< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن المعاملة:

     النهي عن المسبب والاقوال فيه.

     القول الاول: عدم الملازمة بين النهي والفساد، ودليله عدم المنافاة بين المبغوضية والتحقق.

     القول الثاني: دلالة النهي على الصحة، ودليله: عدم امكان تعلق النهي بالفساد لانه كالمعدوم، فهو غير مقدور، ولا يتعلق النهي بغير المقدور. وجوابه ان النهي تعلق بما في ايدي الناس.

     القول الثالث: الدلالة على الفساد: وادلته: 1) المانع الشرعي كالمانع العقلي.

واما في المسبب:

قلنا انه في المعاملات ثلاثة امور: السبب الذي هو الصيغة، والمسبب الذي هو الحالة، والاحكام الذي هو الآثار ما بعد الحالة. اما السبب قلنا انه لا اظن ان احد يحرم السبب كسبب أي ان تحرم الصيغة إلا ما يمكن ان يتوهم في الخمر لانه لعن الله بائعها وشاربها وساقيها إلى آخره، لكن ذكرنا ان المراد من البيع في الحديث هو المسبب لا السبب.

اما في المسبب الذي هو الحالة التي نشأت عن الصيغة، فقد اختلفت اقوال الاصوليين:

    1. عدم الملازمة بين النهي والفساد في المعاملات، المعاملات كلها النهي لا يلازمه الفساد لا اقتضاءا ولا دلالة، وبه قال المحقق البروجردي (ره) بل هو الاكثر بين المتأخرين، ودليلهم انه لا منافاة بين مبغوضيته وتحققه، إذ لا يشترط فيها قصد القربة فلا تتحقق الكبرى: لا يمكن التقرب بالمبعد. فلا مانع من صحته مع كونه مبغوضا. بعبارة اخرى: اما الكبرى: لا يمكن التقرب بالمبعد لو اثرت اثرها وانطبقت على العبادات فهي لا تنطبق على المعاملات. إذن ليس لدينا اقتضاء عقلي ولا دلالة عرفية على الفساد. النهي المولوي نستكشف منه الاثم والمبغوضية لكن هل معناه الفساد؟ من قبيل إذا قال الظهار حرام او العقد في الاحرام منهي عنه ومحرّم، عندما حرم لا مانع من وقوعه، ينعقد ولكن انت ارتكبت محرما وكثبت اثما ولكن العقد قد تمّ، فرق شاسع بن العقد في الاحرام والعقد في العدّة أو العقد على المتزوجة. العقد على المتزوجة من اساسه باطل، لم يتحقق من اساسه، اما العقد في الاحرام فيحتاج إلى دليل على البطلان.

إذن ملخص الذي قيل انه لا ملازمة بين المبغوضية والتحقق فلا مانع من الصحة.

    2. دلالة النهي على الصحة في المعاملات، وذهب اليه صاحب الكفاية (ره) والسيد الخميني (ره) والشهيد الصدر (ره)، كما نقل صاحب الكفاية ذلك عن ابي حنيفة والشيباني.

ودليلهم: ان النهي زجر عن اتيان المبغوض، فلو كانت المعاملة فاسدة فكيف يمكن النهي عن اتيانها، وهل يكون النهي حينئذ إلا زجر عن المعدوم، وبالتالي يتعلق بغير المقدور. وبعبارة اخرى: لا يكون المسبب مقدورا إلا إذا كان السبب نافذا، فتحريم المسبب كالبيع وقت النداء يستلزم نفوذ المسبب وصحة المعاملة. وبعبارة اخرى: دليلهم ان الشيء إذا لم يكن موجودا لا يمكن تعلق النهي به، إذا لم يكن صحيحا لا يمكن تعلق النهي به، يفترض ان تكون المعاملة موجودة حتى يمكن تعلق النهي او الامر بها، اي يمكن ايجادها، اذا كان لا يمكن ايجادها كيف يتعلق النهي بها؟!

وناقش فيه المحقق النائيني (ره): بان المنهي عنه والمأمور به هو المعاملة العرفية ففي " اوفوا بالعقود " وجوب الوفاء يتعلق بالعقد العرفي وليس بالعقد الشرعي، وهكذا النهي في قوله تعالى: " حرّم الربا " فالتحريم تعلق بالربا العرفي، وهو الموجود بين ايدي الناس، هذا موجود يتعلق الامر به أو النهي به، وهذا هو المراد من النهي، فإذن لا يدل على الصحة، العقل يحكم بان الشارع الحكيم لا يطلب إلا الحصة الصحيحة من المفهوم. وقد بينا سابقا في بحث الصحيح والاعم الفرق بين المأمور به ومتعلق الامر. او بعبارة اخرى اكثر وضوحا: بين المطلوب وبين الموضوع له اللفظ.

إذن نفس النهي لا يدل على الصحة. والصحة تحتاج إلى دليل آخر.

لزوم الدور او اخذ المتقدم في المتأخر: ثم انه لو كان الربا الصحيح هو متعلق النهي للزم اخذ نتيجة تعلق النهي وهو الصحة في متعلقه، وهذا دور محال، او لزوم اخذ المتقدم في المتأخر.

فلو كان النهي لا يتعلق إلا بالصحيح، فإذن الصحة موجودة في المتعلق سلفا ثم اقول ان النهي يدل على الصحة، يعني اخذنا الصحة وقع الدور واخذ المتقدم في المتأخر.

لكن يمكن الايجابة عن هذا الاشكال بان الصحة لا تتوقف على النهي، بل الدلالة عليها تتوقف عليه، فلا دور ولا يلزم اخذ المتقدم في المتأخر.

والخلاصة ان متعلق الحكم هو نفس المعاملة العرفية والصحة لا بد لها من استدلال آخر.

    3. القول الثالث: دلالة النهي على الفساد في المسبب. هذا الذي انا ارجحه دلالة لا اقتضاءا.

ودليلهم:

الدليل الاول: إن المانع العقلي يمنع عن حدوث الشيء، فكذلك المانع الشرعي، ومن شؤون النبوة ان الاشياء التي لا يدركها العقل يتدخل الشرع كي يدل عليها، ولهذا وجبت النبوة عقلا، إننا لا نعرف كل شيء في الدنيا لا المصالح ولا المفاسد، " ان دين الله لا يصاب بالعقول ".

توضيح: المطلوب تارة احققه تكوينا، وتارة يحكم العقل به، ومع انتفائهما يتدخل الشارع ويقول ان هذا الفعل حرام، فالتحريم منع لكنه منع اعتباري لا تكويني.

قالوا ان المانع العقلي كالمانع الشرعي يمنع عن حدوث الشيء فالنهي يوجب خروج متعلّقه عن سلطة المكلف، وبالتالي خرج عن قدرته شرعا واعتبارا، فلا يستطيع المكلف ايجاده.

والخلاصة: المانع الشرعي كالمانع العقلي. وقد ذكر هذا الوجه في فوائد الاصول (تقريرات النائيني).

والجواب: غدا نكمل ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo