< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟

-الفرق بين الوجوب الانحلالي والشرط المتأخر.

-بيان كيفية الوجوب في الصلاة وفي الصوم.

-الزمان يؤخذ في التكليف على نحو الموضوعية وعلى نحو اللابدية العقلية.

-المأخوذ على نحو اللابدية العقلية لكونه مشخصا للفعل، قد لا يتدخل الشارع فيه فيكون واجبا غير مؤقت وقد يتدخل فيكون واجبا مؤقتا.

-كلام السيد الخوئي (ره) في المسألة.

-ذكرنا رأي النائيني (ره) بانه يقول ان هذه المسألة لا معنى لها، هذا على مستوى المسألة الاصولية.

وأما ما ذكر من الثمرة وهو ثبوت الكفارة مع القول بعدم جواز امر الآمر مع انتفاء شرطه، وثبوت الكفارة للصائم مع القول بجواز أمر الآمر مع انتفاء شرطه، فهذه ليست ثمرة لتلك المسألة. اما كيف نحقق تلك الثمرة؟ قال: انه نحققها بالمسألة الفقهية، وهي أن وجوب الصوم هل يتعدد بتعدد آنات الصوم أو لا بل على نحو الشرط المتأخر. بعبارة اخرى: عندما نقول صم شهر رمضان ينحل الصوم إلى ثلاثين وجوبا وينحل إلى وجوبات بتعدد الآنات، فهل وجوب صوم اليوم الواحد من شهر رمضان ينحل كوجوب الصلاة إلى وجوبات بتعدد الآنات، فهل وجوب الصوم من هذا القبيل. عندما اقول لك امسك من الفجر إلى الليل هل ينحل إلى هذه الوجوبات أي ان هناك صوم في اللحظة الاولى ووجوب صوم في اللحظة الثانية والثالثة، فإذا كانت هكذا يكون الافطار قبل السفر إفطارا عالم متعمّد لتحقق وجوب الصوم من اللحظة الاولى بتمام شروطه.

اما لو كان الصوم على نحو الشرط المتأخر أي انه يجب الصوم الآن بشرط استمرار شرائط الوجوب إلى الغروب، ومن جملة شرائط الوجوب ان تكون المرأة طاهرة من الحيض والنفاس، أو أن يكون قبل الظهر غير مسافر إلى آخره من شرائط الوجوب كوجود التقية او غير ذلك، فلا يجب الصوم إذا قلنا على انه على نحو الشرط المتأخر لكن حينئذ لا تثبت كفارة لانه عندما افطر عمدا ويصدق عليه الافطار العمدي.

تحقيق بسيط: هل الصوم كالصلاة في الانحلال:

ارتباط الامر بالزمان( بين الزمان وموضوع الوجوب وهو متعلق الحكم ) على نحوين: تارة ارتباط عقلي ظرف زماني وقيّده الشارع بكونه لا بد منه، وتارة ارتباط شرعي بحيث يكون جزءا من الموضوع ومتعلق التكليف.

الجامع المشترك بين الصلاة والصوم من حيث الزمان هو ان الصلاة لا بد فيها من زمان من الظهر إلى الغروب مثلا، والصوم ايضا ارتباط بزمان وقيّده الشارع من الفجر إلى الليل.

واما الفرق بينهما فالصلاة عبارة عن أفعال من سجود وركوع وغير ذلك لكن يشترط وقوعها في زمان معيّن وليس بنفسها متعلق التكليف فدخالة الزمان دخالة عقلية، من باب ان المظروف يحتاج إلى ظرف زماني ، وهذا في كل شيء، فالزمان ظرف لا بد منه وهو من المشخصات للشيء خارجا، والشيء ما لم يتشخص لم يوجد. وبعد ذلك تدخل الشارع في هذا الظرف الزماني فحدده بحدود معينة، فصار متعلقه يسمى بالواجب المؤقت مثلا: قيدت الافعال في صلاة الظهر تكون من الظهر إلى ما قبل الغروب بمقدار أدائها.

اما الصوم فهو عبارة عن امساك في زمن معيّن، الزمن مأخوذ في المتعلّق، على نحو الموضوعية لا على نحو اللابدية العقلية. وبعبارة اخرى: تارة نقول: وجوب صوم رمضان هو وجوب الامساك عن المفطرات وهذا الامساك مقيّد في شهر رمضان، ومن الفجر غلى الليل. وهذا النحو هو لا بدية عقلية للامساك لان لكل فعل زمنا يقع فيه، والشارع المقدّس تدخل في خصوص سعة وضيق هذا الزمن. وهذا القسم من ارتباط الزمان في لسان الشارع يقتضي انحلال الوجوب ألة وجوبات متعددة الآنات كما قالوا في كل واجب موسع. وهو النحو المأخوذ في وجوب الصلاة. فان الصلاة عبارة عن أفعال من تكبير وركوع وسجود وغي ذلك، أخذ الزمن على النحو اللابدية العقلية ومن باب التشخيص الخارجي، نعم تدخل الشارع في تحديد الزمن سعة وضيقل. ولذا، فلو ركع، ثم نوى الخروج من الصلاة، ثم عاد إلى نية الصلاة قبل أن ياتي بمبطل لها من التفات عن القبلة وغيره لم تبطل صلاته، لان الصلاة عبارة عن أفعال مرتبطة بنيّة. وأما الزمان فهو خارج عن ماهيتها وعن الوجوب وعن الواجب في الاصل.

واما الصوم فالزمان مأخوذ في المتعلّق على نحو الموضوعية، فرمضان ملحوظ اساسا في لسان الشارع وفي اهتمامه يريد الشارع تعظيمه وتكريمه بإيقاع الصوم فيه، مثل استحباب صوم يوم الغدير، فالزمان من الفجر إلى الليل ملحوظ في ملاك الحكم وفي مرحلة الاقتضاء، والشارع اهتم به اهتماما خاصا لدرجة انه جعله جزاءا من الموضوع.

وهذا النحو يقتضي عدم الانحلال إلى الآنات المتعددة، بل هو وجوب واحد موضوعه الزمان، ولذا فموضوع الصوم هو زمن واحد من الفجر إلى الليل، ولذا لو أخلّ بالنية لحظة واحدة في أثناء النهار بطل صومه.

نعم، قد يقال: إن ما ورد من صوم التأدب، أو من وجوب الكفارة قبل السفر وعدم جواز تناول شيء من المفطرات يدل على الانحلال، ويكشف بنحو الإن على كون الزمان مأخوذا على نحو اللابدية العقلية تدخل فيها الشارع لا على نحو الموضوعية.

والجواب: عن هذه أحكام خاصة، وإلا فإن السفر قبل الزوال يقتضي عدم ثبوت وجوب الصوم من أصله. فعدم وجوب الصوم بعد السفر يكشف عن أصل الحكم، فهو سقوط كشفي. واما ما قيل إنه سقوط انقلابي، أي ينقلب حكم المكلف من وجوب الصوم صباحا، وكون تناول المفطر لإطارا عمديا إلى جواز وعدم صدق الافطار، هذا القول ممكن بالنسبة للمكلَّف لا للمكلِّف ، فالمكلَّف الذي لا يعلم بانه سيسافر، أو يشك في حدوث السفر عنده أو نيّة الشفر، يكون السفر مسقطا وينقلب الحكم في حقّه، من وجوب صوم إلى وجوب إفطار. أما بالنسبة للآمر العالم بانتفاء الشرط فلا معنى للانقلاب، إذ حكمه خلاف الحكمة، ولا معنى لاصداره حكما بوجوب الصوم من الصباح. ولذا يكون سقوط الصوم بالسفر كشفي لا انقلابي.

ومن هنا يظهر ما في تعبير السيد الخوئي (ره) بما مضمونه في بالي: إذا افطر في شهر رمضان من الصباح وهو يعلم لأنه سيسافر تجب عليه الكفارة لكونه من الافطار العمدي، لأن موضوع الكفارة هو الافطار العمدي.

والملاحظة هي في اعتباره تناول المفطر من الافطار العمدي. إلا ان تعبيره (ره) لا يتم إلا بناء على السقوط الانقلابي وهو كما بيّنا، إنما يصح بالنسبة للآخر الشاك بانتفاء الشرط أو المأمور الذي يبدو له السفر. أما على المختار من السقوط الكشفي فليس كذلك، إذ ان عنوان الافطار العمدي غير متحقق.

غدا ان شاء الله نكمل كلام السيد الخوئي (ره).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo