< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النواهي

     بيان معنى النهي عند القدماء، وان الامر كالنهي في المعنى.

     تلخيص كلام الكفاية في اربعة نقاط.

     الامر كالنهي في المعنى والاختلاف بحسب المقتضيات العقلية.

معنى النهي:

قد اشتهر بين القدماء ان الموضوع له في الامر هو طلب الفعل، وان الموضوع له في النهي هو طلب الترك، إذن هما يشتركان في كونهما طلبا، وعليه فهما يشتركان في كل ما يعتبر في الدلالة عليه، من كونه من العالي إلى الداني، فكما لا يكون امرا حقيقة بدونه فكذلك لا يكون نهيا حقيقة، وكما لا يدل الامر على ذلك فكذلك النهي. ولذا يشتركان في الدلالة على الفور أو التراخي أو المرّة أو التكرار أو غير ذلك، وهما يختلفان في المتعلّق، فمتعلق الطلب في الامر هو الفعل ومتعلق الطلب في النهي هو الترك.

إشكال على هذا التصور: اشكل على هذا التصور، - وهو ان الموضوع له في النهي هو طلب الترك - بان الترك أمر عدمي، وهو غير مقدود، لان العدم امر أزلي وهو خارج عن القدرة والاختيار.

ونتيجة هذا الاشكال ذهب بعضهم إلى دلالة النهي عن الكفّ عن الفعل، أي ليس مجرد العدم، بل قصد الترك، وهو مقدور للمكلّف.

واجيب على الاشكال بان العدم نقيض الوجود، ولا يمكن تعلّق القدرة بأحد طرفي النقيضين.

نتيجة ما ذهب إليه القدماء: والنتيجة هي ان النهي يشترك مع الامر في المعنى الموضوع له وهو الطلب، ويختلف عنه في المتعلّق، بانه في النهي الترك وفي الامر الفعل.

ما يختلفان فيه: هذا الاشتراك يقتضي عقلا كفاية الفرد الواحد في تحقق الامر وشمول العدم لجميع الافراد، وهذا الاقتضاء عقلي لا وضعي، فان الطبيعة توجد باحد افرادها وتنتفي بانتفاء الجميع.

كذلك في الدلالة على الاستمرار.

فان الامر لما كان بنظر القدماء طلب الفعل، والفعل يتحقق بالفرد الواحد، إذ مع تحققه يتحقق الامتثال، فيتحقق الملاك والمصلحة فيسقط الامر، ولا داعي لبقائه، ولذلك عقلا لا يدل الامر على الدوام والاستمرار وليس هناك ايضا طلب للافراد الاخرى، أما في النهي فلا بد من انعدام جميع الافراد الطولية والعرضية، اي الدفعية والتدريجية.

من هنا ذكر صاحب الكفاية ذلك بقوله: المقصد الثاني: في النواهي فصل: الظاهر أن النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب، مثل الامر بمادته وصيغته، غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود، وفي الآخر العدم، فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره فيه بلا تفاوت أصلا، نعم يختص النهي بخلاف، وهو: إن متعلق الطلب فيه، هل هو الكف، أو مجرد الترك وأن لا يفعل؟ والظاهر هو الثاني، وتوهم أن الترك ومجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار، فلا يصح أن يتعلق به البعث والطلب، فاسد، فإن الترك أيضا يكون مقدورا، وإلا لما كان الفعل مقدورا وصادرا بالإرادة والاختيار، وكون العدم الأزلي لا بالاختيار، لا يوجب أن يكون بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف .

ثم إنه لا دلالة لصيغته على الدوام والتكرار، كما لا دلالة لصيغة الامر وإن كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما، بأن يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الامر مرة والنهي أخرى، ضرورة أن وجودها يكون بوجود فرد واحد، وعدمها لا يكاد يكون إلا بعدم الجميع، كما لا يخفى .

ومن ذلك يظهر أن الدوام والاستمرار، إنما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة مطلقة غير مقيدة بزمان أو حال، فإنه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة، إلا بعدم جميع أفرادها الدفعية والتدريجية .

وبالجملة قضية النهي، ليس إلا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له، كانت مقيدة أو مطلقة، وقضية تركها عقلا، إنما هو ترك جميع أفرادها .

ثم إنه لا دلالة للنهي على إرادة الترك لو خولف، أو عدم إرادته، بل لابد في تعيين ذلك من دلالة، ولو كان إطلاق المتعلق من هذه الجهة، ولا يكفي إطلاقها من سائر الجهات، فتدبر جيدا. [1]

ملخص كلام صاحب الكفاية (ره) في اربعة نقاط:

الاولى: انه لا فرق بين الامر والنهي في شيء إلا في المتعلّق. فالأول متعلق الفعل والثاني متعلّقه الترك.

الثانية: إن العقل يحكم باقتضاء فرد واحد في الامر وعدم جميع الافراد في النهي.

النقطة الثالثة: إن الدوام والاستمرار في النهي ناشيء عقلا من أن الطبيعة لا تنتفي إلا بانتفاء جميع افرادها.

النقطة الرابعة: إذا خالف المكلّف وعصى، فلا دلالة بنفس النهي على استمراره وضرورة امتثاله في بقية الافراد، بل لا بد من قرينة على ذلك ولو باطلاق صيغة النهي.

هذه النقاط ذكرها صاحب الكفاية (ره) واشكل على النقطة الاولى والثانية، ثم نصل إلى المختار.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo