< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/07/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     النسبة بين موضوعين لا يخلو من احد من النسب الاربعة.

     بيان كلام الشيخ الانصاري (ره) في المكاسب حول حرمة الغناء.

     العناوين المحرّمة حيثيات تعليلية وليست حيثيات تقييدية.

ونقول بعد ذلك: إن النسبة بين موضوعي الدليلين الدالين على الوجوب والحرمة لا يخلو من احد النسب الاربعة:

إما ان يكونا متساويين، إما ان يكون بينهما تباين كلي، وإما ان يكون بينهما عموم وخصوص مطلق، واما ان يكون بينهما عموم وخصوص من وجه.

فان كان بينهما تباين كلي، مثلا: اقم الصلاة ولا تشرب الخمر، موضوع الحرمة شرب الخمر، وموضوع الوجوب إقامة الصلاة. الموضوعان متباينان مفهوما ومصداقا عندما نقول في المنطق النسب الاربع، يعني النسب الاربع بحسب المصداق بين المفاهيم المتباينة.

التباين الكلي: فالنسبة الاولى التباين الكلي فهو من باب اجتماع الضدين، فإن كانا غير متلازمين فلا مشكلة، مثلا: " أقم الصلاة " " ولا تشرب الخمر " لن يتطابقا في مصداق واحد. هذا القسم اكثر الموارد، لا علاقة لموارد الوجوب بموارد الحرمة.

وإما ان يكونا متلازمين فان كانا محكومين بحكمين متماثلين ايضا فلا مشكلة مثلا: إذا طلعت الشمس فالنهار موجود، طلوع الشمس ووجود النهار متلازمان ولا مانع من جعلهما محكومين بحكمين متماثلين.

أما لو كانا متخالفين فهنا وقع الخلاف – أي في ثبوت الحكمين المتضادين للمتلازمين – في جواز ثبوت الحكمين او عدمه وبسريان حكم احدهما إلى الآخر. هل يسري في الوحدة الانضمامية حكم احد المتلازمين إلى الآخر؟ هل يمكن ان يكون المتلازمان لهما حكمان مختلفان. قلنا في مسألة الترتب ان اكثرهم قال لا يجوز ان يكونا محكومين بحكمين متضادين لانه يلزم التكليف بالمحال مثلا: هذا " أ " يلزمه " ب " كيف يكون " أ " واجبا و " ب " حراما. وقلنا وقتها انهما مجعولان في عالم الانشاء دون عالم الفعلية، اي احدهما يخرج إلى عالم الفعلية ويصبح مطلوب التنفيذ والاخر لا، لكنه لا يعني الغاءه والغاء جعله. هذا هو الفرق بين القول بعدم امكان جعل الحكمين الضدين للمختلفين وبين ما نذهب اليه. نحن نقول انه إذا كانا امرين مختلفين ومتلازمين وجاءنا حكمان متضادان كالوجوب والحرمة، فإما وجوب وإما حرمة، لكن ليس في عالم الجعل بل في عالم الفعلية، وقد رفضنا نظرية الترتب في المتضادين لكننا وصلنا إلى انه هناك حكم واحد، والآخر يبقى في مرحلة الانشاء والثاني يخرج إلى عالم الفعلية. نحن ذهبنا إلى ثبوت الحكمين في مقام الجعل ويقدر حينئذ الاهم ملاكا إلا إذا كانا متلازمين دائما وكان الشارع الحكيم يعرف ذلك فان ذلك يؤثر حتى في مقام الجعل.

إذا كانت النسب التساوي: واما إذا كان بينهما تساوٍ في المصاديق، المفهومان مختلفان وفي المصاديق متساويان، فهنا نذهب إلى باب التعارض، لانه دائما هناك ملاكان وكل مفهوم له ملاك ومصلحة، الوجوب له ملاك ومصلحة والحرمة لها ملاك ومفسدة. فإذا كان المصداقان دائما معا فلا نتصور من الشارع الحكيم ان يجعل هكذا حكمين في مقام الجعل لانه خلاف الحكمة.

فإذا كانا متساويين دائما فمن الممكن ان يقال انه حرام وواجب في آن واحد ويجعل الشارع الامرين والحكمين معا لكنه خلاف حكمة الشارع.

إذا كان بينهما عموم وخصوص مطلق: مثال فقهي والذي هو محل ابتلاء في ايامنا: مسألة الغناء والموسيقى، الشيخ الانصاري (ره) في المكاسب بعد ان يبحث المسألة ينتهي إلى عدم انفكاك الغناء عن الكلام اللهوي مصداقا.

يقول الشيخ مرتضى الانصاري (ره) في كتاب المكاسب عند بحث الغناء: " وكيف كان، فالمحصل من الأدلة المتقدمة حرمة الصوت المرجع فيه على سبيل اللهو، فإن اللهو كما يكون بآلة من غير صوت – كضرب الأوتار ونحوه - وبالصوت في الآلة - كالمزمار والقصب ونحوهما – فقد يكون بالصوت المجرد.

فكل صوت يكون لهوا بكيفيته ومعدودا من ألحان أهل الفسوق والمعاصي فهو حرام، وإن فرض أنه ليس بغناء. وكل ما لا يعد لهوا فليس بحرام، وإن فرض صدق الغناء عليه، فرضا غير محقق، لعدم الدليل على حرمة الغناء إلا من حيث كونه باطلا ولهوا ولغوا وزورا . [1] / [2]

وهذا الكلام ظاهر في ثبوت عنوانين على معنون واحد، عنوان محرّم وهو الكلام اللهوي، وعنوان آخر وهو الغناء. وفي رأية انهما متساويان مصداقا، او ان اللهو أعم مطلقا حيث يفترض عدم وجود مصداق واحد للغناء لا ينطبق عليه اللهو.

ونحن نختلف معه في هذه النقطة فقط فنقول: الظاهر أن تحريم الغناء هو من باب اللهو واللغو وقول الزور على نحو الحيثية التعليلية، فلو فرض وجود عناء لا ينطبق عليه ذلك فهو حلال. وهذا الفرض موجود كالموسيقى الجنائزية والموسيقى العسكرية وحداء الابل وغير ذلك، لا انه غير موجود كما هو رأيه الشريف.

وبعبارة اخرى: مفهوم الغناء ومفهوم اللهو ينفكان مصداقا. ولذلك لا مانع من أن يكون لكل منهما حكم يختلف عن الآخر.

هنا الفرق بين كلامي وكلام الشيخ الانصاري. ثم إن الذي اقوله ان هذه العناوين المحرّمة حيثيات تعليلية وليست حيثيات تقييدية.

ما ذهب اليه الفقهاء في ايامنا يقولون: الغناء او الموسيقى محرم إذا كانت على نحو ما يتعارف عليه عند اهل الفسق، هذا التعبير كانه يوحي بالحيثية التقييدية. يعني الغناء او الموسيقى على قسمين: عناء يناسب أهل الفجور وعناء لا يناسبهم، فالاول حرام والثاني جائز وهذه حيثية تقييدية.

إذا اصبح هذا الموضوع واضحا اتمنى ان يبيّن هذا الكلام، وانما عرّجت على موضوع الغناء لان بعض وسائل الاعلام قد بيّنته بما قد يوحي بغير ذلك.

غدا نكمل كيفية علاج هذه الصورة إن شاء الله تعالى

 


[2] سؤال احد الطلبة: ليس هناك ضوابط لمعنى الغناء والموسيقى؟ الجواب: ليس هناك أي ضابط هناك بحث حكمي بغض النظر عن معنى مفهوم الغناء، بعد ثبوت المفهوم ما هو حكم الغناء، ذكرنا في المنهجية التي اتمنى ان يحفظها كل طالب، واهم نقطة في عالم الاستنباط هي في معرفة الشبهة في أي شبهة، في الشبهة الحكمية او مفهومية او مصداقية، اين اضعها حتى نعرف ماذا نبحث، هل البحث في المفهوم، او نه بعد ثبوت المفهوم ما هو حكمه حرام أو حلال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo