< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/07/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     بيان المختار.

     مراحل باب التزاحم.

 

بيان المختار في المسألة: وهو تقديم الحج على النذر وذلك لأهميته، فالأمران متزاحمان وليس أحدهما أسبق زمانا من الآخر كي يقدّم عليه. بل هما في عرض واحد، وهذا يقتضي تفسير المرجح وهو " الاسبق زمانا ".

وذكرنا ان كل مرجحات باب التزاحم تدور حول محور واحد وهو أيهما الفعلي، أيُّ الحكمين يمنع من فعلية الآخر. ولذلك وان ذكروا هنا ثلاثة مرجحات يمكن ان يكون هناك مرجحات اخرى، المرجحات المذكورة ليست مرجحات حصرية، لكن الملاك والمناط هو ايهما مقدم على الآخر فعليّة.

كنا في المرجح اسبق زمانا، وقالوا الاسبق زمانا هو المقدّم لأنه يمنع من فعلية الآخر. فالاسبقية الزمانية مرجحة مطلقا على ما ذهب إليه السيد الخوئي (ره) لكن الشيخ النائيني (ره) قيّده عندما قال: يقدم الاسبق زمانا إلا إذا كان هناك مرجح آخر. قلنا في البداية ان هذا ليس محل الكلام، فهذا القيد وهو إذا لم يكن مرجح آخر لا ينحصر في الاسبق زمانا، بل هو في كل المرجحات يكون هذا القيد إلا إذا كان هناك مرجح آخر. نحن كلامنا في ان " هذا الاسبق زمانا " مرجح او لا؟ وما ليس له بدل على ما له بدل مرجح او لا؟ إذن النقطة الاولى ان كلامنا في تعيين المرجحات بما هي، بغض النظر عن وجود مرجح آخر أي المرجحين يقدّم؟ الكلام ليس في تزاحم أو تعارض أو تنافي المرجحات. كلامنا في هذا الشيء مرجح بذاته.

كلامنا في معنى الاسبق زمانا، هل مسألتنا من الاسبق زمانا، مسألة لو نذر المبيت عن الحسين (ع) يوم عرفة وبعد ذلك حصلت الاستطاعة للحج الواجب، هل هذا من الاسبق زمانا او لا؟

إذا كان من الاسبق زمانا بلا شك يكون من مرجحات باب التزاحم، ويكون الاسبق زمانا النذر مقدما على الحج. نذكر في كيفية حل هذه المسألة: الشيخ النائيني (ره) حل المسألة بان الوفاء بالنذر يستلزم معصية. وكان الرد عليه انها ليست معصية بل احدهما يطرد ويدفع موضوع الآخر.

ما معنى الاسبق زمانا:

الحكم في مراحله يبدأ في: مرحلة الاقتضاء والمصالح ثم مرحلة الانشاء ثم الفعلية ثم التنجيز. ونحن قلنا ان الحكم له مرحلة واحدة وهي الانشاء والباقي حالات للحكم وليست مراحل للحكم.

لنَرَ الاسبق زمانا بلحاظ أي مرحلة. مرحلة الاقتضاء لا احد يتحدث فيها.

اما مرحلة الانشاء، فهناك انشاءين: الانشاء المطلق الكلي الذي هو باللوح المحفوظ، والثاني هو انشاء الفرد – العقد او النذر -. بعد تحقق وانشاء النذر أو العقد تأتي مرحلة ثالثة وهي تحقق الموضوع، رابعا يأتي تحقق الامتثال، إذ ليس لمجرد تحقق الموضوع تتحقق الفعلية، إذ تحتاج إلى جانب تحقق الموضوع إلى عدم استلزامه لترك واجب أو فعل حرام. فلنرى الاسبق زمانا بلحاظ أي شيء؟

وسنخلص إلى نتيجة وهي: ان الاسبق زمانا يكون بلحاظ تقدم احد الواجبين على الآخر وليس بلحاظ تقدم احد الوجوبين على الآخر. وهذا المثال ليس صغرى للكبرى محل الكلام، باب الاسبق زمانا. بتعبير آخر: العبرة في الاسبق زمانا الذي يكون مرجحا هو الاسبق واجبا لا الاسبق وجوبا.

سبق الزمان له وجوه:

تارة يكون بحسب أصل الانشاء وتارة بحسب تحقق الفرد الكلي، وتارة بحسب تحقق موضوعه، وتارة بحسب تحقق امتثاله.

أما الاول: فالأحكام منزلة في اللوح المحفوظ في زمان واحد، فوجب الحج ووجب الوفاء بالنذر في زمن واحد. [1]

واما الثاني: وهو وجود الفردين، أي وجود الوجوبين فلا أهمية للأسبق زمانا، وانه مجرد انشاء محض، لا تنافي فيه في مقام التحقق والامتثال، بل حتى في الانشاء لان الانشاء خفيف المؤونة. بل لا يصل إلى باب التعارض إلا في حالة واحدة ذكرناها سابقا، فان كل انشاءين متنافيين استطيع ان انشأهما وهذا يكون من الحكيم وغير الحكيم. اما الحكيم إذا كان يعلم ان هذين الانشاءين لن يكون لهما في مقام الفعلية والقدرة على الامتثال مجال، فليس من شان الحكيم ان ينشأهما معا.

وما الثالث: تحقق موضوعهما، فان ثبوت الموضوع لا يعنى فعلية الوجوب، بل تحتاج الفعلية إلى أمور أخرى كعدم استلزامه ترك واجب أو فعل حرام. وايضا هذا القسم لا يكون من باب التزاحم إذ لا تنافي بينهما في مقام الامتثال.

واما الرابع: إذا تحقق الموضوع والامتثال فيتحقق التزاحم والعبرة هي بتقدم زمان أحد الواجبين على زمان الآخر، كتقدم زمان صلاة الفجر على زمان صلاة الظهر، ولا عبرة بتقدم زمان أحد الوجوبين على زمان الأخر.

غدا ان شاء الله نبين الوجه الرابع وننتقل إلى ذكر معنى الاستطاعة فقهيا، هل هي الاستطاعة التكوينية ام الشرعية؟.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] وهذه المسألة مهمّة في التبليغ في التدرج في الاحكام، هل مناطها يشمل ما نحن فيه من تبليغ الاحكام إلى اقوام غير مسلمين دفعة واحدة؟ هل مصلحة التدرج في الاحكام بمناطها تشمل يومنا هذا؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo