< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

إجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن الأمر الواقعي:

مثاله رواية اتكلت عليها وتبين انها غير صحيحة، أو شخص يقلد شخصا وتوفي ثم قلد شخصا آخر ما حكم الاعمال التي قام بها، شخص مستحق اعطيته من الزكاة وإذا به يظهر انه غير مستحق فهل عليه اعادة الزكاة [1] ، والى آخره.

سنبحث المسألة بطريقة مغايرة للكيفية التي بحثها الاصوليون، حيث انهم فرقوا بين القطع وبين الامارة وبين الاصل. والاصل تارة لا ثبات التكليف وتارة لاثبات شرط أو جزء أو مانع. اما نحن فنقول والله هو المستعان: الكلام تارة في ثبوت الحكم الظاهري على نحو القطع واليقين، وقد تبيّن خلافه، في هذه الحالة لا يجزي امتثال الظاهري عن الواقعي أتفاقا، والدليل على ذلك ان الحكم الواقعي لا يزال محفوظا في مرتبته ولم يسقط، ولا دليل على سقوطه، فلا بد من براءة الذمّة بالاعادة في الوقت وبالقضاء خارجه.

وتارة في ثبوت الامر الظاهري على نحو ظني معتبر كما لو ثبت بخبر واحد او بالاصل [2] ، ثم تبيّن خلافه، وفي هذه الحالة أيضا لا يجزي امتثال الظاهري عن الواقعي اتفاقا خصوصا في الامارات، وذلك لبقاء الحكم الواقعي محفوظا أيضا [3] ولا دليل على سقوطه.

إلا أنه يمكن أن يقال: إن المولى إذا اعتبر إمارة فلا بد من أنه هو الذب يتحمل المسؤولية عن المكلف، وبعبارة أخرى: هو الذي أوقع المكلف بخلاف الواقع، وبهذا يسقط وجوب الاعادة أو القضاء عن المكلف بحكم. أما إذا لم يكن المولى المسؤول عن ذلك والخلل كان من تشخيص المكلّف فلا بد من الإعادة والقضاء. مثال على ذلك: إذا قال المولى: تصدّق على فقير، ولديّ في تشخيص الفقير حالتان: إما أن أكون أنا المشخص، فانا المسؤول حينئذ، وعليه أتحمل المسؤولية كاملة، ومع تبيّن غنى الشخص يكون الخلل من المكلف، وحينئذ عليه إعادة التصدّق. وإما أن يكون التشخيص بقاعدة من المولى كأن يقول: خذ بخبر العادل، فأخذت به في إخباره عن فقر فلان، ثم تبيّن أن فلانا غني، فالمسؤول هو المولى الذي أمرني بالأخذ بخبر العادل، فلا يتحمل المكلف شيئا من الاعادة أو القضاء، أي لا بد من القول باجزاء الحكم الظاهري في هذه الحالة عن الحكم الواقعي، وهذا في الامارة وفي الاصل. نعم، يبقى إشكال بقاء الحكم الواقعي محفوظا في مرتبته، وعدم دليل على سقوطه بمجرد خطأ الامارة أو الاصل. والجواب ملخصا: إن جميع ما قيل في كيفية الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي يأتي هنا.

 


[1] مثلا شخص كان يقطع ان عقد الزواج يتم من دون اللغة العربية، فعقد العقد باللغة الفارسية، بعد فترة تبدل رأيه وصار يرى ان اللغة العربية لا بد منها، فهل عليه ان يعيد عقد الزواج؟ هل العقد الماضي باطل؟ وكثير من الامور في الاحوال الشخصية كذلك، مثلا إذا قلنا ان الشرط يقتضي خيار الفسخ كما انا ارى لان الادلة بهذا الاتجاه لكن لا اتبناه عمليا لانه خلاف الاجماع. فلو فرضنا ان شخصا فسخ عقد النكاح ثم قلّد من يرى ان خيار الشرط لا يؤدي إلى فسخ القعد، فما هي الآثار المترتبة على ذلك؟.
[2] الاصوليون فرقوا بين ما ثبت بالامارة وما ثبت بالاصل. ما ثبت بامارة اتفقوا على انه لا يجزي. اما الاصل فقد اختلفوا فيه، منهم من قال انه يجزي، ومنهم من قال انه لا يجزي. ومنهم فرق بين الاصل في اثبات اصل الحكم وبين الاصل في اثبات الشرط والجزء والمانع. قال صاحب الكفاية (ره) إذا كان في اثبات اصل الحكم هذا لا يجزي، اما إذا كان في اثبات الشرط فهذا يجزي لان الاصل حاكم على دليل الشرط، فمثلا: " كل شيء لك طاهر " دليل حاكم على شرائط الطهارة ومسعا لها ليشمل الطاهر الواقعي والمشكوك طهارته، وسع دائرة الشرط لتشمل المعلوم والمشكوك. شرط الصلاة هو الطهارة جاء الشارع ووسع دائرة الشرط فاعتبر المشكوك محكوما بالطهارة ايضا.
[3] الحكم يسقط: اما بالامتثال، أو بتحقق الغرض، او بانتفاء المصلحة، او بوجود مزاحم له فتسقط فعليته لا انشاؤه. اما إذا قام دليل معتبر على خلافه فلا يسقط.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo