< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة النهي عن الضد.

     الكلام في المورد الثاني وهو تقديم الطهارة الخبثية على الطهارة الحدثية.

     اشتراط أن يكون الحكمان نفسيين مولويين ليكون من باب التزاحم، فلا يقع بين الارشاديين.

     التزاحم في الحقيقة ليس بين الشرطين بل بين الامر بطهارة حدثية وبين الامر بطهارة خبثية.

     على هذا لا تنطبق الكبرى، لان لكليهما بدلا.

ذكرنا امس المثال الاول إذا دار الامر بين التخييري والتعييني مثاله وجود مال لا يستطيع إلا ان ينفقه اما في مؤنة زوجته او في كفارة افطار شهر رمضان عمدا. ذكر السيد الخوئي (ره) ان هذا ليس من باب التزاحم، وقلنا ان هذه المسألة مبنائية إذا قلنا أن جوهر التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال يكون كلام السيد الخوئي وجيها، وإذا قلنا ان جوهر التزاحم هو تنافي الملاكين مع وجودهما كما هو عليه صاحب الكفاية (ره) يكون من باب التزاحم.

نحن ايدنا كلام صاحب الكفاية (ره) ان جوهر التزاحم هو وجود الملاكين وإلا انقلب إلى تعارض.

المورد الثاني: وهو إذا كان عندي قليل من الماء يكفي لأمر واحد اما لإزالة الحدث أو لإزالة الخبث، أي يدور الأمر بين طهارة خبيثية وطهارة حدثية، قالوا انه من باب التزاحم، السيد الخوئي (ره) نفى انه من باب التزاحم وجعله من باب التعارض وملخص اشكاله في نقطتين. النقطة الاولى: ان الطهارة الخبثية شرط والطهرة الحدثية شرط وليست حكما مستقلا، والتزاحم يكون بين حكمين وهنا التزاحم بين شرطين، لا بد من وجود حكمين نفسيين يتزاحمان فنقدم الأهم او الاقوى ملاكا. والنقطة الثانية انه لا يعقل التزاحم بين الشروط لان المطلوب مني حكم وهو صلاة بكامل شرائطها واجزائها فإذا امتنع احد الشروط ولو واحد لا بعينه سقط الحكم، هنا الصلاة مطلوبة بطهارة خبثية وطهارة حدثية امتنع احد الشرطين اتفاقا فيسقط وجوب الصلاة من أساسه لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، فاذا سقط وانتفى الحكم تنتقل الامور إلى البدليات ويدور الامر حينئذ بين صلاة مع حدث او صلاة مع خبث، والحكم واحد انتقل إلى البدلية. وحينئذ تقدّم الصلاة بالطهارة الخبثية على الصلاة بالطهارة الحدثية، لن لكليهما بدل، فكما أن الصلاة بالوضوء لها بدل وهو الصلاة بالتيمم كذلك الصلاة بالطهارة الخبثية لها بدل، نعم نفس الطهارة ليس لها بدل، اما ان يصلي عاريا او يصلي بنجاسة الثوب – على قول – هناك بدل لكن البدل ليس للطهرة الخبثية بل للصلاة بالطهارة الخبثية.

بيان اشكال السيد الخوئي (ره) في المحاضرات حيث يقول: وأما المورد الثاني فيمكن المناقشة فيه من وجهين:

الأول: أن التزاحم لا يعقل أن يكون بين وجوب صرف الماء في الوضوء أو الغسل بما هو، ووجوب صرفه في تطهير البدن أو الثوب كذلك، وذلك لما ذكرناه غير مرة من أن الأوامر المتعلقة بالأجزاء والشرائط جميعا أوامر إرشادية (فترشد إلى جزئيتها وشرطيتها) [1] ، وليست بأوامر نفسية. ومن الواضح جدا أن المزاحمة لا تعقل بين الأوامر الإرشادية بما هي، لأن مخالفتها لا توجب العقاب، وموافقتها لا توجب الثواب، بل لا تجب موافقتها بما هي لتقع المزاحمة بين موافقة هذا وموافقة ذاك في مقام الامتثال، وإنما تعقل بين واجبين أو واجب وحرام نفسيين بحيث كان المكلف متمكنا من امتثال كل منهما في نفسه مع قطع النظر عن الآخر، إلا أنه لم يتمكن من الجمع بينهما في الامتثال.

وعلى هذا فالمزاحمة هنا لو سلمت فإنما هي في الحقيقة بين الصلاة مع الطهارة الحدثية والصلاة مع الطهارة الخبثية، فالتعبير عن ذلك بوقوع المزاحمة بين الطهارة الحدثية والطهارة الخبثية لا يخلو عن مسامحة واضحة، ضرورة أنه لا شأن لهما ما عدا كونهما من قيود الصلاة، فلا معنى لوقوع المزاحمة بينهما في نفسهما مع قطع النظر عن وجوب الصلاة.[2]

وعلى الجملة: فالمزاحمة بين أجزاء وشرائط الصلاة - مثلا - بعضها ببعض مع قطع النظر عن وجوبها مما لا تعقل، ضرورة أنه لا وجوب لها مع قطع النظر عن وجوب الصلاة. وعلى هذا فلا معنى لوقوع المزاحمة بين وجوب صرف الماء في الوضوء أو الغسل - مثلا - ووجوب صرفه في تطهير البدن أو الثوب مع الغض عن وجوب الصلاة، لعدم كونهما في هذا الحال واجبين لتقع المزاحمة بينهما.

وأما مع ملاحظة وجوبها فالتزاحم بين وجوب الصلاة مع الطهارة المائية ووجوب الصلاة مع طهارة البدن أو الثوب، فإذا كان الأمر كذلك فلا وجه لتقديم الثانية على الأولى بدعوى أن ما ليس له بدل يقدم على ماله بدل، وذلك لفرض أن لكل واحدة منهما بدلا، فكما أن للصلاة مع الطهارة المائية بدلا - وهو الصلاة مع الطهارة الترابية - فكذلك للصلاة مع طهارة البدن أو الثوب بدل، وهو الصلاة مع البدن أو الثوب النجس على المختار، وعاريا على المشهور.

فإذا لا يكون هذا الفرع أو ما شاكله من صغريات الكبرى المتقدمة [3] ، ولا تنطبق تلك الكبرى عليه.

نعم، لو كان التزاحم بين وجوب صرف الماء في الوضوء أو الغسل ووجوب صرفه في تطهير البدن أو الثوب مع قطع النظر عن وجوب الصلاة لكان من صغريات تلك الكبرى، ولكنك عرفت أن التزاحم بينهما غير معقول. [4] انتهى كلامه رفع مقامه.

إذن في هذا المثال، النقطة الاولى انها ليس من باب التزاحم بين الطهارة الحدثية والطهارة الخبثية، بل من باب التزاحم بين الصلاة بالطهارة الخبثية والصلاة بالطهارة الحدثية.

وملخص النقطة الاولى ان التزاحم لا يكون إلا بين واجبين نفسيين فلا يعقل التزاحم بين الشرائط والاجزاء في واجب واحد.

غدا ان شاء الله نكمل النقطة الثانية.


[1] مثلا الامر بالركوع، بعني ان الركوع جزء، وهذا الامر ليس امرا مولويا إذ لا دفع فيه، لان الامر المولوي دفع أو زجر، هو امر ارشادي، ارشاد إلى ان الركوع والسجود والطهارة جزء، لا عقاب فيه ولا ثواب، والثواب والعقاب يأتي في امتثال الامر.
[2] إذن المرحلة الاولى من اشكاله ان التزاحم ليس بين الطهارتين. والمرحلة الثانية ان هذا المورد ليس من باب التزاحم.
[3] والكبرى هي: تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo