< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/01/25

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

ذكرنا امس مسلك التلازم وقلنا أن فيه ثلاثة مقدمات الاولى: كل ضد ملازم لعدم الضد الآخر. الثانية: المتلازمان متحدان في الحكم دائما، وقلنا انها هي محل الخلاف والكلام وهي أم المعارك. الثالثة: ان وجوب الشيء ملازم لمبغوضيته ونقيضه.

ولنأخذ بالنقد على هذا الاستدلال.

أما المقدمة الاولى وهي التلازم في الوجود والتحقق بين الشيء وعدم ضده فهي صحيحة ومن الواضحات، كتلازم الاسود مع عدم الاحمر وغيره من الالوان أو مع عدم الأضداد الاخرى جميعا.

واما الثالثة وهي ان طلب الشيء يلازم مبغوضية تركه، فغير بعيدة عرفا بل قريبة، كالأمر بالصلاة الذي يلازم ميغوضية تركها. نعم هي كذلك في الضد لعام، ذلك أن مبغوضية الترك إما نفسية وإما غيرية، والغيرية بمعنى أنها مقدمة لفعل الضد، وقلنا إنها غير بعيدة، لوجود ملاك المقدمية كما بيّنا، وإن قال آخرون بانتفاء وجود ملاك الغيرية وهو المقدمية لكن ذلك لا أثر له.

وأما النفسية فأيضا دعوى باطلة لان ملاك الحرمة والمبغوضية النفسية هي في وجود مفسدة في نفس المتعلّق او في نفس الحكم على قول، ولا شك ولا ريب أن لها أثر بخلاف الغيرية، فهي من المبدأ الاول للأحكام والمرحلة الاولى عند بعضهم، شك ان لها اثر وتؤدي إلى ثبوت الحرمة مع تمامية الشرائط الاخرى للجعل، ولا ريب في عدم الدلالة على ذلك في الضد العام. [1]

اما الضد الخاص فلا نسلّم كون طلب الشيء كاشفا عن مبغوضية ضده على نحو التلازم، بل قد يكشف عن وجود مفسدة في الضد، وقد لا يكشف، بل قد يكون الضدان محبوبين وفيهما مصلحة، لكن غلّبت احدهما على الأخرى. ولتبسيط الفكرة نضرب مثالا: لو أن الآمر كان جائعا ويسد جوعته بإحدى أكلتين، وفضّل إحداهما على الأخرى، فأمر بها، فهذا لا يعني ان طلب إحداهما يكشف عن مبغوضية الأخرى ( أي الضد الخاص)، نعم قد يكشف عن مبغوضية الترك (أي الضد العام ) وهذا من باب المبغوضية الغيرية ولكن قلنا إنها لا أثر لها، والذي ينفعنا المبغوضية النفسية لكن لا دليل من الالفاظ عليها كالروايات الخاصة.

وبعبارة ملخصة موجزة: دلالة الامر بالشيء على مبغوضية الضد، هذه المبغوضية إما غيرية أو نفسية.

اما الغيرية فهي وان كانت قريبة فلا أثر لها، واما النفسية فلا دليل عليها.

غدا ان شاء الله نعود ونتعرض لامرين: إمكان واختلاف احكام المتلازمين، وشبهة الكعبي.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] قلنا ان اول مراحل الحكم او مبادئ الاحكام، الملاك. وقلنا انهم فصلوها إلى اربعة: الملاك والانشاء والفعلية والتنجيز. اما كحكم وجعل هو الانشاء فقط والباقي حالات. ان الله عز وجل يأمر بالمصلحة، بالملاك فان كان في المتعلق او في نفس الحكم او فيهما على الخلاف، فإذا كان الملاك في نفس الحكم كان هناك حكم. وقلنا ان مسألة الضد هي: انه إذا كان الامر بالشيء يقتضي مبغوضية ضده العام أو الخاص في المتعلق او في الحكم يدل على النهي النفسي بلا شك. وإذا لم يدل على ذلك الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده. سؤال احد الطلبة: هل يصبح هناك عقابين إذا دل النهي على مفسدة. الجواب: نعم ولا اشكال في ذلك لانه اصبح هناك ملاكين وحكمين إذا دل الدليل على ذلك، ولا دليل على ذلك ويصعب الاستدلال عليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo