< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     كلام الشيخ المظفر.

نأتي بكلام الشيخ المظفر لأنه يلخص ويوضح كلمات المتأخرين بعد المحقق الكركي (ره)، لخّص ووضح كلمات من قال بصحة الترتب.

ثم بعد كل هذا البيان يلخص الشيخ المظفر (ره) تصحيح فكرة الترتب أي تصحيح وجود الأمر بالمهم ( وهو الصلاة في المثال المتزاحم مع انقاذ الغريق ) في حال عصيان الامر بالأهم.

بقوله: وبعبارة اوضح: إن دليل المهم في أصله مطلق يشمل صورتين: صورة فعل الاهم وصورة تركه، ولما رفعنا اليد عن شموله لصورة فعل الأهم - لمكان المزاحمة وتقديم الراجح - فيبقى شموله لصورة ترك الأهم بلا مزاحم، وهذا معنى اشتراطه بترك الأهم.

وتعليقا نقول: إن كان هذا قصدك، فلا تكون هناك مشكلة بين امتناع الترتب وبين القائل به، لاختلاف محل النزاع حينئذ.

ثم يقول: فيكون هذا الاشتراط مدلولا لدليلي الأمرين معا بضميمة حكم العقل [1] ، ولكن هذه الدلالة من نوع دلالة الإشارة. انتهى كلامه رفع مقامة. [2]

بيان كيف اصبح الحكم بالاشتراط من باب دلالة الاشارة:

الادلة اللفظية تارة ظهورات، كالمدلولات من الالفاظ بالدلالة الالتزامية بالمعنى الاخص من قبيل ظهورات المفاهيم. وتارة دلالات ليست بيِّنة بالمعنى الاخص بل اما بينة بالمعنى الأعم أو غير بيّنة، أي أنه ليس هناك تلازم بحيث إذا تصورت الملزوم ينتقل الذهن مباشرة إلى اللازم. وقلنا إن من جملتها الدلالات الثلاثة: دلالة التنبيه، والاقتضاء، والاشارة.

يقول ان هذا الشرط من قبيل دلالة الاشارة، من قبيل ما ذكروه في استنباط اقل الحمل من آيتين مع جمعهما وليس من باب الدلالة الالتزامية بالمعنى الاخص. مثلا: ﴿ حمله وفصاله ثلاثون شهرا[3] هذه آية والآية الاخرى: ﴿ والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين[4] . كل آية بمفردها غير ناظرة إلى ما استنتجناه: فلا الاولى ناظرة ولا يلزم منها باللزوم البين بالمعنى الاخص ان اقل الحمل ستة اشهر، وكذلك الآية الثانية. فإذن ليس هناك دلالة التزامية بالمعنى الاخص. إذن من اين اتت الدلالة؟ نقول ان هناك دلالة بمعنى إذا جمعناهما نصل إلى دليل آخر لكن لا على نحو اللزوم البين بالمعنى الاخص، بل اما غير بين او بين بالمعنى الاعم.

يقول هذا الاشتراط أي اشتراط وجوب الصلاة بحال ترك الاهم – انقاذ الغريق – هذا اشتراط نشأ بالجمع بين الدليلين عقلا. حكم عقلي يكشف عن اشتراط. فإذن صار الاشتراط جعليا، أي تجب الصلاة عن ترك الانقاذ، دل عليه نفس الدليلين من باب دلالة الاشارة. ذكر الشيخ المظفر (ره) هذا الكلام حتى لا يقال له من اين اتيت بهذه الدلالة.

ونلاحظ عليه: اولا: أنه جعل موضوع الترتب هو ما كان الأمر بالمهم مشروطا بترك الأهم، وهذا له تفسيران، من جهة أن الاشتراط قيد لجعل وانشاء الامر بالمهم أو قيد لفعليته. إذن لكلامه (ره) تفسيران:

أحدهما: أن جعل الأمر بالمهم مشروط بترك الأهم، ومقتضى هذا التفسير كون الأمر بالمهم مشروطا، ونعلم أن الأمر بالأهم مطلق غير مشروط، وبهذا لا يكون الأمران مطلقين بل أحدهما مشروط والآخر مطلق، ونحن بيّنا في موضوع الترتب اشتراط كونها مطلقين. وعلى هذا التفسير لا خلاف في البين إذ يكون كل من المختلفين يتكلم في واد لإختلاف موضوع الخلاف، أي اختلاف محل النزاع.

الثاني: إن فعلية الأمر بالمهم مشروطة بترك الأهم مع بقاء الأهم على فعليته. وهنا يأتي إشكال صاحب الكفاية (ره) وهو عند عصيان الأهم وارادة الاتيان بالمهم يجتمع امران فعليان، أي: يُدْعى ويُدْفع ويُبْعث إلى أمرين متضادين في آن واحد، أي المطلوب امتثالهم، في آن واحد وهو زمن الاتيان بالمهم، وهذا محال، فيمتنع الترتب.

واما حديث الشيخ المظفر بتعلق الجار والمجرور بالأمر لا بالضدين فهو صحيح، لكن الامرين يدفعان لامتثال ضدين، والدفع في آن واحد، إذ هما مطلقان، فيعود الاشكال من رأس.

كلام صاحب الكفاية (ره) ما زال متينا ان شاء الله غدا في المختار يأتي الجواب.

 


[1] يعني ان الامر بالمهم مشترط بعصيان الاهم وهو ترك انقاذ الغريق، ولكن هذا الاصل من اين اتينا به مع ان الشرط عدم الاشتراط، الاشتراط يحتاج إلى دليل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo