< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

نكمل الكلام في الانحصار وعدمه في مسألة الاناء المغصوب، التوضؤ من الاناء المغصوب استعمال للاناء فهو محرم لكن المسألة هي هل الوضوء صحيح او لا؟ الكلام في صحة الوضوء. فقال بعض الفقهاء انه مع فالانحصار الوضوء باطل، ومع عدم الانحصار الوضوء صحيح. ونظرهم (ره) انه مع الانحصار لا يوجد امر فلا فعلية في الامر بالوضوء، فكيف يوجه الامر إلى المكلف بالتوضأ من الاناء المغصوب فهو، وان كان قادرا تكوينا إلا ان القدرة الشرعية كالقدرة التكوينية، وهي مطلوبة في الفعلية، فمع غصبية الاناء لا يتوجه الامر للمكلف بالوضوء. وإذا انتفى الامر بالوضوء إذن الوضوء باطل.

بينما إذا لم يكن منحصرا اصبح الامر فعليا لانه يكفي في الفعلية تحقق القدرة ولو على فرد واحد، فهو يستطيع ان يتوضأ من آنية اخرى مباحة لكن بسوء سريرته واختياره اختار الفرد المحرّم، فيكون الامر فعليا، لان سوء الاختيار لا ينافي الفعلية، وإذا كان فعليا صح الوضوء.

وعليه: فمع الانحصار يقع الوضوء باطلا لعدم توجيه التكليف اليه، فلا دلالة على صحة الوضوء.

ومع عدم الانحصار، فالتكليف يتوجه للمكلّف، لوجود فرد مقدور عليه، فصار التكليف بالوضوء فعليا، فيصح الوضوء.

إذن الفرق بينهما انه في الانحصار لا تكليف، وفي عدم الانحصار يوجد تكليف. هذا من وجهة نظرهم عندما قالوا ان الفعلية مرحلة، ومع عدم الفعلية لا يتوجه التكليف.

ونقول: لا فرق في الانحصار وعدمه في صحة الوضوء: اما في الانحصار، فان التكليف وان كان لا يصل إلى مرحلة الفعلية لعدم وجود فرد مقدور عليه، ولكنه يتوجه انشائيا إلى المكلّف، وتوجه التكليف لا علاقة له بالفعلية فلو عصى الامر بعدم استعمال المغصوب وتوضأ، فانه يكون قد امتثل الامر الانشائي. وهذا كاف في صحة الفعل كما بيّنا سابقا.

نعم في حال الانحصار ينتقل حكمه الفعلي إلى التيمم، فهذا صحيح، لتحقق موضوع التيمم وهو عدم القدرة على استعمال الماء. ولو توضأ كان الوضوء صحيحا لانه منشأ.

واما في حالة عدم الانحصار فيكون الاستدلال على ذلك بما ذكرنا في تصحيح الوضوء حال الانحصار. ويمكن الاستدلال عليه ايضا من ان الماء بعد انفصاله عن الاناء وتم غسل الاعضاء به لا وجه لبطلان الوضوء، أذا كان اغترافيا اما إذا كان ارتماسيا فالوضوء بالطل، إذ المنهي – الاغتراف- عنه قد ارتكبه قبل الوضوء، اما عند الغسل الوضوئي فلا شيء منهي عنه، وهذا التوجيه لتصحيح يتم في الوضوء والغسل الترتيبي بالاغتراف ونحوه،اما في الارتماسي فلا يصح، لان الارتماس استعمال محرّم.

ونلخص ما وصلنا إليه في هذه المسألة في خطوط:

الاول: إن تصحيح العبادة لا يحتاج إلى وجود امر فعلي بها على خلاف قول الشيخ البهائي (ره) وصححها صاحب الكفاية بكفاية الحسن والمحبوبية للتصحيح وإن لم يكن الامر متحققا.

الثاني: احد ادوار الامر الانشائي هو الكشف عن وجود مصلحة او ملاك.

الثالث: عند التزاحم ترتفع فعلية المهم دون انشائه، وانشاء الحكم كاف لتصحيح العمل.

الرابع: الحكم له مرحلة واحدة وهي الانشاء، اما الاقتضاء فهو مما لا بد منه للجعل لان الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد، واما الفعلية والتنجيز فهما حالتان من حالات الحكم وليستا مرحلتين. والفعلية هي بمعنى التحريك ودفع المكلف باتجاه الامتثال. ولذا يكون انشاء الحكم للجميع، اما الفعلية فتختلف بحسب المكلفين.

الخامس: بطلان كون الامرين فعليين معا – أي الامر بالمهم والامر بالاهم –، لاستحالة امتثالهما معا، سواء اكانا في عرض واحد كما فهمنا من كلام السيد الخميني (ره)، او مترتبين كما عند المحقق الكركي (ره)، أي ذهبنا إلى ما ذهب اليه صاحب الكفاية ببطلان الترتب وانه لا يمكن ان يكونا فعليين في آن واحد لان امتثالهما محال، وهذا قبيح من المولى إلا بناء على من قال بعدم قبح تكليف العاجز. وتكليف العاجز ليس تكليفا محالا، بل تكليف بالمحال.

السادس: بطلان الترتب وهو ما ذهب اليه صاحب الكفاية.

السابع: ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده العام ولا ضده الخاص ولذلك لو كان الضد عباديا فليس منهيا عنه ولا وجه لبطلانه بالقول ان النهي عن العبادة يقتضي فسادها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo