< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     العبادة لا تقع مباحة.

     معنى العبادة التي لا بدل لها والعبادة التي لها بدل.

     محور الاشكال تعلق الامر والنهي في واحد.

     محور رد الاشكال تعدد المتعلّقين.

نعود لصاحب الكفاية (ره) الذي عرّج على تفسير العبادات المكروهة لان بعضهم جعلها دليلا على جواز الاجتماع، إذ هي مأمور بها ومنهي عنها. واجاب بجوابين احدهما اجمالي وملخصه: لما ثبت بالدليل العقلي امتناع اجتماع الامر والنهي فهذه الامثلة تمّ الاشكال فيها ولو فرضنا اننا لا نستطيع ان نجيب فهي شبهة مقابل بديهة. ثم لو كانت هذه العبادات بنفسها متعلقا للنهي لكانت صغرى للكبرى المحال المتفق عليها وهي ان اجتماع الامر والنهي في واحد محال

فإذن هذا الجواب الاجمالي.

ثم يقول فلنفصل المسألة لعلنا نجد اجابة على هذا الاشكال، كأنما يعترف بأهمية الاشكال، يحاول ان يتخلص من الاشكال بتفصيل وهو ان هذه العبادات على ثلاثة اقسام: قسم له بدل، وقسم ليس له بدل، وقسم واضح في اجتماع العنوانين على معنون واحد.

توضيح القسم الذي له بدل: القسم الذي له بدل كالصلاة في الحمام. ذلك أن المفاهيم لها افراد عرضية وافراد طولية، المفاهيم المرتبطة بالمكان افراد عرضية من قبيل اذا قلت لك " صلّ " تستطيع أن تصلي في الحمام وفي المسجد وفي المنزل وفي الدار وفي الشارع، الصلاة في هذه الامكنة كلها في عرض واحد حيث يكون أحدها بدلا من الآخر .

القسم الثاني ليس له بدل: واما المرتبطة بالزمان فهي في طول واحد، من قبيل صلاة الظهر في اول وقتها وبعد ساعة مطلوبة وبعد ساعة اخرى مطلوبة لكنها في طول واحد،.

فإذا دخل وقت المغرب فلا تصح، فلا تكون بدلا، لذلك إذا كان لها بدل يعنى المرتبطة بالمكان. فالحالات والامكنة هي في عرض واحد، والازمنة في طول واحد الصوم في غير عاشوراء لا بدل له، الحادي عشر من عاشوراء لم يعد عاشوراء، فالامور الزمانية الطولية ليس لها بدل.

الشيخ (ره) قسم العبادات إلى عبادات لها بدل وهي المرتبطة بالمكان، وعبادات ليس لها بدل وهي المرتبطة بالزمان. وهذا التعبير بالمرتبطة بالزمان والمرتبطة بالمكان توضيح منا للمطلب، وهو عبّر بان يكون لها بدل ومثل بالصلاة في الحمام وليس لها بدل مثل بصوم عاشوراء.

والقسم الثالث ما كان بعنوانين مثلا:" لا تصل في موضع التهمة " أي ان الكون في مواضع التهمة بذاته منهي عنه والصلاة عنوان آخر.

ملخص جوابه (ره): طالما ان الاشكال في الامثلة المذكورة يرتكز على ان متعلق الامر والنهي واحد، فنفس صوم عاشوراء مأمور به ومنهي عنه. فلذلك عمد الشيخ لرفع الاشكال إلى تفكيك مركزية الاشكال وقال ان المتعلق اثنان وليس واحدا، فإذا تعدد المتعلق فقد تعدد المامور به والمنهي عنه، وهما حينئذ يكونا من باب تزاحم المصلحتين فلم يجتمعا في واحد حقيقة.

التعبير عن الامر بالنهي: ثم يحاول الشيخ الآخوند تصوير المسألة بانها من باب تزاحم المصلحتين، وكأن المسألة تعبيرية، عندما يقول: ان صوم عاشوراء مطلوب لانه صيام، ومنهي عنه لانه صوم عاشوراء، بدل ان ياتي بلفظ " اترك صوم يوم عاشوراء " هذا الامر بالترك اتى بالمنع بصيغة النهي، فقال: " لا تصم يوم عاشوراء "، فصارت المسألة كأنما قال: " صم " و " اترك صوم يوم عاشوراء "، " لا تصم " نهي وردت بالروايات بطريق النهي لكن هو يقول ان هذا النهي في الواقع هو امر، فصار التزاحم بين امرين: الامر بالصوم وله مصلحة والامر بترك الصوم. لم تعد المسألة بين امر ونهي صارت بين امر وامر، وهذا يعني انه اصبح من باب التزاحم.

بالنتيجة (ره) حول النهي إلى امر، " لا تصل في الحمام " النهي معناه " اترك الصلاة في الحمام " صار التزاحم بين مصلحتين: مصلحة أصل الصلاة، ومصلحة ترك الصلاة في الحمام، وعدنا إلى مسألة التضاد.

الشيخ (ره) في المقدمة فصل بين ثلاثة امور، وكان تفصيله حتى يصل إلى نتيجة ان متعلق الامر غير متعلق النهي فلا يصلح دليلا على ما ذهبوا اليه من جواز الاجتماع، لانهم قالوا: ان هذه العبادات المكروهة هي دليل على جواز اجتماع الامر والنهي، لان العبادات المنهي عنها هي عبادة ومأمور بها وصحيحة وفيها ثواب، وهي منهي عنها بنفسها، وخير دليل على الامكان هو الوقوع. وقلنا انهم اتوا بدليلين: الدليل الاول: الوقوع الشرعي مما يدل على الامكان، الدليل الثاني: الوقوع العرفي كما إذا امر السيد العبد بخياطة ثوبه إلى آخره.

الشيخ في مقام الجواب قال ان هذه الامثلة خارجة عن محل الكلام لان محل كلامنا هو اجتماع الامر والنهي في واحد، أما هذه العبادات المكروهة فلم يجتمع فيها امر ونهي في واحد بل في اثنين، أي فكك المتعلق بان هناك متعلقين.

عود على أصل الاشكال: العبادات المكروهة والتي ورد النهي عنها هي من المسائل الشائكة، إذ كيف نتصور ان يأمر الله بشيء يبغضه، إذ الامر لا يكون إلا بعد المحبوبية فتجتمع المحبوبية والمبغوضية في شيء واحد؟! العبادات المكروهة تحتاج إلى تفسير.

لا توجد عبادة مباحة : لان العبادة بمجرد ان وقعت وكانت عبادة صارت صحيحة ومأمور بها وفيها ثواب وفيها تقرب. لا يوجد عبادة ليس فيها ثواب ولا عقاب من قبيل الشيء إذا وجب وقع، هنا نفس الشيء العبادة بذاتها فيها تقرب، بمجرد ان تقع العبادة في الخارج هي عبادة ولو جاء مئة نهي، إذن فيها تقرب, ولمّا اعتبروا التقرب اساسا في مفهوم العبادة فبمجرد كونها عبادة يعني اصبح هناك تقرب وثواب لان التقرب جزء من ماهيتها، ومع انتفاء التقرب لا يكون هناك عبادة، لذلك لا توجد عبادة مباحة اما مستحبة او واجبة أو حرام أو مكروه بعكس المعاملات يمكن ان يكون هناك معاملة مباحة.

تعدد المتعلّق: يمكن تلخيص ما ذكره صاحب الكفاية بكلمة مختصرة وهي تعدد متعلق الحب والبغض، وبالتالي يكون الامر والنهي في عرض واحد، فتتزاحم الملاكات، ويكون من قبيل التزاحم.

وتصوير تزاحم الملاكات باختصار غدا ان شاء الله نكمل.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo