< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

لزوم أن يحكم المتلازمان بحكم واحد:

تلخيص ما مرّ: نكمل الكلام في مسألة الضد ووصلنا إلى الثمرة في المسألة ومختارنا كما سنرى ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده، لا الضد العام ولا الضد الخاص، ولكن قلنا ان هناك بعض الامور ضمن هذه المباحث نافعة فلا باس بالتعرض اليها، ومن جملة هذه الامور ان المتلازمين هل يمكن ان يكونا محكومين بحكمين مختلفين؟ قلنا ان هذا ممكن ان يكون هذا واجب وهذا حرام، في عالم الانشاء لا مشكلة فيه ابدا، المشكلة هي في عالم الفعلية. الممتنع هو الداعوية والدافعية والتحريك والبعث اليه، اما في مقام الانشاء فلا مشكلة ابدا، والانشاء خفيف المؤونة فمثلا: لا مانع ابدا من ان اصدر امرين: احدهما ان تذهب إلى اليمين، والآخر ان تذهب إلى اليسار في آن واحد لكن في عالم الانشاء، اما في عالم الدفع والتحريك، فلا يمكن التحريك للأمرين معا.

وقالوا في ثمرة المسألة: ان الثمرة تكون في الضد الخاص العبادي إذا كان عباديا، فلو فرضنا وقلنا - ونحن لا نقول بذلك -، ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص، فلو كان هذا الضد الخاص عباديا قالوا ان النهي عنه يؤدي إلى فساد، لان النهي عن العبادة يقتضي الفساد. وقد نوقش هذا القول بامرين:

الامر الاول ان هذا النهي نهي غيري، والنهي الغيري لا يقتضي الفساد، والذي يقتضي الفساد هو النهي النفسي. وذكرنا ان النهي هنا ليس نهيا غيريا وهذا الكلام غير سليم، بل هو نهي نفسي، نعم على مسلك المقدمية هو نهي غيري اما على مسلك التلازم المتلازمان، لا يكون احدهما غيريا للآخر فهما متلازمان في مستوى واحد وكفة واحدة، نعم هو تبعي وفرق شاسع بين الامر الغيري والامر التبعي. الامر الغيري في الاصطلاح هو امر مترشح من الامر النفسي. والامر في المقدمة مترشح عن الامر بذي المقدمة، ولولا الامر بذي المقدمة فلا امر بالمقدمة اصلا وليست منظورا اليها ولا يحكم بوجوبها. اما الامر التبعي فليس كذلك، الامر التبعي هو ما كان تابعا لذاك، كاللازم تابع للملزوم، الامر الاصلي يتبعه حكم آخر فيه مصلحة بذاته لكنه لازم له.

ولذلك هذا الاشكال عليهم ان هذا نهي غيري، والنهي الغيري لا يقتضي الفساد، هذا يتم على مسلك المقدمية، اما على مسلك التلازم فلا يكون النهي غيريا.

قلنا واكرر هذه المسألة انه مرحلة الاقتضاء والمصالح والملاكات لا بد منها في الحكم، هناك اقتضاء وانشاء وفعلية وتنجيز. في الامر التبعي في المتلازمين يكون هناك مصلحة نفسية خاصة به يكسف عنها ذاك، اما في الامر الغيري فليس فيه مصلحة نفسية، ولذلك الاحكام تنشأ على طبق المصالح النفسية وليس على طبق المصالح الغيرية، من هنا ذكروا ان الامر بالمقدمة لانه غيري لا يمكن ان يكون عباديا وليس عليه ثواب ولا عقاب، ولذلك نحن لخصنا المقدمة بشيء واحد ان مرحلة الاقتضاء موجودة في ذي المقدمة دون المقدمة، ولذلك لا أمر بالمقدمة.

هذا هو الاشكال الاول الذي ناقشوا به الثمرة وهي ان النهي عن العبادة يقتضي فسادها، فالنهي عن الضد، الضد إذا كان عباديا ومنهيا عنه صار فاسدا.

نحن نقول اولا ان النهي ليس غيريا بل هو نفسي لكن نحن نقول ان الثمرة غير مترتبة لان النهي عن العبادة لا يقتضي فسادها، مثلا: انقاذ الغريق والصلاة في زمن واحد، عندي امران: وجوب انقاذ الغريق ووجوب الصلاة، فالامر بالانقاذ يقتضي النهي عن ضده الذي هو الصلاة، فصارت الصلاة فاسدة. هكذا قالوا لان الصلاة عبادة والنهي عن العبادة يقتضي فسادها.

ونحن نقول ان النهي عن العبادة لا يقتضي فسادها إلا بحالة واحدة.

لان النهي عن العبادة له حالتان: تارة العبادة بما هي أي نفس العبادة محرّم مثلا " صوم العيدين حرام " .وتارة يكون محرما بعنوان آخر كالتلازم. نحن نقول ان النهي عن العبادة يقتضي فسادها في خصوص ما كان متعلقا بنفس عنوانه مثل صوم العيدين حرام، هنا انا اقول بالفساد. لكن إذا كان الصوم محرما بعنوان آخر كالتلازم.

إذن اننا لا نقول باقتضاء النهي عن الضد الفساد، لا في المعاملات ولا في العبادات إلا في حالة واحدة إذا تعلق النهي بالعبادة بعنوانها كصوم العيدين، في هذه الحالة انا اقول بالفساد، اما في غيرها فلا نقول بالفساد.

وتارة يتعلق بعنوان آخر كما في مسألتنا حيث تعلق النهي عن العبادة لا بعنوانها بل بعنوان كونها مقدمة، او بعنوان التلازم حينئذ لا يدل على الفساد ولا يقتضيه الامر بضده.

الوجه الثاني: إن فساد العبادة (الضد الخاص ) هو لعدم الامر بها. والحق ان هذه الثمرة تصبح خارجة عن مسألتنا، كما ذكر الشيخ البهائي كما نقله الآخوند (ره) في الكفاية. إذ مسألتنا هي في اقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده أما هنا فالعبادة فاسدة وإن لم تكن منهيا عنها.

وفساد العبادة على هذا الوجه مبني على تسلسل امور:

     الضدان لا يجتمعان، وبالتالي لا يمكن البعث والدفع اليهما، فلا يتعلّق الامر بهما معا في زمان واحد.

     وبالتالي: احد الامرين لا بد من ارتفاعه ويبقى امر واحد وهو الاهم.

     فإذا كانت العبادة المأمور بها هي الاقل أهمية، كالصلاة التي تقلّ أهمية عن إنقاذ الغريق، كانت العبادة بلا أمر.

     وإذا اشترطنا لصحة العبادة ان تكون بداعي الامر، فسدت العبادة هنا إذ لا امر بها لكي يكون داعيا.

وقد أجيب عن فساد العبادة بناء على اشتراط صحتها بكونها يؤتى بها بداعي أمرها بوجوه:

نكمل ذلك غدا ان شاء الله.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo