< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/04/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الواجب المؤقت: الموسع والمضيّق.

     الواجب مؤقت إذا كان للوقت مدخلية في ملاك الحكم وإلا فغير مؤقت.

     مفهوم الموسع والمضيّق.

     الاشكالات على الموسع والمضيّق، والجواب عليها.

     افراد الموسع عرضية دفعية كالأفراد المتميزة بالمكان والحالة، وتارة تدريجية كالأفراد المتميزة بالزمان.

الواجب المؤقت ينقسم إلى قسمين: الموسع والمضيّق.

وهذه مسألة قديمة. والكلام في الموسع والمضيق، اولا: في مفهومه، وثانيا: في مسألة مهمّة وهي تبعية القضاء للأداء.

أما في المسألة الاولى: فلا شك في دخالة الوقت في ملاك بعض الاحكام، ولذا ينقسم الواجب إلى مؤقت وغير مؤقت. ثم إن المؤقت ينقسم بلحاظ زيادة الزمان عن الزمان الذي يحتاجه الامتثال بالفرد إلى قسمين: زائد عن ذلك وهو الموسع وغير زائد عليه وهو المضيق. ولا يجوز ان يكون اقل من زمن متعلق المأمور به.

والموسع كالصلاة اليومية فان الوقت المخصص لصلاة الظهر أوسع بكثير من ما يحتاجه أداؤها.

والمضيق كصوم شهر رمضان المحدد امتثاله بداية ونهاية.

لا بأس بذكر بعض الامور التي ذكرها القدماء كإشكالات ومن خلالها ندرك كيفية تطور علم الاصول.

اشكل على الموسع بجواز ترك الواجب في أول الوقت ويلزمه خرج الواجب عن كونه واجبا.

واشكل على المضيّق بلزوم اتحاد البعث والانبعاث زمنا وهذا يلزم منه المحال إذ لا بد من تقدّم البعث على الامتثال ولو آن ما، وهذا الآن إما أن يكون قبل الوقت أو بعده. فان كان قبله لزم وجود المشروط [1] ( وهو وجوب الصوم في المثال قبل شرطه وهو الفجر لانه يشترط في وجوب الصوم طلوع الفجر )، وإن كان بعده لزم خلو الآن الاول من الواجب وهو خلاف كون الواجب مساويا للوقت بكل آناته.

والحقيقة أنه لا ينبغي الالتفات لمثل هذه الإشكالات فانه لا أشكال في إمكان المضيق والموسع بل وتحققه كما ذكرنا في الامثلة، إلا أنه لا بأس بالإشارة إلى الجواب وهو: ان الواجب المؤقت والموسع والمضيق جميعها سنخ من الوجوب وكل قسم من الوجوب له ميزاته، فهو طلب متعلّق بأفراد متعددة ويتخيّر المكلّف في الامتثال بين هذه الافراد. والافراد تارة دفعية وتارة تدريجية،( وهذا كلام صاحب الكفاية (ره) [2] )، فالدفعية في الصلاة هي التي تختلف مكانا وحالة فهي أفراد عرضية، والتدريجية هي التي تختلف زمانا لكنها جميعها أفراد للمأمور به.

وكما كان في الوجوب التخييري، فان ترك بعض الافراد لا يلزم منه ترك الواجب فان الترك كان إلى بدل، وكذلك هنا، ترك بعض الافراد في الزمن الاول لا يلزم منه ترك الواجب فانه لو امتثل في الزمن للاحق عدّ ممتثلا. وهذا سنخ من الوجوب ولا شك في إمكانه وتحققه شرعا وعرفا.

واما الاشكال على المضيّق فيردّه أن الملاك في الواجب المضيّق هو كون زمان الامتثال هو زمان الواجب، وهذا لا علاقة له بالوجوب والبعث، مع ملاحظة أن البعث والانبعاث إن كانا فعليين والعلاقة بينهما فعلية كانا من قبيل العلّة والمعلول ويكون التأخر رتبيا لا زمنيا، وإلا فلا وقع للإشكال المذكور.

النقطة الثانية: تبعية القضاء للأداء:

هذا في النقطة الاولى، والكلام في النقطة الثانية وهي تبعية القضاء للأداء وما يسمى احيانا بوحدة المطلوب وتعدد المطلوب، والكلام تارة في الاصل اللفظي وتارة في الاصل العملي. من قبيل غسل الجمعة المطلوب يوم الجمعة، فلو لم اغتسل يوم الجمعة ، لعذر او لغير عذر، فهل استطيع ان اقضيه في آن لاحق كيوم السبت؟ فهل يجوز القضاء بما له من احكام؟ بمعنى إذا صح غسل الجمعة يوم السبت يعني انه يجوز لي ان اصلي بهذا الغسل يوم السبت بدون وضوء.

اما إذا لم يكن فيه امر وليس مشرعا، ولا دليل على القضاء فلا يجزي عن الوضوء. والامثلة كثيرة جدا كما في صلاة النوافل، نافلة المغرب ذهب وقتها فهل يجوز فيها القضاء او لا؟


[1] ذكرنا في بحث الواجب المشروط والمطلق، انه لو سمي الوجوب المشروط كان افضل، لان القيد ليس للفعل وهو الواجب. الوجوب هو الذي يقيّد.
[2] صاحب الكفاية قال ان للعام افراد من قبيل لو قلت لك " صل " الصلاة في هذا المكان فرد وفي المكان الاخر فرد، وفي المسجد فرد وفي المسجد الحرام فرد وهلمّ جرا وهذه افراد دفعية وفي الامتثال تختار فردا واحدا منها. وهناك ايضا افراد تدريجية عندما يكون الزمان موسعا، من قبيل صلاة الظهر بعد الزوال إلى الغروب هناك افراد، هذه افراد تدريجية. وقلنا ان " زبد " هو شخص ومع ذلك هو مطلق، كيف يكون مطلقا وليس له افراد إذ الموضوع له واحد خارجي؟ نقول انه مطلق من جهة الحالات، تارة يكون زيد قائما وتارة قاعدا إلى آخره. وذكرنا في التعريفات ان كلمة " عام " و" مطلق " ذكرتا كثيرا واستخدمت احيانا الواحدة مكان الاخرى. بعضهم قال " العام " و " المطلق " شيء واحد لكن العام بلحاظ ما كان العموم بالوضع، و " المطلق " ما كان العموم بالإطلاق، مثلا: " اكرم كل عالم " هذا عام، " اكرم العالم " هذا مطلق. ولذا ذهبنا إلى الاصطلاح المفروض في علم الاصول بحيث يرفع الالتباس وهو: ان العام هو ما كان بلحاظ الافراد الذي له افراد كثيرة. اما المطلق فهو ما كان بلحاظ الازمان والامكنة والظروف والحالات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo