< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

40/01/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.

قلنا ان في كل مسألة اصولية هناك منعطف ومفصل إذا فهمنا المفصل فهمنا المسألة ونستطيع إذا امعنا النظر أن نأخذ رأيا، لذلك في مسألة الحقيقة الشرعية هناك نقطة مهمّة وهي اننا إذا استطعنا اثبات ان هذه المعاني العبادات أو المعاملات كانت موجودة قبل الاسلام، والفاظ المعاني كلفظ البيع والصلاة استعملت فيها كانت حقيقة لغوية وليست حقيقة شرعية، هل نستطيع ان نثبت ذلك او لا؟ كانت هذه الفاظ موضوعة لمعني نفس المعاني التي استعملها الشارع. قلنا في الحقيقة الشرعية ان هذه المعاني كانت موجودة كالصلاة والصوم عن اليهود وعند الكفار والبوذيين وعند العرب موجودة، والالفاظ الدالة عليها سابقا هي نفس الالفاظ الحالية إذ لا يوجد غيرها وأما قوله (ص) " صلوا كما رأيتموني اصلي " يعني ان هناك صلاة كانت موجودة، ولفظ الصلاة موجود بمعناه، كل ما في الامر ان الشارع تدخل في الكيفية والاجزاء والشرائط من قبيل النكاح، الزواج موجود والالفاظ والمعاني موجودة، واستعمل لفظ الزواج بنفس اللفظ الذي استعمل فيه قبل الاسلام، ولا اجد فرقا بين العبادات وبين المعاملات. نعم عند المتشرعة حصل نقل لألفاظ العبادات إلى معان أخرى، وكذا بعض المعاملات كالتقليد.اما في المشتق قلنا في المفصل ان الصفات متضادة لا يمكن ان تكون معا في آن واحد. ولذلك قلنا بالنسبة للمطلقة الرجعية هي ليست زوجة فلا معنى ان تكون زوجة وهي في العدّة وهي مطلقة في آن واحد. استعمال اللفظ في أكثر من معنى: المفصل في تحقيق المسألة هو هل أن استعمال اللفظ في المعنى هل هو علامة أو هو مرآة وفناء. إذا قلنا بانه علامة ذهبنا إلى جواز الاستعمال، وإذا قلنا انه مرآة وفناء ذهبنا إلى عدم الجواز، لأن الشيء لا يفنى أكثر من مرّة. وصاحب الكفاية (ره) أشار إلى رأيه عندما قال ان استعمال اللفظ في أكثر من معنى هو عبارة عن فناء ومرآة ولم يبيّن هذا المفصل والمنعطف. نقول: لا شك ولا ريب في عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى، بمعنى استعماله في كل منهما على حدة، لا بمعنى استعماله في المعنى الجامع بين المعاني، فإنه حينئذ استعمال للفظ في معنى واحد وهو الجامع.

 

والسر في ذلك أن استعمال اللفظ ليس علامة على المعنى، بل هو فناء فيه ومرآة. [1]

الفرق بين العلامة والفناء:

ان العلامة تختلف عن المعلّم وقوعا وخارجا ولذلك لا مانع من كون الشيء علامة على عدّة معان. أما الفناء فهو اتحاد خارجي، ولما كان الاصل استعمال اللفظ وكأنه قد ألقي نفس معناه خارجا، فإذا استعمل مرّة في الخارج في معنى فكأن المعنى قد وجد خارجا، واللفظ قد فنى بوجود معناه، فلا يمكن إيجاد معنى آخر به، ولو أردنا إيجاد معنى آخر به لكان علينا التلفظ باللفظ مرّة أخرى لايجاد المعنى الآخر. ولعمري هذا واضح. علامات الحقيقة والمجاز: ذكروا لاثبات الحقيقة أمورا منها: التبادر، وصحة الحمل، وعدم صحة السلب، والاطراد، والاستعمال، وأصالة عدم القرينة المجازية، وقول اللغوي، وأصالة عدم النقل.

     التبادر: وهو علامة على الحقيقة بلا تردد، وهو إنسباق المعنى الموضوع له إلى الذهن عند إطلاق اللفظ، سواء كان التبادر عند المستعلم وهو يحتاج إلى علم ارتكازي دفين لان المستعلم هو ابن اللغة، أو عند أهل اللغة من الشخص الاجنبي عنهم، بشرط أن يقطع بعدم وجود قرينة عامة أو خاصة على هذا الإنسباق لديهم.

     صحة الحمل: وهو علامة على الحقيقة إن كان الحمل على المعنى الموضوع له، أو على جميع الافراد إن كان الحمل عليهم، أو بعضها إن كان الحمل كذلك.

والظاهر أن صحة الحمل وعدم صحة السلب عمليتان لا ترجعان إلى التبادر. ثم إن العلامات الثلاث ترتكز على استنباش المعنى الارتكازي الاجمالي الدفين في الذاكرة. وبهذا ينتهي اشكال صاحب الكفاية (ره) بان المعنى المتوقف عليه غير المعنى المتوقف عليه، قال ان هناك معنيين: معنى تفصيلي ومعني ارتكازي دفين. الذي يتوقف عليه التبادر هذا المعنى الارتكازي. وقد أشار صاحب الكفاية (ره) إلى هاتين الحالتين لنفس المعنى عندما إشكال الدور بقوله: المعنى الموقوف عليه غير المعنى الموقوف عليه.

 


[1] الكناية: كزيد كثير الرماد المقصود ان زيد كريم لكثرة رماده، ولذلك قالوا ان الكناية ابلغ من التصريح. والكناية ليست ارادة المعنيين، بل هي ارادة المعنى المراد وهو الكرم ويمكن ان يكون كثرة الرماد، وليس انه يريد كثير الرماد وايضا انه كريم، هو لم يرد الاثنين بل يريد الكرم لكنه اتى بلفظ يمكن ان يكون واقعيا. والفرق بين الكناية والمجاز بالمعنى الاخص، والمجاز بالمعنى الاعم هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له. والمجاز بالمعنى الاخص هو عندما يكون المراد من اللفظ مجازيا ويستحيل ان يكون المعنى الحقيقي ثابتا مثل زيد أسد. اما الكناية: فيمكن أن يكون المعنى الحقيقي ثابتا مثل زيد كثير الرماد فالمراد هو الكريم، ولا مانع من كونه كثير الرماد بالمعنى الحقيقي لكثرة طبخه، ولذلك قالوا: إن الكناية أبلغ من التصريح، لان فيها بيان الوصف (كريم) مع الدليل (كثير الرماد).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo