الموضوع: النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي فسادها؟

الصحة والفساد امران جعليان أو امران واقعيان؟.

قلنا الذي نراه انه في الاحكام الكلية هما جعليان سواء كان في العبادات او في المعاملات، اما في الاحكام الجزئية فهما واقعيان لان انطباق الكلي على افراده مسألة عقلية ولا علاقة لها بالاعتبار، وذلك لان صلاحيات الشارع تكون في الامور الاعتبارية وليس في الامور التكوينية الواقعيه، سواء أكانت في الاحكام أم في المخترعات الشرعية كالحقائق الشرعية كالصلاة والصوم على القول بكونها مخترعات شرعية، أم بالمخترعات العرفية التي امضاها الشارع كالبيع والزواج والطلاق والامضاء نوع من انواع الاعتبار.

فإذا كانت الامور من صلاحيات الشارع فمن بيده الوضع بيده الرفع، وإذا كانت الصحة عند الفقيه بمعنى عدم وجوب الاعادة في الوقت والقضاء خارجه لان الفقيه يهتم بفعل المكلّف، (وعند الاصولي الصحة والفساد بمعنى التام الاجزاء والشرائط، وعند المتكلم بمعنى الثواب والعقاب والاخرة والجنة والنار)، فلو قال الشارع مثلا صل بشرط عدم القهقهة، كانت كل صلاة مع قهقهة فاسدة لعدم الشرط وهكذا في المعاملات. هذا في الامور الكلية، مثلا: الظهار حرام، بيع الخمر حرام، هذه المسائل جعلية كلية. فالكليات من شأن الشارع سواء كان في العبادات ام في المعاملات.

اما الامور الجزئية فهي تطبيق للكلي، وهذا خارج عن صلاحيات الشارع، بل الامر موكول للمكلف. مثلا: هناك نقطة حمراء مثل الدم وانا ارى انها دم، وجاء المرجع وقال ان هذه ليست بدم وبالتالي تستطيع الصلاة بها، هنا لا علاقة للمقلد في المصداق، المرجع فيه هو المكلف نفسه، واما في الكليات المرجع هو الشارع، عندما اقول: " اكرم زيدا " هذا ليس بحكم جزئي بل هو كلي لان متعلق الوجوب هو الاكرام وهو مسألة كلية نعم الكلي قيد بزيد ولذلك كان للاكرام افراد في الزمان والمكان.

ولذلك عندما قسمنا مرجعيات الاستنباط إلى ثلاثة قلنا في حينها: عند الشك في الاحكام المجعولة، او المخترعات المجعولة الشرعية فالمرجع هو الشارع في الاحكام، لان المرجع هو من كان سببا للنشأة، وعند الشك في المفهوم فالمرجع اهل اللغة، أي ما يسمونه باهل المحاورة، وليس المراد هنا اللغويون. مثلا: في مفهوم كلمة البكارة او مفهوم كلمة الولد، في البكر يجب اذن وليها، من هي البكر؟ هل هي التي لم توطأ اصلا؟ أو هي التي لم توطأ بعقد شرعي؟ او هي التي تحافظ على غشاء البكارة؟ فلو فرضنا انه كان وطء بدون اقتضاض هل تبقى بكرا او لا؟ حينها لمن نرجع؟ هذه شبهة مفهومية اولا اطرق باب الشارع فنسأله اذا كان لديه حقيقة شرعية، فإذا لم تكن هناك حقيقة شرعية فالمرجع العرف، احد أهل اللغة، احد الناس احد أهل المحاورة، او للمكلف نفسه ان كان هو من أهل المحاورة فيستدل على المعنى الموضوع له بالتبادر وغيره من علامات الحقيقة. مثل آخر: كلمة " ولد " قلنا ان ولد الزنا ولد لان الولد الشرعي هو نفس الولد العرفيفي المعنى الموضوع، نعم سبب وجوده غير شرعي وهذا لا يعني انه لم يعد ولد شرعي، لذلك بنينا على ان ابن الزنا ولد ايضا شرعا كل ما في الامر انه لا يرث، لكن كل الاحكام تنطبق عليه لان الاحكام تابعة لعناوينها فإذا انطبق عليه الولد انطبق عليه احكام الولدية، الا ما خرج بدليل كما قيل في امامة الجماعة والتقليد، وكما ورد في الشهادة.

وعند الشك في المصداق فالمرجع المكلف، لان تطبيق الكلي على مصداق من شأن المكلف. نعم عند استحكام الشك عند المكلف جعل الله له قواعد واصول لاثبات الموضوعات ظاهرا.

النقطة الثامنة: ان متعلق النهي على انحاء من حيث علاقته بالمنهي عنه، فقد يكون من نفس العبادة، او امرا خارجا عنها، كالنظر للاجنبية اثناء الصلاة، فهل الجميع يحكم عليها بالفساد؟ سنقدم مقدمة لتوضيح هذه النقطة والداعي لاثارتها إذا اردت ان اهديك هدية واعلم انك تكره اللون الاسود اي ان اللون الاسود مبغوض منهي عنه، واحضرت لك قميص اسود كهدية، هل يصح التقرب بهكذا هدية [1] . مناط المسألة " هل يمكن التقرب بالمبعد؟ " وهكذا هدية هل تعتبر هدية؟ هل هي فاسدة او صحيحة؟ هل يمكن التقرب بها؟ هل يمكن التقرب بالمبغوض إذا كان المبغوض امرا خارجا عن الماهية والذات، اللون لا علاقة له بالهدية. مثال آخر: قراءة العزائم بذاتها ليس بحرام، اما قراءتها في نفس الصلاة فهي حرام. لنفرض انني قرأتها هل تبطل الصلاة؟ او تكون قد اتيت بالمحرم فقط؟ هل هذه من اقسام مسألتنا. " النهي عن العبادة يقتضي فسادها " ما هو الذي يدخل في محل الكلام.

لذلك قسم صاحب الكفاية (ره) متعلقات النهي على اقسام حيث قال في ج 1 ص 292. سنذكر كلام صاحب الكفاية هو ذكر خمسة اقسام وجعل لكل قسم بحثا خاصا ووصل إلى نتائج معينة ان شاء الله غدا نكمل.