< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     عدم انحصار الدليل اللفظي بالدلالات الثلاث.

الملاحظة الثانية: إن صاحب المعالم (ره) قد جعل الدلالة اللفظية منحصرة في الدلالات الثلاث، أعني المطابقية والتضمنية والالتزامية، مع العلم أن للألفاظ دلالات أخرى كما مرّ معنا كدلالة الاقتضاء والتنبيه والإشارة.

ولذلك نقول: لا مانع من دلالة لفظ الأمر بالدلالة الالتزامية غير البيّنه أو البيّنة بالمعنى الأعم، على وجود ملاك المفسدة في الضد، بل مبغوضيته، بل حرمته.

بعبارة أخرى: إننا نسلم عدم دلالة لفظ الأمر بالشيء على النهي عن ضده بالدلالة الالتزامية بالمعنى الأخص لكننا لا نسلم بعدم إمكان دلالتها عليه بالدلالة الالتزامية بالمعنى الأعم. نعم هو يحتاج إلى دليل.

كمثال: لاحظ أن الناس يظنون كراهة النوم بين الطلوعين، وذلك لما ورد من استحباب الاستيقاظ بينهما، ففي الحديث " إن الله يقسم الارزاق بين الطلوعين " ، وفي الحديث " بارك الله لأمتي في بكورها " ومن محبوبية الاستيقاظ انتقلت أذهان الناس إلى مبغوضية النوم بانتقال غير مباشر فلا يكون اللفظ دالا بالدلالة الالتزامية بالمعنى الأخص بل بالدلالة الالتزامية بالمعنى الأعم. فإن تم هذا الإنتقال فما المانع حينئذ من إقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص؟! خصوصا بملاحظة أنها دلالة لفظية وهي من قبيل دلالة الإشارة.

والنتيجة: إذا دلّ لفظ الأمر بالشيء بنحو من انحاء الادلالة على وجود ملاك المبغوضية والحرمة في ضده الخاص وهو المفسدة في المتعلّق [1] فلا مانع منه، إلا أنه يحتاج إلى إثبات وبدونه لا دلالة للأمر بالشيء على النهي عن ضده، فهو لا علاقة له به، وهذا من الواضحات. وهذا الاستدلال ينسحب على الضد العام بمعنييه، الوجودي الجامع بين الاضداد او بمعناه العدمي الذي هو النقيض وهو الترك كما هو في الضد الخاص.

مسلك المقدمية: وملخصه أن ترك الضد مقدمة لتحقق المأمور به، ومقدمة الواجب واجبة.

يقول صاحب الكفاية (ره): " إلا أنه لما كان عمدة القائلين بالاقتضاء في الضد الخاص انما ذهبنا إليه لأجل توهم مقدمية ترك الضد، كان المهم صرف عنان الكلام في المقام إلى بيان الحال وتحقيق المقال في المقدمية وعدمها، فنقول وعلى الله الاتكال: إن توهم توقف الشيء على ترك ضده ليس إلا من جهة المضادة والمعاندة بين الوجودين، وقضيتها الممانعة بينهما، ومن الواضحات أن عدم المانع من المقدمات وهو توهم فاسد .... " انتهى [2]

ملخص كلامه (ره): اننا سنناقش معنى كلمة " المانع "، هناك مانعان: مانع من التأثير، ومانع من التحقق.

وما هو جزء العلّة هو خصوص المانع من التأثير، أما المانع من التحقق فليس جزء علّة فلا يكون مقدّمة.

غدا سنكمل بيان صاحب الكفاية (ره) وقد تبعه غيره عليه، ونعلِّق عليه إن شاء الله تعالى.

 


[1] المفسدة التي هي مبدأ الحكم بالحرمة، مرحلة الملاكات المصالح والمفاسد، بعدها ننتقل إلى مرحلة الانشاء، بعدها إلى الفعلية، وبعدها إلى مرحلة التنجيز.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo