< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/12/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة التضاد.

-علاج باب التعارض.

-هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟

ثمرة المسألة: وجوب الكفارة على من أفطر عمدا في النهار وهو يعلم بارتفاع وجوب الصوم لعدم حصول شرطه اثناء النهار.

تذكير مختصر: التنافي تارة يكون من باب التزاحم وتارة يكون من باب التعارض. فإذا كان المجعولان منشآن لكن لا استطيع أن أمتثلهما معا فهذا من باب التزاحم، ولذلك كان العلاج استكشاف الاهم مصلحة، والمرجحات مرجحات الاهميّة. إذن ملاك واساس التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال بعد الجعل. أما في التعارض هناك مجعول واحد على نحو التكليف الحقيقي الاوّلي، هذا المجعول كيف استكشفه؟ وبغض النظر عن النصوص نرى العلاج الوجداني لأيهما المجعول؟ كيف أستكشفه؟ ولذا كانت الروايات مطابقة للوجدان، خذ بقول أصدقهما، أو بقول أفقههما أو غير ذلك. العلاج هنا يختلف.

لذلك كان علاج باب التعارض ناظرا إلى صدور الحكم وسياتي تفصيلا، وملخص الكلام فيه أنه لما كان أحد الدليلين يكذب مدلول الآخر، لكن لا ندري أيهما النافي وأيهما المنتفي.

فالقاعدة الأولية في حال استحكام تعارض الدليلين هي التساقط على المشهور، وقيل بالتخيير. إلا أنه وردت روايات في العلاج، وهي طوائف:

منها: التخيير مطلقا، " بأيهما أخذت وسعك ".

ومنها: التوقف الذي يؤدي إلى الاحتياط.

ومنها: الاحتياط، روايات " الحائطة لدينك ".

ومنها: الترجيح: تارة بموافقة الكتاب، وتارة بمخالفة القوم، وتارة بالشهرة، وتارة بصفات الراوي كالأفقهية والاوثق والأعدل وغيرها، وسنتوسع إن شاء الله في ذلك.

والذي أراه هو الأخذ بالأكثر قربا ظنا للواقع [1] ، ويجب ان تكون اسباب الأقربية عقلائية، لان ذلك سيرة العقلاء وليس بناء العقلاء ولا حكم العقلاء، إذ أن سيرة العقلاء مسلك لسد حاجة، وهي الدليل على حجية الخبر، فتكون أيضا دليلا في الفروع مثل مسألتنا عند تعارض الخبرين الحجتين، إلا ان يأتي دليل آخر شرعي ينقض السيرة. وأما ما ذكر من المرجحات فهي ليست إلا تطبيقات لهذه السيرة العقلائية.

الذي دفعنا إلى هذا البحث أي مسألة التزاحم والتعارض هو مبحث الترتب وفي مقام التنافي، وبعد ما قلنا بان الترتب غير تام ونؤيد صاحب الكفاية بهذا الرأي بخلاف المشهور بين المتأخرين. فإذا فهمنا ان ملاك التزاحم في عالم الامتثال بسبب عدم القدرة بعد جعلهما، ولذلك البحث عن الاهميّة. اما التعارض ملاكه احدهما يكذب الآخر ويكون المجعول واحدا. لذلك لا بد من اختلاف في طريقة العلاج، علاج التزاحم يكون باكتشاف الاهم وتقديمه، وعلاج التعارض يكون باكتشاف المجعول. وقلنا في التعارض العلاج هو تقديم الاقرب للواقع، اما في الروايات، فمن قال بان حجية خبر الواحد بسبب الروايات او النصوص أو القرآن مثل قوله تعالى: " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا "، أصبحت الروايات هي الدليل ويقتصر حينئذ على " ما اشتهر بين اصحابك " " وقول الأفقه والأعدل وغير ذلك من المرجحات. أي ان المسألة تعود لأصل حجية خبر الواحد، فإن الدليل على أصل المسألة هو يدلني على فروعها.

نعود للكفاية ولمباحث الالفاظ ولتفصيل صاحب الكفاية.

فصل: هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟

انا كآمر أعلم أن الشرط لن يكون، أي منتف، ومع ذلك هل يصح الامر بالفاقد لشرطه أو لا؟

الثمرة وجوب الكفارة على من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تماميّة شرائط الوجوب له إلى الليل. وذلك مثل من أفطر في شهر رمضان ثم سافر، أو حاضت المرأة أو مرض المكلف مرضا يمنعه من الصوم، أي مع فقد شرائط الوجوب، فبناء على جواز الامر مع العلم بانتفاء الشرط وهو الخلو من الحيض طوال النهار، أي انها تعلم بطروء الحيض بعد ساعة مثلا، فأفطرت قبل الحيض، فإنها على هذا القول – أي جواز الامر مع العلم بانتفاء الشرط – تكون قد عصت أمر الله تعالى فتجب عليها الكفارة. واما بناء على عدم الجواز فالمفروض أن لا تجب الكفارة، لأنها لم تعص الله عز وجل إذ لا يجب عليها صوم الشهر الفضيل، وكل ما في الامر ان هناك تجرٍ على الله إذا لم يتم أمر الآمر وتوهمت وجود الأمر.

والكلام تارة في المسألة الاصولية أي في الكبرى: هل يجوز امر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟ وتارة الكلام في المسألة الفقهية، أي في ان موضوع الكفارة ما هو؟ وموضوع الصوم ما هو؟ وهل يجب الصوم على نحو الشرط المتأخر؟.

إذن المسألة الاصولية بمعنى هل يصح الامر مع العلم بانتفاء الشرط؟

والمسألة الفقهية بمعنى: هل وجوب الصوم بشرائطه على نحو الشرط المتأخر أي يجب الصوم مع الطهر بشرط بقاء الطهر إلى آخر النهار، فإذا حاضت في اثناء النهار انكشف عدم وجوب الصوم من أول النهار لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه؟ أو ان الصوم يسقط من حين الحيض؟

غدا ان شاء الله نكمل.


[1] وهذا القول هو قول الشيخ الانصاري (ره) قول وجداني فطري وانا اؤيده.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo