< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

الواجب التخييري:

التخيير بين الاقل والاكثر: هل هذا التخيير موجود؟ هل يمكن تصوره عقلا؟ مثلا: الكفارة قد تكون اطعام عشرة مساكين أو اطعام ستين مسكينا، هل هذا التخيير موجود ويمكن تصوره؟ فطالم ان العشرة تؤدي الغرض، ومع تأدية الغرض سقط الامر، فما معنى الزائد إذن.

لا شك في وقوع التخيير بين المتباينين، كقوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [1] الصيام والصدقة متباينان ليس هناك مشترك يجمع بينهما لا مفهوما ولا مصداقا.

كذلك خصال كفارة الافطار العمدي. ففي الوسائل: روى سماعة بن مهران انه سأل الامام الصادق (ع) عن معتكف واقع اهله قال: عليه ما على الذي افطر يوما من شهر رمضان متعمدا: عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكينا. [2]

اما وقوع التخيير بين الاقل والاكثر فله حالتان:

تارة يكون المطلوب هو الاقل بحدّه او الاكثر بحده، فإذا تجاوز المكلف الاقل وجب عليه ان يكمل بقية الاجزاء ليأتي بالأكثر، وهذا القسم لا مانع منه عقلا، وهو من اقسام المتباينين، إذ الاقل لا يؤثر أثره وهو في ضمن الاكثر، ولا يؤثر الا وحده. وكلامنا ليس في هذه الحالة أي الاقل بحده والاكثر بحده لانه اصبح من المتباينين، هذا لا كلام فيه، وهو موجود في الشرع والعرف. فالاقل لا يحقق الغرض ضمن الاكثر، نعم، الاكثر يجب أن يكون على نحو المجموع والفرق كالفرق بين العموم المجموعي والعموم الاستغراقين، فالعموم المجموعي مثل ركعات صلاة الظهر حيث انك إذا صليت ركعة واحد او ركعتين لا تكون قد اديت شيئا من الغرض، من المأمور به، والعموم الاستغراقي مثل صوم أيام شهر رمضان فإذا أديت صوم يوم واحد تكون قد أديت شيئا من المأمور به، فالامر بصيام شهر ينحل إلى عدد ايامه.

وتارة يكون المطلوب هو الاقل او الاكثر، بحيث ان الاقل يؤثر اثره ولو ضمن الاكثر، وهذا القسم هل يمكن تصوره؟ انا لم اجد له وجها ابدا. مثلا: لو دار الامر بين ان تكون الكفارة إطعام عشر مساكين او اطعام ستين مسكينا، فانه بمجرد الاتيان بالعشرة حصل الغرض وسقط الأمر. هل نستطيع ان نجد للاقل والكثر غير المتبايننين وجها عقلا؟ وهذا مما لا يمكن ان اتصوره عقلا في هذه الحالة، فلو أتيت باطعام ستين مسكينا فماذا يقتضي الاحتياط؟

الاحتياط يقتضي الاتيان باطعام سبعين مسكينا، أي إذا كانا كالمتباينين، أي عشرة مسكين، وسنين مسكينا، وذلك لان العشرة لا يؤثر أثرها في ضمن الستين.

اما في الحالة الثانية فالاحتياط يقتضي الاتيان بستين مسكينا، لان العشرة تؤدي أثرها في ضمن الستين.

ولما كانت الحالة الثانية غير متصورة عقلا، فلا بد من حمل التخير بين الاقل والاكثر - إذا لم يكونا من المتباينين أي الاقل بحده والاكثر بحده – على وجوب الاقل واستحباب الزائد أو كونه اكمل الافراد.

مسألة: إذا اختلفت القيم في الواجب التخييري الشرعي: كما في دية قتل العمد:

ورد في الوسائل: ان الدية مائة من الابل أو مئتا بقرة أو ألف دينار أو عشرة آلف درهم أو مائتا حلّة. [3]

يوجد تباين شاسع في القيم، هل يلزم بالاقل أو بالاكثر؟

فالف دينار تساوي حوالي 3450 غراما من الذهب، هذا عند السيد الخوئي (ره) اما عند السيد سعيد الحكيم حفظه الله تساوي 4250 غراما. والعشرة آلاف درهم تساوي حوالي 24150 غراما من الفضة، وعند السيد محمد سعيد الحكيم حوالي 29750 غراما وتختلف القيمة بين الذهب والفضة كثيرا.

فإذا قلنا ان المطلوب هو الجامع بينهما أي القيمة الواحدة، فالتخيير حينئذ عقلي فلا يمكن ان ينطبق هذا على مسألتنا، للاختلاف الكبير بين القيم، وان كنا نحتمل تساويهما قيمة في ذلك الزمن.

اما نحن فنقول المطلوب هو ما كان في عالم البيان والبلاغ فهو تخيير شرعي بين خصال الدية، وهناك رواية تقول: ان النبي (ص) كان يغرم اهل الذهب بالذهب، وأهل الفضة بالفضة، وأهل البقر بالبقر، وأهل البوادي بالابل. وكأنه تيسير في الدفع.

ولذا نقول: إن التخيير شرعي بين الخصال، والمطلوب هو خصال الدية المنصوصة، ويختار المكلف ما شاء منها، وان كان الافضل ما كان اعلاها قيمة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo