< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده؟

الضد تارة هو الضد العام وتارة هو الضد الخاص، والضد العام انهينا الكلام فيه.

اما الضد الخاص فتارة نتكلم في المقدمية للواجب وتارة نتكلم في المقدمية للحرام.

اما المقدمية للواجب قالوا ان الضد الخاص مثلا: اذا امرت للصلاة فازالة النجاسة من المسجد صارت حراما، والاكل والشرب والسفر حرما إلى آخره فعلى هذا الرأي بمجرد صدور امر واحد بشيء صارت عشرات الافعال حراما، كل ما كان ضدا لهذا المأمور به صار حراما. قلنا ان هذا الشيء غير مقبول ومن هنا نشأت شبهة الكعبي المشهورة التي أخذت حيزا من كلمات القدماء. ونحن لا نقول بالمحرم من اساسه، وسنقول ان الضد ليس محرما، الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده، لا الضد العام ولا الضد الخاص.

فذهب هؤلاء إلى ان ترك الضد مقدمة لفعل الواجب، ومقدمة الواجب واجبة، إذن يجب ترك الضد، ووجوب ترك الضد يعني حرمة فعله.

إذن يتوقف إثبات حرمة ضد الواجب على ثلاث مقدمات:

     مقدمية ترك الضد الخاص لفعل المأمور به. ففي مثال الصلاة وازالة النجاسة من المسجد. ترك ازالة النجاسة مقدمة للصلاة، إذا لم اترك ازالة النجاسة لا استطيع الصلاة. لا استطيع الاتيان بالصلاة والازالة جميعا، إذ ان اجتماعهما في الوجود محال.

     إثبات وجوب المقدمة لوجوب ذيها. أي ترك ازالة النجاسة مقدمة للصلاة، ومقدمة الواجب واجبة إذن ترك ازالة النجاسة صار واجبا. فاذا كان الترك واجبا صار الفعل حراما.

     إثبات اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده العام.

ومع اختلاف إحدى المقدمات لا تثبت حرمة الضد.

ونحن إذ ذهبنا إلى عدم وجوب المقدمة لوجوب ذيها – بالجعل الشرعي المولوي التكليفي - يكون دليل المقدمية عندنا ساقطا.

مع ذلك لا باس بذكر ما اوردوه على المقدمة الاولى بعد ان تقدم الكلام على المقدمة الثانية والثالثة.

المقدمة الاولى: بيانها: الضدان متمانعان وهذا لا يعني ان احدهما متقدم على الاخر، فالضد مانع لوجود المأمور به، وعدم المانع من أجزاء العلّة، أي من المقدمات، فترك الضد صار مقدمة لفعل الضد الاخر. [1]

وقد اشكل على هذه المقدمة بأمور:

منها: نفي المقدمية، إذ ليس كل توقف مقدمية، ذلك ان توقف شيء على شيء صنفان:

احدهما: ان يكون مقدمة له، مثل توقف الصلاة على الطهارة، او توقف شراء اللحم على الذهاب إلى السوق، وفي هذا الصنف يكون المتوقف عليه مقدمة، ولا بد حينئذ من التقدم الرتبي، والقبلية ولو الرتبية، أو المؤثر الرتبية.

والثاني: يكون المتوقف والمتوقف عليه متمانعان في الوجود، بحيث لا يوجد تقدم رتبي من احدهما بل كلاهما في مستوى واحد .

وبعبارة اخرى: التمانع في الوجود لا يقتضي التقدم بل هو التنافر والتنافي والتمانع وعدم إمكان الاجتماع، والضدان من هذا القبيل فتنتفي المقدمية.

الاشكال الثاني: إن التوقف باطل، لان العدم ليس بشيء، أي ليس وجودا والمؤثر هو الموجود والشيء، والعدم عدم، فلا يمكن ان يكون دخيلا في تحقق شيء، فالموجود لا يتحقق من معدوم، نعم الموجود لا بد له من حيّز يوجد به، وهذا الحيز زماني أو مكاني لا يمكن ان يكون مشغولا بموجود آخر، ولكن هذا لا يعني ان عدم الشيء الاخر في هذا الحيز مقدمة. وملخص ذلك: ان العدم لا يمكن ان يؤثر.

اما مقدمة الحرام: وهذا الاستدلال هو في نهاية الاصول للمحقق البرجردي (ره).

ازالة النجاسة من المسجد واجبة، فيكون تركها حراما لان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام، وإذا كان تركها حراما كان فعل الصلاة حراما لان فعل الصلاة مقدمة لترك الازالة، ومقدمة الحرام حرام، فيكون فعل الصلاة حراما. فيحتاج الامر إلى ثلاث مقدمات:

     ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام.

     فعل الضد مقدمة لترك المأمور به.

     مقدمة الحرام حرام.

ونحن لا نقول بالمقدمات الثلاث جميعا كما بيّنا، فلا نعيد.

والخلاصة: ان الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده العام؟ قلنا لا وقد بيّنا ادلة من قال بالاقتضاء واجبنا عليها. ثم، الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده الخاص؟، ايضا نحن سنقول لا، ولكن استدلوا بمسلكين مسلك المقدمية ومسلك التلازم. انتهينا من مسلك المقدمية وقلنا انه غير تام، ويبقى مسلك التلازم.

 


[1] واجزاء العلّة اربعة: المقتضي، وعدم المانع، والمعد، والشرط. والعلّة سابقة على المعلول بجميع اجزائها، السبب مقدم عل المسبب بجميع اجزائه، المقدمية بمعنى ان التوقف والقبلية ولو رتبة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo