< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي فسادها؟

     الاصل العملي في المسألة وتأخره عن الاصل اللفظي.

     في العبادات الاصل الفساد، لان الصحة تحتاج إلى ملاك.

     الملاك يستكشف باحد امرين.

نعود لكلام صاحب الكفاية (ره) في مقام الاصل: لا يخفى انه لا أصل في المسألة يعوّل عليه لو شك في دلالة النهي على الفساد. نعم، كان الاصل في المسألة الفرعية الفساد، لو لم يكن هناك إطلاق أو عموم يقتضي الصحة في المعاملة. واما العبادة فكذلك، لعدم الامر بها مع النهي عنها، كما لا يخفى. [1]

كلامه (ره) سليم في الشق الثاني، فلو فرضنا شككت في صحة الزواج المدني وجاء نهي عنه، وشككت ان هذا النهي يدل على الفساد، مثل أخر: نكاح الشغار ورد فيه النهي. ففي مقام الاصل اللفظي كما يقول صاحب الكفاية إذا كان هناك اصل لفظي ينقح صحة العقد نعمل به، ولا تصل النوبة إلى الاصل العملي إلا عند انتفائه، والاصل العملي حينئذ هو الفساد وعدم ترتب الاثر. وانا كان بالدقة اصالة الفساد غير عدم ترتب الاثر، فإذا كان الشيء فاسدا يلزمه عدم ترتب الاثر، هذا هو الاصل العملي، مثلا إذا شككت في صحة نكاح الشغار، تزوج اثنان بنكاح الشغار، وهذا النكاح منهي عنه، فاشك في الحكم، اشك في وجود الزواج، فاستصحب عدم ترتب الاثر أي كأنه لم يقع عقد اصلا، هذا الاصل العملي، إلا إذا كان هناك اصل لفظي مقدم عليه من قبيل " اوفوا بالعقود ". ولذلك قلنا ان الزواج المدني كعقد، عقد صحيح وان المشكلة هي في الآثار والاحكام وانها تدمر مجتمعات كاملة، ومثلا سندات الخزينة عقد اشك في صحته، إذا شككت في صحته اقول: هذا عقد و" اوفوا بالعقود " اصل لفظي وتشمله الآية الكريمة، فإذن الاصل العملي لا يجري إلا بعد عدم جريان الاصل اللفظي، لان الاصول اللفظية امارات.

نقول: لا شك انه مع وجود الاصل اللفظي من عموم أو إطلاق فهو المحكّم، إذ الاصل اللفظي امارة، ومع جريانها لا تصل النوبة إلى الاصل العملي، نعم الكلام في الاصل العملي.

والكلام تارة في الاقتضاء وتارة في الفساد.

اما في اقتضاء النهي الفساد، وهو ما يسمى بالمسألة الاصولية، فهي مسألة عقلية لا اصل فيها، فان العقل اما ان يحكم او لا يحكم.

واما في المسألة الفقهية، وهي فساد المنهي عنه، فالأصل العملي هو الفساد سواء كان في العبادة او المعاملة كما ذكر صاحب الكفاية.

والكلام تارة في العبادات واخرى في المعاملات.

اما في العبادات فالصحة تنشأ من وجود ملاك، خصوصا على قول العدلية ان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها، وبعضهم يقول في الجعل. انا اقول تارة في متعلقاته وهو الاغلب الاعم واحيانا في احكام الجعل. [2]

فإذا تم الملاك فلا تجب الاعادة في الوقت ولا القضاء خارجه، ونذكر بكلام صاحب الكفاية في مسألة الترتب حيث قال ان الترتب باطل لكنه صحح العبادة المزاحمة بالاهم بالملاك.

فإذا تم الملاك فلا تجب الاعادة في الوقت ولا القضاء خارجه، وهذا الملاك غير ثابت، ونحن لا نعرف المصالح والمفاسد " ان دين الله لا يصاب بالعقول " العلل نحن لا نعرفها، من اين نستكشف الملاك؟ ، نستكشف وجوده من احد امرين:

     اما وجود الامر الفعلي به، فان الامر به يكشف عن وجود ملاك كما سنبين لاحقا عند بيان معنى العبادة.

     واما من انطباق طبيعة المأمور به عليه، وان لم يكن به امر فعلي، كما ذهب اليه صاحب الكفاية (ره) عند رفضه للترتب، وذهابه إلى تصحيح العبادة بثبوت الملاك وان لم يكن امر فعلي به. ونحن قلنا بانه هناك امر فعلي بالاهم وانشائي بالمهم، والانشاء يكفي في تصحيح العبادة. وصاحب الكفاية قال بان الملاك يكفي في تصحيح العبادة، لذلك السيد الخوئي (ره) قال بانه ليس من المعلوم ان الملاك موجود بعد التزاحم، نحن قلنا للسيد الخوئي انه يسقط الامر وتسقط الفعلية لكن المصالح ما زالت موجودة.

ولذلك نقول ان الملاك يمكن ان يحرز بانطباق المأمور به الذي بات انشائيا وليس فعليا.

فإذن الملاك يثبت اما بوجود امر أو بانطباق المأمور به الانشائي وكلاهما مفقود، فإذا حرم صوم العيدين فمن اين نثبت وجود الملاك، مع عدم الامر الفعلي به لمكان تعلّق النهي، ومع عدم وجود عنوان مطلق مأمور به بالصوم كيف نطبقه على صوم العيدين، ذلك ان ليس المراد من الصوم المأمور به هو الصوم اللغوي، بل صوم خاص شرعي، وهو لا يشمل الصوم المنهي عنه.

نعم، قد يدّعي وجود امر فعلي لفظي بمطلق الصوم على القول بالحقيقة اللغوية، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [3] وكقوله (ص): صوموا تصحوا " فكأن المولى قال: صوموا ألا صوم العيدين.

 


[2] يذهب السيد الاستاذ ان الاحكام تابعة لمصالح ومفاسد في متعلقاتها غالبا، ولا مانع من تعلقها في الجعل احيانا كما في الاوامر الامتحانية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo