< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن المعاملة:

     الفرق بين العصيان التكليفي والعصيان الوضعي.

     الفرق بين عقد العبد لنفسه وعقده لغيره.

     الرضا شرط في التأثير في الصحة (بالمعنى الاصولي).

     لتصحيح كلام السيد الخوئي (ره) نقول: مراده الصحة هو المعنى الفقهي.

نكمل الكلام في الاستدلال على ان النهي عن المعاملة يقتضي فسادها برواية ان العبد عندما يتزوج بغير اذن سيده، قال الامام (ع) انه لم يعص الله ولكنه عصى سيده، عندما قالوا له ان ابراهيم النخعي وابن عيينة يقولون ان النكاح فاسد من اصله لانه عصى، فقال الامام (ع) النكاح صحيح لانه لم يعص الله ولكنه عصى سيده. والاستدلال تم انه عندما لم بعصي الله عز وجل فالنكاح صحيح. استدل بهذه الرواية المعتبرة سندا على بطلان المعاملة إذا تمّ النهي عنها.

السيد الخوئي (ره) ردّ الاستدلال ونختصر الردّ: انه العصيان في قوله (ع): لم يعص الله العصيان الوضعي لا العصيان التكليفي.

العصيان الوضعي هو ارتكاب ما ليس مشروعا، العصيان التكليفي هو ارتكاب ما فيه إثم:

العصيان الوضعي بمعنى ارتكاب ما ليس مشروعا، فمثلا: الطلق على غير السنّة مثلا في الدورة الشهرية هذا عصيان وضعي ليس في ارتكابه إثم لكن الطلاق باطل، لم يقع صحيحا. فالحرمة الوضعية هي الفساد. ومثلا: عقد الربا حرام يعني فاسد، وبيع الميتة حرام يعنى البيع فاسد لا انه يأثم بارتكابه، بينما لو بعت الخمرة ففيه أثم والبيع باطل أي هناك حرمة تكليفية وحرمة وضعية، فساد وأثم.

ونعود السيد الخوئي (ره) قال ان العصيان هنا هو عصيان وضعي لا عصيان تكليفي.

يقول (ره): اما السبب في ذلك: والسبب في ذلك هو ان النكاح المزبور بما أنه مشروع في نفسه في الشريعة المقدسة لا يكون مانعٌ من صحته [1] ونفوذه

ولتصحيح كلام السيد الخؤئي (ره) نقول: المراد من الصحة تارة المعنى الفقهي وتارة المعنى الاصولي، والمعنى الفقهي هو ترتب الاثر في العبادة من عدم وجوب الاعادة والقضاء، وفي المعاملة من جواز الوطء في النكاح وانتقال الملكية في البيع وغير ذلك، وحبنئذ يكون الرضا شرطا في الصحة، بمعنى التأثير أما إذا كان المراد من الصحة الاصولي، وهو تمامية الاجزاء والشرائط، فالرضا حينئذ هو شرط التأثير لا في الصحة.

بمقتضى العمومات الا عدم رضا السيد به وعدم اجازته له فإذا ارتفع المانع بحصول الإجازة جاز النكاح [2] هذا من ناحية.

نكمل كلام السيد الخوئي (ره) :

ومن ناحية أخرى قد تقدم معنا في ضمن البحوث السالفة ان حقيقة المعاملات عبارة عن الاعتبارات النفسانية المبرزة في الخارج بمبرز ما من قول أو فعل أو كتابة أو نحو ذلك، ومن الطبيعي ان ابراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني في الخارج بمبرز ما ليس من التصرفات الخارجية ليقال انه حيث كان بدون اذن السيد فهو محكوم بالحرمة بداهة أنه لا يحتمل إناطة جواز تكلم العبد بإذن سيده، ومن هنا لو عقد العبد لغيره لم يحتج نفوذه إلى اذن سيده جزما فلو كان مجرد صدور العقد منه بدون اذنه معصية له فبطبيعة الحال كان نفوذه يحتاج إلى اذنه بمقتضى روايات الباب مع أن الامر ليس كذلك. [3]

السيد الخوئي (ره) ميّز اذن في مسألتين: تارة يعقد العبد لنفسه، وتارة يعقد لغيره. وإذا عقد لغيره قطعا لا يحتاج إلى اذن السيد، اما إذا عقد لنفسه لا حتاج إلى اذن السيد. لتوقفت عليه في الصورتين.

بتوضيح اخر: عندنا عقدان: العبد يعقد بشكلين: اما يعقد لنفسه أو يعقد لغيره. إذا عقد لنفسه يحتاج إلى اذن السيد، وإذا عقد لغيره لا يحتاج نفوذه إلى اذن السيد.

لكن الفرق بينهما واضح.

قلنا سابقا ان الحكم له اربعة مراحل: هناك مرحلة اقتضاء ومرحلة الانشاء، ومرحلة الفعلية ومرحلة التنجيز. وقلنا ان العقد او الامر أو النهي له مرحلة واحدة وهي الانشاء فقط، فعليته تحتاج إلى وجود الموضوع، وتأثيره يحتاج إلى اذن وهذه من حالات العقد والانشاء وليست نفس الانشاء.

إذن السيد شرط في تأثير نكاح العبد لان المسألة مرتبطة بالسيد وبإذنه، لكن اذن السيد ليس شرطا في تأثير نكاح الاخرين ، بل يحتاج إلى أذن الآخرين.

وفي النتيجة سنفسر ان هذه الرواية تدل على ان النهي عن المعاملة يقتضي فسادها اذا كان بعنوانها، والعصيان هنا عصيان مولوي وليس عصيانا وضعيا.

يقول السيد (ره): فالنتيجة في نهاية المطاف هي: انه لا مناص من القول بأن المراد من العصيان في الروايات العصيان الوضعي وعلى هذا الضوء فحاصل معنى الروايات هو ان النكاح لو كان غير مشروع في نفسه كما إذا كان العقد في العدة أو ما شاكل ذلك لكان باطلا وغير قابل للصحة أصلا. وأما إذا كان مشروعا في نفسه، غاية الأمر يتوقف نفوذه خارجا وترتب الأثر عليه على رضا السيد به فهو بطبيعة الحال يدور فساده مدار عدم رضاه به حدوثا وبقاء فإذا رضى صح ونفذ. [4]

وكما ذكرنا لا يصح كلامه (ره) ان الصحة هي بالمعنى الفقهي لا بالمعنى الاصولي، حيث يقول: " يدور فساده مدار عدم رضاه"، مما يعني ان مراده من الفساد عدم الاثر.

هذا كلام السيد (ره) وفيه: غدا نأتي بكلام السيد ونأتي بالدليل على ان المراد من العصيان العصيان المولوي لا العصيان الوضعي. وبهذا تكون الرواية دليلا على ان النهي عن المعاملة يقتضي فسادها.

 


[1] هذه العبارة لا تتم عنده إلا بالمعنى الفقهي، ولا تتم بالمعنى الاصولي. ونحن ذهبنا إلى ان الرضا شرط في التأثير لا في الصحة (بالمعنى الاصولي). احيان التعبير قد يؤدي توهمات.
[2] الاجازة عند السيد (ره) صححت النكاح، وللدقة نقول: انها حققت الاثر كما في كل عقد فضولي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo