك بيدي للذهاب إلى المكان المعين، هذا دفع تكويني، تارة امرك بالذهاب إلى المكان الفلاني، هذا دفع اعتباري شرعي، والنهي كذلك، تارة امسكك حتى لا ترمي نفسك، هذا منع تكويني، وتارة اقول لك لا ترم نفسك فهذا منع شرعي اعتباري. قالوا ان المانع الشرعي كالمانع العقلي، فكما ان المانع العقلي يمنع من حدوث الممنوع كذلك المانع الشرعي يمنع من حدوث الممنوع، فإذا نهيت عن شيء يعني يمنع حصوله لكن اعتبارا وهذا هو معنى الفساد. إذا قلت لك لا تبع وقت النداء، البيع وقت النداء حرام، يعني البيع وقت النداء ممنوع فعله، ولما كان المانع العقلي يمنع حدوث الشيء الممنوع، فكذلك المانع الشرعي الاعتباري يمنع حدوثه. فالممنوع الشرعي معدوم، كما ان الممنوع العقلي معدوم، وهذا هو معنى الفساد. قلنا اننا لا نسلم بهذا الكلام إلا من جهة الدلالة اما عقلا نعم.

والجواب: ان الزجر ليس مانعا من الحدوث، بل يتعلق بما في ايدي الناس من صحيح أو فاسد.

فالزج ليس مانعا عقليا ولو كان مانعا لكان ارشادا إلى فساده، والبحث في المسألة هو النهي المولوي ودلالته على الفساد لا النهي الارشادي.

الدليل الثاني: ما ذكره في نهاية الاصول (تقرير بحث البروجردي).

" ان النهي عن المسبب يقتضي مبغوضيته، ومن المستبعد اعتبار الشارع لما هو مبغوص له، فالنهي الدال على المبغوضية يكشف عن عدم حكم الشارع بتحقق المسبب، ولا معنى للفساد والبطلان إلا هذا.

فإذن الدليل الثاني هو التنافي بين المبغوضية والاعتبار، والجواب: لا تنافي فيمكن للشارع ان يبغض ما هو معتبر، كالطلاق الذي هو مبغوض ومعتبر في آن واحد.

واجيب: بعدم المنافاة بين المبغوضية التكليفية واعتبار الشارع وضعا، ومجرد الاستبعاد لا يكفي في الدلالة.

ونجيب نحن: إلا ان الحق وجود المنافاة عرفا ولا عقلا [2] ، وذلك إما للكشف عن مفسدة في المتعلق، او للكشف عن عدم وجود مصلحة فيه، او للشك في عالم الاثبات في وجود مصلحة مع النهي كما بينا سابقا.

عندما ينهي عن شيء اشك في وجود مصلحة، والامر لا بد فيه من وجود مصلحة، بل الاعتبار لا بد فيه من مصلحة. قلنا في الجعل انه هناك مراحل: اقتضاء، وانشاء، وفعلية، وتنجيز. مرحلة الاقتضاء لا بد منها في الاعتبار سواء كانت في التكليف أو في الوضع. فعند النهي اشك في وجود مصلحة كـ " حرم البيع وقت النداء " اشك في وجود مصلحة لوجود المبغوضية. ومع الشك في وجود مصلحة يعني الشك في الاقتضاء، ومع الشك في الاقتضاء لا يوجد اعتبار، الاعتبار فرع الاقتضاء.

فرحلة اعتبار المعاملة تبدا من عالم الاقتضاء، وهو عالم الملاكات والمصالح والمفاسد لينتقل بعد ذلك إلى عالم الانشاء والاعتبار. ومع الشك في المرحلة الاولى لمكان النهي والمبغوضية كيف انتقل إلى المرحلة الثانية؟!

ولعلّ هذا السبب في الدلالة العرفية على الفساد، والعرف ببابك.

بعض الاخوان قال هل من المعقول ان الله ينهى عن شيء ويعتبره صحيحا وتاما. للوهلة الاولى هذا صحيح، نعم العرف يخصص كما في الظهار فالمفروض ان يقع باطلا لولا الدليل الخاص على صحته كما في بعض الروايات: " لا لا يقع الظهار إلا .....

لو كان الفساد بحكم العقل فلا يمكن تخصيصه، لان حكم العقل لا يخصص، بخلاف الدلالة العرفية.

الدليل الثالث: الروايات السالفة الذكر:" انه لم يعص الله وانما عصى سيده " فإذا اجازه فهو له جائز.

وقد مرّت دلالة هذه الروايات والاشكال على الدلالة واجوبة الاشكالات. السيد الخوئي (ره) قال: ان هذا معناه العصيان الوضعي وليس العصيان التكليفي، انه لم يعص الله أي لم يفعل امرا غير مشروع بل عصى سيده. ونحن اجبنا ان العصيان واحد وهو عصيان تكليفي.

وغدا ان شاء الله نتعرض للتطبيقات.

 


[1] اجزاء العلّة اربعة: المقتضي، وعدم المانع، والشرط، والمعد. كالنار والاحراق. الاحراق معلول لعلّة تامة إذا لم تتم العلة لا يتم المعلول. المقتضي في العلّة هو وجود النار ولذلك اعتبروه الجزء الاهم، والمعد هو وجود الخشب، والشرط هو تماس النار مع الخشب، والمانع هو رطوبة الخشب. والعلة قد تتقسم بحسب اجزائها: المقتضي، وعدم المانع، والشرط، والمعد. وتارة نقسمها بحسب اصنافها: العلّة الصورية، والعلة الغائية، والعلة الفاعلية، والعلة المادية.
[2] الفرق بين المنافاة العرفية والعقلية: في المنافاة العقلية لا يمكن اختراقها، العقل لا يخصص. اما في المنافاة العرفية يمكن تخصيصها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo