< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن المعاملة:

     الاستدلال على دلالة النهي على الفساد الوسائل بالحديث الاول، ومحل الشاهد قوله (ع) "انه لم يعص الله".

     مناقشة الاستدلال.

     ذكر كلام السيد الخوئي في ان المراد من العصيان هو العصيان الوضعي لا التكليفي.

     بيان ان الرضا والاجازة شرط في التأثير لا شرط في الصحة.

وصلنا إلى المختار في مسألة النهي عن العبادة أو المعاملة ودلالته على الفساد. وقلنا ان لا فرق بين المعاملة والعبادة، من جهة الدلالة على الفساد أو اقتضاء الفساد، لا فرق بينهما، فانهما معا ان كان النهي قد تعلّق بنفس عنوان العبادة أو المعاملة فهو يدل على فسادها، وان تعلق النهي بعنوان أخر فلا يدل على الفساد. وقلنا ان الاليق هو عنونة المسألة بـ " دلالة النهي على الفساد وليس اقتضاء النهي الفساد "، لان الاقتضاء بحكم العقل والدلالة بحكم العرف. واستدلينا على ذلك بأمور ذكرناها.

ومما يمكن الاستدلال به على ما ذهبنا إليه بما ورد في النصوص المعتبرة بعضها صحيح وبعضها معتبر. في وسائل الشيعة ج 14 ص 523 كتاب النكاح ب 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء ح1: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده، فقال: ذاك إلى سيده إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك الله ان الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد، ولا تحل إجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: إنه لم يعص الله، وإنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جايز. ورواه الصدوق بإسناده عن ابن بكير، عن زرارة مثله. [1]

الرواية صحيحة سندا ومحل الشاهد في ان الباقر (ع) علل صحة العقد بان العبد لم يعص الله، مما يدل بالدلالة الالتزامية انه لو عصى الله لدلّ على البطلان.

هذا النص قد يقال انه دليل على ان النهي عن معاملة يقتضي فسادها أو يدل على الفساد لقوله:" انه لم يعص الله " بالمفهوم بالدلالة الالتزامية يعني انه إذا عصى الله كان النكاح باطلا. هذه الرواية وامثالها استدل بهما من يقول بان النهي عن المعاملة يقتضي الفساد.

وقد يناقش هذا الاستدلال كما في مناهج الوصول بان عصيان السيد عصيان لله شرعا لانه محرّم فكيف قال (ع): " انه لم يعص الله "؟

والجواب: ان هذا النقاش يصب في ما ذكرنا فان عصيان الله لم يتعلق بنفس النكاح، بل تعلق بعنوان آخر وهو عصيان السيد. وهذا يؤكد ما توصلنا اليه من انه إذا كان النهي بعنوان آخر لا توجد دلالة على الفساد.

وقد ناقش السيد الخوئي (ره) هذا الاستدلال وملخصه: بان العصيان انما " لم يعص الله " هو العصيان الوضعي وليس التكليفي. يعني اوجد نكاحا أي اوجد امرا مشروعا فلم يعص الله.

العصيان على قسمين: تارة عصيان تكليفي بمعنى عصيان النهي الذي يترتب عليه الثواب والعقاب، وتارة عصيان وضعي بمعنى فساد المعاملة.

وقد ناقش السيد الخوئي (ره) هذا الاستدلال بان المراد من العصيان هنا هو العصيان الوضعي – أي الفساد والبطلان – لا العصيان التكليفي. وعليه تخرج الرواية عن محل النزاع، لان محل النزاع هو النهي المولوي التكليفي فيقول في المحاضرات ج5 ص 51: فحاصل معنى الروايات هو ان النكاح لو كان غير مشروع في نفسه كما إذا كان العقد في العدة أو ما شاكل ذلك لكان باطلا وغير قابل للصحة أصلا. وأما إذا كان مشروعا في نفسه، غاية الأمر يتوقف نفوذه خارجا وترتب الأثر عليه على رضا السيد به فهو بطبيعة الحال يدور فساده مدار عدم رضاه به حدوثا وبقاء فإذا رضى صح ونفذ.

عبارة السيد (ره) ( غاية الأمر يتوقف نفوذه خارجا وترتب الأثر عليه على رضا السيد به فهو بطبيعة الحال يدور فساده مدار عدم رضاه به حدوثا وبقاء فإذا رضى صح ونفذ ). ان قوله (ره): " يدور فساده مدار عمد رضاه " غير دقيق، فان الرضا شرط في التأثير وليس شرطا في الصحة. هناك مسألة وهي: هل الرضا شرط في الصحة أو شرط في التأثير؟. نقول: هو شرط في التأثر. السيد الخوئي جعل الرضا شرطا في الصحة وهذا غير دقيق، الرضا شرط في التأثير وليس شرطا في اصل صحة العقد. بالدقة لا يقع العقد مؤثرا بدون اجازة المولى وليس صحة العقد، وإلا لو كان فاسدا من اساسه حينئذ لوجب اعادة العقد من جديد والا لكان من باب احياء الموتى.

اما السبب في ذلك فيقول (ره): والسبب في ذلك هو ان النكاح المزبور بما أنه مشروع في نفسه في الشريعة المقدسة لا يكون مانعٌ من صحته [2] ونفوذه بمقتضى العمومات الا عدم رضا السيد به وعدم اجازته له فإذا ارتفع المانع بحصول الإجازة جاز النكاح [3] هذا من ناحية. [4]

ومن ناحية أخرى... غدا ان شاء الله نكمل كلام السيد (ره)

 


[2] هذه العبارة غير سليمة، ذكر السيد (ره) الصحة، وقد قلنا ان الرضا شرط في التأثير لا شرط في الصحة. احيان التعبير قد يؤدي توهمات.
[3] الاجازة عند السيد (ره) صححت النكاح، هذا غير سليم الصواب انها صححت الاثر كما في كل عقد فضولي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo