< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

الاجزاء:

اولا: اجزاء الاتيان بالمأمور به على وجهه عن أمره، ثانيا: هل المأمور به بالأمر الاضطراري يجزي عن الاختياري، ثالثا: هل المأمور به بالامر الظاهري يجزي عن الواقع.

اولا: الاتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء في الجملة وهذا بالوجدان، لكن الكلام ليس في هذه المسألة، بل الكلام في أنه هل استطيع ان اتي مرّة اخرى بنفس المأمور به بفرد آخر ذي مزية أو غير ذي مزية؟ فقد ورد في الحديث: انه إذا صلى احدكم فرادى ثم عقدت جماعة هل له الحق أن يعيد الصلاة جماعة ؟ " ورد في الروايات انه يعيدها وتكون فريضة. هناك رواية بان الله يختار احبهما اليه. السؤال: هل نستطيع ان نسحب هذا على كل فرد ذي مزية؟

إجزاء الاتيان بالمأمور به عن التعبد ثانيا بنفس ذلك الامر: لا شك ولا ريب أن الاتيان بالمأمور به على وجهه امتثالٌ للأمر، وامتثال الامر خروج عن عهدته فيجزي الامتثال عن الاتيان به ثانيا تعبدا بنفس الامر. لكن الكلام في الامتثال بعد الامتثال هل يصح أو لا يصح؟

الامتثال بعد الامتثال: لا شك أنه محال، لسقوط الامر بالامتثال لحصول الغرض، فيكون الامتثال الثاني من باب تحصيل الحاصل.

نعم، إذا لم يحصل الغرض الاقصى، كما يقول صاحب الكفاية (ره) أمكن تبديل الامتثال بامتثال آخر فيه مزية، أما مع عدم المزية فهو لغو، كما لو أمر المولى بالماء لرفع العطش، فأتى العبد بإناء فيه ماء، وقبل أن يشرب المولى وجد العبد ماءا أصفى، فللعبد تبديل الاناء، أي بامتثال آخر للأمر. أما مع حصول الغرض الاقصى فليس له التبديل لحصول الغرض، ومعه لا اقتضاء للأمر [1] .

هذا في عالم الثبوت، أما في عالم الاثبات والبرهان فان الظاهر أن الامتثال الاول يفي بغرض المولى، وصحة الاتيان بفرد آخر تحتاج إلى دليل، وذلك لسقوط الامر بالامتثال، واستيفاء الغرض به، ومعه لا اقتضاء للأمر لحصول المصلحة بالامتثال الاول.

وقد ورد في بعض الروايات جواز التبديل في الصلاة بفرد فيه مزية، كما في من صلّى فرادى، فيستحب أن يعيدها جماعة لان الله يختار أحبها إليه.

ورد في الوسائل: في الموثقة: ح 9 – (الصدوق) وعنه (الحلبي)، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق، عن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة، أيجوز له أن يعيد الصلاة معهم؟ قال: نعم وهو أفضل، قلت: فإن لم يفعل؟ قال: ليس به بأس.

ح 10 - وبإسناده (الصدوق) عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يعقوب، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أصلي ثم ادخل المسجد فتقام الصلاة وقد صليت، فقال: صل معهم، يختار الله أحبهما إليه. محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد مثله.

ح 11 - وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة، قال: يصلي معهم ويجعلها الفريضة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب. [2]

وهذه الروايات تشير إلى وجود مصلحتين في عالم الاقتضاء. الاولى: الاقل، ويحققها الفرد ذو المزية الاقل وهو الصلاة فرادى، وهذه تكفي للزوم إنشاء الأمر بالصلاة.الثانية: الاكثر، ويحققها الفرد ذو المزية الافضل، وهو الصلاة جماعة. وصحة الاعادة كما ورد في الروايات وعمل عليها المشهور تكشف عن جواز استيفاء المصلحة الثانية بفرد ذي مزية وإن سقط الامر الاول بالاستيفاء. إلا ان يقال: إن ثبوت المصلحة الاكثر للفرد ذي المزية بعد استيفاء مصلحة الاقل يحتاج إلى دليل. فبقاء مصلحة الاكثر يحتاج إلى دليل. فلو فرضنا ان رجلا صلى فرادى ثم اراد ان يعيدها في مسجد، ونعلم ان الصلاة فرادى في مسجد اميز من الصلاة فرادى في البيت مثلا، هل له الحق بالاعادة وتكون الفريضة؟ فان بقاء مصلحة الاكثر مزية يحتاج إلى دليل. ولذا إذا كان الامتثال بعد الامتثال تحصيل حاصل فهو غير صحيح، فلنعنون المسألة: جواز الاتيان بعد الامتثال بفرد ذي مزية.

غدا ان شاء الله نبحث: إجزاء الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري عن إتيان المأمور به بالأمر الاختياري.


[1] ذكرنا ان مراحل الامر هي: الاقتضاء، الانشاء، الفعلية، التنجيز. وقلنا ان هناك مرحلة واحدة وهي الانشاء والاقتضاء مقدّمة، ومقدّمة لابد منها. عالم الاقتضاء والملاك يسبق عالم الاعتبار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo