< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

بقاء الحكم بالضدين اللذين لهما ثالث على التزاحم دون التعارض.

التنافي هو بين الاطلاقين لا بين الدليلين، ويكون العرج بتقييد اطلاق كل منهما بثبوت الآخر.

بعد التذكير بما ذكرنا امس من أن التنافي بين الضدين لا ثالث لهما ينكشف أنه من باب التعارض لا التزاحم، ولا يمكن إجراء الترتب لان المهم موجود قهرا عند عصيان تلاهم، فيكون من باب تحصيل الحاصل.

نعود لكلام السيد (ره):

ثم يكمل السيد الخوئي (ره): وأما في الضدين اللذين لهما ثالث - كالقيام والقعود والسواد والبياض ونحوهما - فالأمر ليس كما أفاده، وذلك لأن المعارضة في الحقيقة ليست بين نفس دليليهما، كما هو الحال في الضدين اللذين لا ثالث لهما ...

بل بين اطلاقين لان اطلاق كل منهما يشمل اطلاق الآخر فيتنافى الاطلاقان، والعلاج يكون برفع اليد عن الاطلاقين بما يناسب الآخر

ثم يكمل (ره): ، وإنما هي بين إطلاق كل منهما وثبوت الآخر.

اطلاق " قم " مثلا يشمل حتى ثبوت الامر بـ " اقعد "،فتقع المنافاة بينهما، فلو قيّدنا " قم " بعدم ثبوت الامر بالقعود كما لو قلنا: " قم لكن إذا لم يكن هناك امر بالقعود " فلا تنافي في البين فالمشكلة إذن بين اطلاقين. فقم أمر مطلق، بإطلاقه يشمل ثبوت " اقعد " وعدم ثبوته، ويشمل كل الحالات كالاستلقاء. فإذا رفعنا اليد عن اطلاق " قم " يرتفع التعارض ولا تناف. فمع وجود الضد الثالث يمكن حينئذ الامر به، ولذلك لا توجد معارضة، ويمكن تتميم الترتب، ويبقى التزاحم، لان متعلق الامر الثاني قد يكون موجدا وقد لا يكون، كما إذا قلت: كن ابيض وكن اسود، هناك امران متعارضان ومتنافيان بحسب متعلقهما، فإذا قلت: كن ابيض فيمكن ان تكون اصفر او احمر، فالسواد لا يكون ثابتا على كل حال فلا يكون تحصيل حاصل، فاستطيع ان اقول حينئذ: إذا عصيت الابيض كن اسود ذلك لان السواد ليس حاصلا على كل حال، وعليه يمكن ان يكون من باب التزاحم. فيكون المأمور المهم فعليا، عند عصيان الأهم.

لذلك اشترط السيد الخوئي (ره) في الترتب ان يكون للمضادين طرف ثالث. والسبب في ذلك ان التضاد ليس بين نفس الدليلين حتى نعود للتعارض، بل بين إطلاق الدليلين، وإذا رفعنا اليد عن اطلاق احدهما يرتفع الاشكال. بينما في الضدين الذي لا ثالث لهما لا يمكن رفع اليد عن اطلاق احدهما لانه يكون من باب تحصيل الحاصل. هذا هو الفرق بين نفس الدليلين وبين اطلاقهما.[1]

ثم يكمل (ره): وعليه فلا موجب إلا لرفع اليد عن إطلاق كل منهما بتقييده عند الإتيان بمتعلق الآخر [2] ، لوضوح أنه لا معارضة بين ثبوت أصل الخطاب بهذا في الجملة وثبوت الخطاب بذاك كذلك،...

يعني ان الخطابين ليسا متعارضين ويقع التعارض مع القول بإطلاقهما، فإذن نرفع اليد عن سبب المنافاة الذي هو الاطلاقات.

ثم يكمل (ره): وإنما تكون المعارضة بين إطلاق هذا ووجود الآخر، وبالعكس، وهي لا توجب إلا رفع اليد عن إطلاق كل منهما لا عن أصله – الحكم - ، فيكون إطلاق كل واحد منهما مترتبا على عدم الإتيان بالآخر.

وحين إذ اصبح مترتبا على عدم الاتيان بالآخر كان من باب التزاحم، فنحكم باب التزاحم وعلاجه.

ثم يكمل (ره): ونتيجة ذلك: هو الالتزام بالترتب من الجانبين، أو الالتزام بالوجوب التخييري، إلا فيما إذا علم بكذب أحدهما وعدم صدوره في الواقع فعندئذ تقع المعارضة بينهما ، فيرجع إلى قواعد باب التعارض. [3]

غدا ان شاء الله نبيّن ما اراده ونبين اننا هل سنوافقه على هذا الكلام او لا، هل سنذهب إلى انه في التزاحم نشترط ان يكون اتفاقيا لا دائميا مطلقا سواء كان الضدان لهما ثالث او لا. فنوافق الشيخ النائيني (ره)، او سنشترط في الضدين وجود الثالث فنوافق السيد الخوئي (ره).


[1] سؤال احد الطلبة: ما المقصود من التعارض بين الدليلين. الجواب: الدليلين يعني نفس الامرين بخطابهما وليس نفس الالفاظ، وبين الدليلين يعني بين جعلهما، والاطلاق بيان يشمل الجميع.
[2] كلامه مهم وهذا لا يعني اننا نؤيده. والعلاج لا يكون إلا برفع اليد عن الاطلاق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo