< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن المعاملة:

     تكملة التعليق على كلام السيد الخوئي (ره).

     اثبات ان الاجازة شرط في التأثير لا في الصحة بالمعنى الاصولي.

     في المعاملة ثلاثة اشياء: السبب والمسبب والاثر.

نعود لكلام السيد الخوئي (ره) فإذا اردنا ان نوجه كلامه توجيها سليما، نقول: ان مراده من الصحة هو الصحة بالمعنى الفقهي لا بالمعنى الاصولي. الصحة بالمعنى الفقهي بمعنى ثبوت الآثار وهي وجوب الاعادة والقضاء في العبادة والاثر كانتقال الملكية في المعاملة، الفساد بالمعنى الفقهي بمعنى عدم الآثر. اما الصحة بالمعنى الاصولي ان يكون تام الاجزاء والشرائط.

ولذلك نقول: الاجازة هي شرط في الصحة بالمعنى الاصولي لا في التأثير، بهذا المعنى لا يقع العقد الفضولي فاسدا، عقد العبد لنفسه من دون اذن سيده ايضا لا يكون فاسدا. إذا ميّزنا في الصحة بين المعنيين يتوضح كلام السيد الخوئي (ره) [1] ، ولذلك قلنا ان كلام السيد يصب إلى حد كبير في ما قلناه بان النهي إذا كان عن المعاملة بذاتها، بعنوانها، يدل على الفساد دلالة أي عرفا لا اقتضاءا، نعم إذا كان بعنوان آخر لا يدل على الفساد.

ثم ان ما ذكره السيد (ره) في اكثر من موضع يصب في ما قلناه من كون تعلّق النهي بعنوانه يدل على الفساد دون ما لو تعلّق بعنوان آخر. ومثاله في ما ذكره: فيكون المتحصل من الروايات هو أن عصيان العبد بنكاحه لسيده من دون اذنه لو كان ناشئا من مخالفة نهي متعلق بذلك النكاح من حيث هو في نفسه لما فيه من المفسدة المقتضية لذلك لاوجب ذلك فساده لا محالة كالنهي عن النكاح في العدة أو عن النكاح الخامس، وهكذا، وذلك لان متعلق هذا النهي مبغوض للشارع حدوثا وبقاءا، لفرض استمرار مفسدة المقتضية للنهي عنه، وهذا بخلاف عصيان العبد الناشئ من مخالفة النهي عن التمرد على سيده فإنه بطبيعة الحال يدور مدار تمرده عليه حدوثا وبقاءا، فإذا افترضنا أن سيده رضى بما عصاه ارتفع النهي عنه بقاءا، وعليه فلا يبقى موجب لفساده أصلا ولا مانع من الحكم بصحته. [2]

نكرر للتوضيح: الاجازة والرضا شرط في التأثير لا شرط في الصحة، والمراد من الصحة المعنى الاصولي.

ويشير السيد (ره) اشارة ثانية: وعلى الجلمة فلا نحتمل أن يكون تكلم العبد بصيغة النكاح بدون اذن سيده محرما شرعا، كما انا لا نحتمل ان اعتباره الزوجية في أفق النفس بدون اذنه من أحد المحرمات في الشريعة ومن هنا تكون النسبة بين توقف نفوذ العقد على إجازة السيد وبين صدور العقد من العبد عموما من وجه، فإنه قد يصدر العقد من العبد ومع ذلك لا يتوقف نفوذه على إجازة سيده كما إذا أوقعه لغيره،.... [3]

السيد (ره) يفرق بين حالتين: إذا اوقع العبد العقد لنفسه، وتارة العقد لغيره والثاني قطعا صحيح، لكن ما الفرق بين الحالتين؟ يقول انه لو عقد لغيره فلا يحتاج إلى اذن السيد لان اذن السيد لا يشمل هذا النوع من التصرف من العبد. لكن هذا الكلام ليس بصحيح لان العبد لا يتكلم إلا بإذن سيده، " العبد وما يملك لمولاه ". السيد (ره) اعترف ان لو عقد لغيره فالعقد صحيح، نعم يحتاج إلى إذن الغير ولا يحتاج إلى إذن السيد، اما إذا عقد لنفسه هذا من حق السيد.

الرواية الثانية ح 2 وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن موسى ابن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل تزوج عبده " امرأة " بغير إذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه، قال: ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما، وإن شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها، إلا أن يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا، وإن أجاز نكاحه فهما على نكاحهما الأول، فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فان أصل النكاح كان عاصيا، فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص الله، إن ذلك ليس كإتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه. ورواه الصدوق بإسناده عن موسى ابن بكر مثله. [4]

من حيث السند، فيها موسى بن بكر، وهو لم يوثق صريحا، إلا اننا نقبل روايته لرواية، ابن ابي عمير عنه.

ومن حيث الدلالة قوله (ع): انما اتى شيئا حلالا، وليس بعاص لله، انما عصى سيده وليس بعاص لله ( أي ان النهي تعلق بالنكاح بعنوان آخر وهو عصيان السيد ) ان ذلك ليس كإتيان ما حرّم الله عليه من نكاح في عدة واشباهه والظاهر انه لكون النهي تعلّق به بعنوانه فيدل على الفساد دلالة لا اقتضاءا كما بيّنا.

بقية الاقوال في المسألة:

في المعاملة ثلاثة امور: السبب وهو نفس العقد او الايقاع، مثل الصيغة: بعتك، انكحتك، انت طالق، ارجعتك.

والمسبب: وهو الوضع والحالة الناشئة من السبب، كالبيع والزواج والطلاق والارجاع.

الاثار: وهو الاحكام المنصبة على الموضوع كانتقال الملكية في البيع وجواز النظر والوطء في عقد النكاح، وثبوت العدّة في الطلاق وجواز النظر في الرجوع.

نعم كثير من الاصوليين في كتاباتهم يطلقون المسبب ويقصدون به الاثر. يقولون مثلا ان المسبب هو الملكية في البيع وجواز الوطء في عقد النكاح أو جواز النظر أو وجوب النفقة.

اما في السبب: وهو الصيغة، فلا اجد موردا في الشريعة يحرّمه بما هو فهو مجرد انشاء، إلا بعنوان البدعة. إلا ما قد يتوهم من بيع الخمر لقوله (ع) " لعن الله زارعها وساقيها وبائعها .... " إلا ان المراد هنا هو المسبب لا البيع السببي.

واما في المسبب: فقد اختلفت اقوال الاصوليين على اقوال نذكر منا ثلاثة. نكمل غدا ان شاء الله.

 


[1] إشكال من احد الطلبة: الاجازة لها دخالة في مفهوم العقد، لان العقد ارتباط بين ارادتين، وقبل الاجازة لا يكون المالك مريدا؟ واجاب السيد الاستاذ بما حاصله: ان البائع الفضولي كان نائبا عن المالك، فالطرف الآخر موجود ولكن شأنا والعقد موجود إنشاءا، نعم يحتاج تفعيل ارادة المالك لاذنه. ولذا اشترطنا في صحة عقد الفضولي نوع علاقة بين البائع والمبيع، وإلا فسد العقد لعدم اعتباره عقدا عرفا حينئذ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo