< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/12/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة التضاد.

     استكشاف الاهمية.

     طرق الاستكشاف.

ذكرنا أمس أن ملاك التزاحم هو التنافي في عالم الامتثال بعد تجاوز عالم الجعل، حيث إن كلا الحكمين صادر وموجود فلا يكذب أحدهما الآخر، لكن في عالم الامتثال لا استطيع أن امتثل إلا واحدا منهم، ولذلك له علاجه وهو باستكشاف الاهم. أما التعارض فاحدهما يكذب الآخر، هذا يعني ان الآخر ليس مجعولاً، احدهما صادر والآخر لا. ويكون علاج باب التعارض بالعلاجات التي ذكرت في الروايات: بقول افقههما بأوثقهما مرجحات الراوي أو المروي أو غير ذلك.

هذا هو الفرق بين التزاحم والتعارض، وقد قلنا ان وجه الاشتراك بين التزاحم والتعارض هذا التنافي، وقد ميزنا بينهما. ثم اننا قلنا انه في عالم التزاحم العلاج يكون بتقديم الاهم، لكن كيف استكشف الاهميّة؟

استكشاف الأهمية: ليست الملاكات على نسق واحد وبنفس المرتبة، ولكن استكشافها ليس دائما واضحا.

ومن طرق الاستكشاف:

     الأهمية الوجدانية التي لا تحتاج إلى دليل وهي الأهم في الاستكشافات، فلو تزاحم حكمان مثل وجوب حفظ الحياة وحرمة أكل الميتة، واجتمعا بحيث لا يمكن امتثال الحكمين معا، فإن الوجدان والفطرة البشرية تحكم بتقديم حفظ النفس. ومن تطبيقات المسألة ما لو دار الأمر بين حياة الجنين وحياة الأم، فقد رأيت بعض الفقهاء يقدّم حياة الأم لأهمية وجودها في حياة الأسرة وأبنائها وهم موجودون بالفعل.

فإذا لم يكشف الوجدان عن الاهمية ذهبنا إلى كواشف اخرى معتبرة من جملتها النصوص. نستكشف من النصوص ان هذا أهم من ذاك، اولا:

     بتقديم الرواتب على غيرها، كتقديم صلاة الفريضة اليومية على الخسوف في حال تضيق الزمان فلا يسع إلا لأحدهما، وفيها نصوص أي روايات. وقد برّر التقديم بانه لولا أهميتها لما كانت يومية. لكنّا لا نسلّم بهذه الكبرى، فان الواجب الطارئ له موضوعه، فلا يجب إلا عند تحقق موضوعه، وقد يكون هو الأهم، بل إننا نجد عرف الناس يقدّمون الأمور ذات المناسبة الخاصة على الأمور اليومية.

     تقديم المضيّق على الموسع. وهذا مسلّم لا يحتاج إلى بيان. وهو من التزاحم البدوي، وذلك بلحاظ ملاك التزاحم وهو عدم القدرة على امتثالهما معا في آن واحد، ولكن التزاحم يرتفع بعد ملاحظة إمكان امتثال الامرين بتأخير أحدهما عن الآخر من دون خروج عن مؤدى الدليل.

وفي المضيق والموسع يقدم المضيق بلا شك، لأنه إذا قدمت المضيق هذا يؤدي إلى امكان امتثال الموسع. أما إذا قدمت الموسع ينتفي المضيق ويؤدي إلى عدم امتثال احدهما. العقل يحكم بوجوب تقديم المضيّق وعبّروا عنها بالأهميّة كما الشيخ المظفر (ره) حيث يقول في كتابه اصول الفقه: من جملة كواشف الاهميّة تقديم المضيق على الموسع.

وغير ذلك مما ذكرناه، فكواشف الاهمية غير محصورة، كتقديم ما ليس له بدل على ما له بدل، وتقديم الاسبق زمانا، وتقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية، وقد ذكرنا ذلك سابقا، ثم ذكرنا تقديم المرجحات بعضها على بعض، وذكرنا ان المرجح الاقوى والمقدّم هو الأقوى مصلحة وملاكا واقتضاء، وهو وجداني غالبا.

واما علاج باب التعارض فسياتي تفصيلا ان شاء الله غدا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo