< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/06/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

اجتماع الامر والنهي:

كان الكلام في قاعدة دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة. قالوا ان العقل يحكم بذلك، وقلنا ان العقل يحكم بالارجح لان العقل يحكم بجواز تحمل بعض المفاسد لاجل المصالح، العقل لا يحكم مطلقا بان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة وكان الكلام في تطبيق بعضهم القاعدة لترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب على القول بامتناع اجتماع الامر والنهي.

فإذا قلنا بجواز الاجتماع يعني هذا الشيء حرام وواجب في آن واحد، اما على القول بالامتناع يكون اما حراما واما واجبا، ولذلك قالوا نرجح دائما جانب الحرمة لان دفع المفسدة اولى.

في الكفاية (ره) قال هذه القاعدة لا تطبق هنا لان القاعدة مرتبطة بما إذا دار امر المكلف بين امتثال الواجب وامتثال الحرام، فامتثال الحرمة اولى لان دفع المفسدة اولى. فالقاعدة دائرة بين امتثالين، اما مسألتنا اجتماع الامر والنهي فهي فيما لو دار الامر بين الحرمة والوجوب، وقلنا بعدم جواز الاجتماع، بين الجعلين، ومع امتناع اجتماع الامر والنهي يكون اما امر واما نهي، ففي مثال الصلاة في الارض المغصوبة، اما وجوب صلاة فيها ولا وجود لحرمة الغصب، واما حرمة الغصب دون وجوب الصلاة. هذا على القول بالامتناع.

فإذا قلنا بالامتناع اما ان نقول بان الصلاة واجبة ولا حرمة في الغصب هنا، واما ان نقول ان الغصب حرام والصلاة غير واجبة.

صاحب الكفاية (ره) يقول: إذا دار الامر بين الحرمة والوجوب في مقام الجعل فهي مسألة اجتماع الامر والنهي، اما قاعدة دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة فهي في مقام الامتثال، وفرق بين عالم الامتثال وعالم الجعل. إذن على القول بالامتناع يدور الامر بين الحرمة والوجوب فقاعدة دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة لا علاقة لها في المسألة، لان القاعدة مرتبطة بالامتثال، وفي مسألتنا على الامتناع فهي مرتبطة بمقام الجعل.

واجاب عنه السيد الخوئي (ره) قال ان هذه القاعدة غير تامة هنا، بانه على القول بالامتناع ووحدة المجمع وجودا وماهية فهو إما مشتمل على مصلحة راجحة يحكم عل طبقها دون المفسدة، او المفسدة راجحة يحكم على طبقها دون المصلحة، فليس في مورد الاجتماع مفسدة ومصلحة ليدور الامر بين دفع المفسدة وجلب المنفعة حتى يقال بان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة.

السيد الخوئي (ره) قال ان مسألة الامتناع لا علاقة لها بمسألة دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة. ولنعد إلى الوراء ونرى في عالم الجعل عندما يجعل الحكم، اولا هناك عالم الاقتضاء والملاكات، ثم انشاء، ثم الفعلية، ثم التنجيز. اي قبل عالم الانشاء هناك عالم اقتضاء وملاك، هذا الملاك اما مصلحة أو مفسدة وليس عندي مصلحة ومفسدة بحيث احتار واقول ان دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة، لانه إما وإما، واحدة منها موجودة، فلا يمكن ترجيح جانب الواحدة على الاخرى، لانه اما وجود المصلحة واما وجود المفسدة. والترجيح يحتاج للوجودين.

السيد الخوئي يقول: عندما اقول دفع المفسدة اولى من جلب المصلحة، هذا يعني ان كلاهما موجود واحتار ايهما اقدم، والا لزم الاجتماع. بعبارة اخرى يقول: انه إذا قلنا بالامتناع يعني اما امر واما نهي، اما وجوب صلاة واما حرمة، يعني في عالم الملاكات اما مصلحة تؤدي إلى وجوب الصلاة واما مفسدة تؤدي إلى حرمة الغصب، لا يوجد الاثنين معا، فأين القول بان احدهما اولى من الاخر!. ولذلك السيد (ره) يقول ليس من تطبيقات القاعدة مسألة جواز اجتماع الامر والنهي.

ونقول تعليقا على كلام صاحب الكفاية وكلام السيد الخوئي: ان هذا التطبيق هو من باب فعلية الملاك، فليس الامر والنهي متكاذبين تكاذب الدليلين كي نُحَكِّم احكام باب التعارض، نحن قلنا ان هذا ليس من باب الامتناع، لماذا قلنا بجواز اجتماع الامر والنهي لان الامر في مكان والنهي في مكان آخر والمتعلق متعدد، وعليه لا يوجد اتحاد الامر والنهي، فخرجت عن محل الاشكال، واذا خرجت نقول: ان هناك امر وهناك نهي، نعم صارت القضية من باب التزاحم، وصار التزاحم في فعلية الملاكين. لذلك لا يكون هذا التعليق إشكالا على السيد الخوئي وصاحب الكفاية، هما اشكلا بناء على الامتناع، ونحن تعليقنا بناء على الجواز. على الامتناع اما مصلحة واما مفسدة، اما على الجواز كلاهما موجود المصلحة موجودة والمفسدة موجودة، الامر موجود والنهي موجود كل ما في الامر فعليتهما محال مع بعض، حينئذ ترتفع فعلية احدهما، بعني في مقام الامتثال، يعني صارت من تطبيقات القاعدة.

فليس الامر والنهي متكاذبين تكاذب الدليلين كي نحكم احكام باب التعارض، فكل ملاك يقتضي اثره، ومعه يتزاحم المقتضيان. فالمقتضيان موجودان، بدليل صدور نفس الاحكام الامر والنهي، فحينئذ صدورهما يدلان على ثبوت الملاك من دون النظر إلى الافراد.

ذكر الشيخ الآخوند في الكفاية ان من وجوه ترجيح جانب النهي على جانب الوجوب الاستقراء، فانه يقتضي ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب كحرمة الصلاة في أيام الاستظهار، فرجح جانب الحرمة على جانب الوجوب او جانب المفسدة على جانب المصلحة. ومثال آخر عدم جواز الوضوء من الاناءين المشتبهين. حكم العقل بالاجتناب يعني ترجيح جانب المفسدة على جانب المصلحة.

الدليل الاول هو الترجيح بالعقل، وهنا ترجيح جانب النهي على الوجوب هو الاستقراء في الاحكام الشرعية، فنجد ان جانب الحرمة مرجح على جانب الوجوب واعطوا هذين المثالين. وغدا ان شاء الله نبين ما فيه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo