< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     ميزان التميز بين المسألتين: الاجتماع والنهي عن العبادة.

     تمييز صاحب الفصول بالموضوعات لا بالجهات.

     ما اشكلوه على صاحب الفصول. محاولة إيجاد المبرر لكلام الفصول.

ميزان التمييز بين المسألتين، اولا: ان اجتماع الامر والنهي كلام صغروي وليس كبرويا بمعنى هل اجتماع عنوانين في معنون واحد هو من اجتماع الامر والنهي. ثانيا: ان النهي عن العبادة كلام كبروي وليس صغرويا، أي تعلق النهي بالعبادة وبعد الفراغ من تعلّقه هل العبادة فاسدة او لا؟ مثلا: " لا تصلِّ في الحمام "، تعلق النهي بالصلاة في الحمام، بعد الفراغ من هذا التعلّق هل الصلاة فاسدة او لا؟ إذن هناك فرق شاسع بينهما.

وقلنا ان الفرق بينهما يكمن بالجهات والاغراض والدواعي، فكما ان الفرق بين العلوم والتمييز بينها بالاغراض والدواعي كذلك الفرق بين المسائل هو ايضا بالاغراض والدواعي. ما يستدعي انشاء مسألتين هو اختلاف الغرضين واختلاف الداعيين، ولذلك بان مسألة واحدة يمكن ان تكون في علمين، وذلك لان المسألة الواحدة قد تنتج غرضين ونستفيد منها بغرضين فتكون في علمين. فإذن المميّز بين العلوم هي الاغراض، والمميّز بين المسائل ايضا الاغراض، وليس المميّز لا الموضوعات ولا المحمولات. نعم غالبا ما تكون الموضوعات مختلفة.

هنا صاحب الفصول (ره) ميّز بين المسألتين بالموضوعات، وذلك بالفصل بين موضوع اجتماع الامر والنهي مسألتنا وبين موضوع مسألة اقتضاء النهي الفساد. لكن كيف ميّز بين الموضوعات؟

صاحب الفصول (ره) ميّز بين المسألتين: ولا باس بالتعريج على ما ذكره صاحب الفصول [1] وذلك لتعرض معظم الاصوليين له حيث يقول: ثم اعلم إن الفرق بين المقام والمقام المتقدّم وهو ان الامر والنهي هل يجتمعان في شيء واحد او لا؟ أما في المعاملات فظاهر [2] ، واما في العبادات فهو ان النزاع هناك فيما إذا تعلّق الامر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة [3] وإن كان بينهما عموم مطلق، وهنا [4] فيما اتحدتا حقيقية وتغايرتا بمجرد الاطلاق والتقييد بان تعلّق الامر بالمطلق والنهي بالمقيد. انتهى كلامه رفع مقامه. [5]

وقد كانت الردود عليه (ره) عديدة تتمحور حول عدم الجدوى من تأسيس مسألة لمجرد تغاير الموضوع، بل هما حينئذ مسألة واحدة ذات فروع متعددة.

تعليق على الجواب: اولا: إن هذا الجواب مبنائي، فهو بناء على تغاير العلوم ومسائلها بحسب الجهات، وهذا البناء وإن كان معتمدا، إلا ان في مقابله من يقول بتمايز العلوم بالموضوعات وبهذا يتم تمييز صاحب الفصول.

ثم إنني أعتقد أنه أراد التمييز بين المسألتين من الناحية العملية، أي ملاحظة الباحث لها مباشرة، حيث إن التمييز بحسب الموضوع واضح جدا، من دون أن يخفى عليه التمييز بحسب الجهات. فان الجهات يمكن أن تدرك، بل المفروض إدراكها لتأسيس العلوم والمسائل عليها. وفرق بين المصالح والجهات فان الاولى غالبا لا تدرك بخلاف الثانية.

وبهذا يظهر فساد جميع التمييزات بينهما، ومنها ما قيل من أن النزاع هنا في جواز الاجتماع عقلا وهناك في دلالة النهي لفظا، فان مجرد ذلك لو لم يكن تعدد الجهة في البين لا يوجب إلا تفصيلا في المسألة الواحدة لا عقد مسألتين. هذا التمييز بينها غير صحيح وسنبين ان الامر أو النهي لو لم يكن بادلة لفظية هل يعني ان المسألة ليست موجودة؟، النهي عن العبادة لو كان لبيا هل تنتفي المسألة؟ لو كان الدليل سيرة هل تنتفي المسألة؟ ونقول ايضا ان الاستدلال العقلي والاستدلال اللفظي استدلالات اي اصبحت مبادئ احكام ومبادئ تصديقية لا علاقة لها بتمييز اصل المسألة بل هي كيفية حل ليس اكثر.

 


[1] استطراد: نلاحظ ان كتاب الكفاية في الجزء الاول مباحث الالفاظ تقريبا تعليق على خمسة كتب التي هي: القوانين للمحقق القمي (ره)، وهداية المسترشدين، والمعالم، وتقريرات الشيخ الانصاري (ره)، والفصول. الذي يطالع الكتب الخمسة يفهم الكفاية.
[2] ولعلّ الظهور بسبب اما ان النهي في المعاملات ليس ظاهرا بالتكليفي، بل التحريم وضعي بمعنى الفساد، من قبيل: لا يبيع الصبي شيئا، يعني ان بيع الصبي باطل. النهي في المعاملات بمعنى الفساد. هذا الكلام ليس سليما لانه قد يرد معاملات هي نفسها محرّمة كبيع الخمر، يكون عقد البيع حراما. او المراد من الظاهر ان بعص المعاملات صحيحة ومنهي عنها كالظهار هو ايقاع محرّم شرعا، ونفس ايقاع الظهار حرام وفي نفس الوقت هو صحيح، لا مانع بالجمع بين الصحة والتحريم فيتعلّق الامر بالمعاملة.
[3] صاحب الفصول ذهب في التغاير إلى الموضوعات على ما في بالي، وموضوع الاجتماع هو طبيعتان متغايرتان بحسب الحقيقة، من قبيل " اكرام العالم " العالم يختلف عن الفاسق ماهية.
[4] اي في النهي عن العبادة، " لا تصلّ في الحمام " وهو مطلق الصلاة يتحدان في الحقيقة لان الصلاة صلاة كل ما في الامر ان النهي مقيّد للصلاة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo