< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/02/07

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

شبهة الكعبي :

ولا بأس بالإشارة إلى شبهة شغلت الاصوليين خصوصا القدماء منهم وهي ما اشتهرت بشبهة الكعبي، وهي انتفاء المباح، بل ما نظنه مباحا هو واجب تخييري. فالمباحات في وهمنا هي واجبات تخييرية مع البحث والتدقيق.

والكعبي هو ابو القاسم عبد الله بن احمد بن محمود الكعبي البلخي من أعلام المعتزلة أصله من بلخ [1] عاش ببغداد وتتلمذ بها على الخياط وتوفي سنة 317 أو 319، أي في زمن الغيبة الصغرى، اتباعه الكعبية.

يقول في المعالم للشيخ حسن بن الشهيد الثاني زين الدين (ره) : " قول الكعبي بانتفاء المباح لما هو مقرر من أن ترك الحرام [2] لا بد من أن يتحقق في ضمن فعل من الأفعال [3] [4] ولا ريب في وجوب ذلك الترك، فلا يجوز أن يكون المتحقق في ضمنه مباحا لأنه لازم للترك ويمتنع اختلاف المتلازمين في الحكم. [5] [6] [7]

وبشاعة هذا القول غير خفية، ولهم في ردّه وجوه في بعضها تكلّف، حيث ضايقهم القول بوجوب ما لا يتّم الواجب إلا به مطلقا لظنهم أن الترك الواجب لا يتمّ إلا في ضمن فعل من الافعال، فيكون واجبا تخييريا ".

 

ثم يقول (ره) في مقام الجواب: " والتحقيق في ردّه أنه مع وجود الصارف عن الحرام [8] لا يحتاج الترك إلى شيء من الافعال، وإنما هي من لوازم الوجود .....". [9] [10]

وملخصا: بعد انتفاء التلازم وانتفاء المقدمية، تنتفي شبهة الكعبي من رأس، ونقول حينئذ بوجود المباحات وهو نص بعض الروايات.

 


[1] بلخ: منطقة تابعة تاريخيا لخرسان، وكانت تلك المنطقة من اغنى مناطق العالم واكثرها تطورا وعلما.
[2] فإذا أردت ترك أي محرم، ولتأخذ مثلا على ذلك: السرقة فإن تركها لا بد من أن يتحقق ضمن فعل من الافعال المعاندة والمتنافرة كالنوم، لا كمثل الأكل الذي يجتمع معه وجودا، اما النوم فلا يجتمع مع السرقة وجودا وتحققا.
[3] مثاله: السرقة والاعتداء على الآخرين. الاصوليون عندما يطرحون مثلا يطرحون مباشرة الزنى كان المتبار في الاذهان ان الدين وان المحرمات هو عن المرأة ومحرماتها. صرت اعتقد ان تغيير الامثلة له اثر في الثقافة، الاسلام ليس فقط ترك الزنى وشرب الخمر، اهم ما في الاسلام هو عدم التعدي على الآخرين في كل نواحي الحياة، الربا أشد من الزنى والغيبة اشد من الربا، لذلك لا بأس بتغيير الامثلة إلى امثلة معاصرة تؤدي إلى التزامنا بالقيم.
[4] وهذا أول ما تبتني عليه الشبهة، وهي مقدمية فعل الضد لتحقق ترك المنهي عنه.
[5] ذكرنا ان المتلازمين لا يشترط توافقهما في الحكم، بل لا يمتنع اختلافهما في عالم الانشاء، نعم يمتنع اختلافهما في عالم الفعلية. في عالم الانشاء هذا واجب وهذا محرّم واحد فيه مصلحة والاخر فيه مفسدة لا اشكال في ذلك، اما المشكلة هي في عالم التحقق فإذا فعلت الحرام اكون قد تركت الواجب، وإذا فعلت الواجب اكون قد تركت الحرام فيلزم منه خروج الواجب عن كونه واجبا او المحرم عن كونه محرما او المستحب عن كونه مستحبا، وهكذا المشكلة هنا تكون في عالم الفعلية والتحقق والدفع والداعوية.
[6] وهذا ثاني ما تبتني عليه الشبهة، وهي التلازم بين ترك المحرم وفعل ضده.
[7] وهذا الامر الثالث الذي تبتني عليه الشبهة وهو امتناع اختلاف المتلازمين في الحكم.
[8] الصارف النفسي أو المانع النفسي، هذه النقطة لنكن على ذُكر منها لانها ستنفعنا في مسألة الترتب، ومتى تسقط فعلية الحكم. وسنرى ان الفعلية تسقط مع وجود الصارف ولا يسقط الانشاء، وهذه النقطة محور مهم في مسألة الضد وفي مسألة الترتب كما سنرى.
[10] فان لوازم الوجود تختلف عن لوازم الماهية والذات وافراد الذات، فإن الانسان في جوهره حيوان وناطق لكنه لا يتحقق في الخارج إلا مع التحيّز واللون وغي ذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo