< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : هل الاحكام تتعلق بالطبائع أو بالأفراد؟

     تتعلق الاحكام بالطبائع على نحو الحمل الشائع صناعي.

     الامور على اربعة انحاء اثنان متأصلان، واثنان غير متأصلين.

     الشيء ما لم يتشخص لم يوجد.

     الكلي الطبيعي ( الطبيعة ) الموجودة في الخارج هل هي موجودة في الخارج حقيقة بمعنى أن لها في كل فرد حصّة حقيقية تختلف عن الحصة الاخرى، أم هي انتزاعي.

نكمل مسألة تعلق الاحكام بالطبائع أو بالأفراد وهذه المسألة لها ثمارها اللاحقة ثم سنأتي إلى تطبيقاتها، والتطبيق الرئيسي هو في مسألة اجتماع الامر والنهي، حيث انهم قالوا: ان الاحكام ان كانت متعلقة بالطبائع يبقى الامر في الطبيعة ولا يجتمعان في واحد، من قبيل: " اكرم العالم لا تكرم الفاسق " فقد اجتمعا في زيد، الامر بطبيعة العالم وليس بفرده، والنهي عن طبيعة الفاسق وليس بفرده، عندما اجتمعا في زيد العالم والفاسق فهل يجب اكرامه أو يحرم اكرامه، فزيد اشترك فيه العنوانان هو عالم وهو فاسق، والعنوانان لم يجتمعا في زيد حقيقة، بل لا يزال الامر والنهي متعلقين بالطبيعتين العالم والفاسق ولم يجتمعا في واحد وهو زيد، ولذا يتحقق الامر والنهي ويثبتان معا وهذا معنى جواز الاجتماع.

اما إذا كانا متعلقين بالأفراد فقد اجتمع الامر والنهي في واحد وهو الفرد، وحينئذ لا يثبت إلا أحدهما: إما الامر وإما النهي.

لا شك في ان اجتماع الامر والنهي في واحد محال وهذا امر وجداني ان اطلب وانهى في آن واحد هذا محال او هو طلب للمحال ذكرنا ذلك امس. إذ قلنا ان الامر يدل على محبوبية الشيء والنهي يدل على مبغوضيته ولا يجتمع بغض وحب في آن واحد في شيء واحد، لذلك قال بعضهم ان اجتماع الامر والنهي طلب محال وبعضهم قال انه طلب للمحال لأنه تكليف العاجز.

للوهلة الاولى ان مسألة هل الاحكام تتعلق بالطبائع أو بالأفراد؟ بما هي قد يقال انه لا معنى لها، لأنه ليس هناك عاقل فضلا عن عالم يقول ان الاحكام متعلقة بالطبائع - الواقع الذهني - بما هي طبيعة ليست موجودة في الخارج اصلا بل وجود ذهني محضة لا معنى بان يتعلق فيه الطلب، ليس هو المراد ولا المطلوب ولا هو محصل الغرض نقطع بان الطبيعة بما هي طبيعة في الذهن ليست مطلوبة قطعا. كذلك الفرد فهو كفرد خارجي لا يمكن ان يكون متعلقا للطلب فطلبه محال لان الفرد الخارجي عندما يوجد لا معنى لإيجاده، ولذلك قالوا لا يمكن ان يتعلق الامر بالفرد كفرد لأنه تحصل حاصل.

والذي يمكن ان يقال انه نريد ايجاد الطلب الذي يتعلق بالطبيعة الحاكية عن افرادها بحيث يكون ايجاد الطبيعة في الخارج بلحاظ افرادها على نحو التخيير العقلي أي طلب إيجاد أحد أفراد الطبيعة، ويكون هو المطلوب الطبيعة لا بما هي بل على نحو الحمل الشائع صناعي لا على نحو الحمل الذاتي الاولي، يعني الطبيعة بلحاظ افرادها، كلي طبيعي لا بلحاظ الكليّة بل بلحاظ افراده ولحاظ وجوده في الخارج على نحو التخيير العقلي. بعبارة اخرى: الاحكام تتعلق بالكليات بلحاظ افرادها على نحو الحمل الشائع صناعي، ولذلك يكون على نحو التخيير العقلي بإيجاد فرد من افرادها.

نعود لمسألة هل الاحكام تتعلق بالطبائع أو بالأفراد؟ لا بد من تمهيد مقدمات:

الاولى: إن الأمور على أربعة أنحاء: اثنان متأصلان أي لهما وجود في الخارج، واثنان غير متأصلين.

اما المتأصلان فهما: الجوهر كزيد، والعرض كالبياض. والفرق بينهما ان الجوهر موجود لا في موضوع، واما العرض فيحتاج إلى معروض أي انه موجود في موضوع.

واما غير المتأصلين فهما: الاعتباري كالزوجية، والإنتزاعي كالفوقية. والفرق بينهما ان الاعتباري ليس له أي وجود أو منشأ وجود خارجي، ليس له أي منشأ هو اعتبار ومجرد اصطلاح محض. وقد يكون له سبب اعتبار، كالزوجية والبيع والملكية وغير ذلك، بل لا بد من سبب للاعتبار، إذا كان المعتبر حكيما، لكن السبب والداعي شيء وتأصل الأمر أو منشأ انتزاعه شيء آخر.

والإنتزاعي وإن لم يكن متأصلا إلا أنه لا بد من التأصل في منشأ انتزاعه، كالفوقية التي هي صورة ذهنية منتزعة من واقع خارجي وليس لها وجود في الخارج ابدا، ولكن نفس المنتزع منه هو واقع خارجي، فان صورة الكتاب فوق الطاولة صورة واقعية خارجية متأصلة، أما الفوقية فليس لها وجود خارجي، نعم منشأ انتزاعها وهو الكتاب فوق الطاولة لا بد من تأصله خارجا.

الثانية: إن الشيء ما لم يتشخص لم يوجد، فان المشخصات الخارجية من اللون والطول والحيز وغير ذلك لا بد منها للوجود، والمشخصات ضرورية للوجود الخارجي وكل فرد يتميّز عن الفرد الآخر بمشخصاته ولذا قالوا: إن التشخص نفس الوجود. فالإنسان إذا وجد يوجد ضمن الحيز واللون وغير ذلك، وبدونها لا يمكن وجوده.

الثالثة: هل الكلي الطبيعي – أي الطبيعة – الموجودة في الخارج هل هي موجودة في الخارج حقيقة بمعنى أن لها في كل فرد حصّة حقيقية تختلف عن الحصة الاخرى ذاتا ومشخصات، أو ان الطبيعة والماهية هي امر انتزاعي منتزع من وجود افراد في الخارج، أما الطبيعة فليست موجودة إلا في الذهن؟

بعبارة اخرى: عندما يقال انسان هل هناك في الخارج انسان أو لا؟ هل هناك طبيعة او لا؟ هل هناك حصص للإنسان خارجية واقعية كما ذهب اليه الكثيرون ما يعبر عنه بأصالة الماهية ؟ أو ان الطبيعة والماهية هي امر انتزاعي منتزع من وجود افراد في الخارج، أما الماهية فلا وجود لها في الخارج والموجود هو خصوص الافراد؟ وهذا ما يعبّر عنه بأصالة الوجود.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo