< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

الاقوال حول وجوب المقدمة.

الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة دون غيرها قول صاحب الفصول.

عدم الوجوب مطلقا.

ما عن صاحب الفصول (ره) من أن الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة دون غيرها. فيكون الوصول الفعلي قيدا للواجب الغيري.

بعبارة واضحة: أليست المقدمة هي يتوقف عليها الواجب؟ والتي يتوقف عليها الواجب هي احدى المقدمات التي اوصلتنا وليس كل المقدمات أو كلي المقدمة. مثلا: الذهاب إلى الحج كل الوسائل الموصلة إلى الحج ممكنة كالدابة والسيارة والطائرة والقطار إلى آخره، فإذا ذهبت بالسيارة هذا يدل على ان المقدمة الواجبة هي السيارة دون غيرها، لان كل ما اريده ان يحصل ذو المقدمة، وذو المقدمة حصل بالسيارة، إذن الذهاب بالسيارة واجب. بعبارة اخرى: الواجب من المقدمة هو حصة خاصة من المقدمة، أي اصبح الوصول قيدا للواجب لا للوجوب، بعكس رأي صاحب المعالم الذي جعله قيّدا للوجوب. [1]

إذن المقدمة الموصلة هي ان الوصول الثابت جزء من الواجب الغيري، فتكون القدمة هي الذاهب للحج وبالسيارة، أي هذا الحصة الخاص. لكن بعد الوصول للحج بالسيارة ما معنى الوجوب الغيري، لان الوجوب هو عبارة عن ايجاد دافع اعتباري لإيجاد شيء غير موجود.

ملخص كلام صاحب الفصول: نحن كلامنا فيما لا يتم الواجب إلا به، وقد تم الواجب بهذه المقدمة فإذن هي الواجب. اصبحت فعلية الوصول - المقدميّة – جزءا من متعلق الوجوب، يعني ان الواجب عبارة عن جزئين: الفعل والوصول به. والاشكال الذي نراه انه بعد حصول المقدمة باي شيء يتعلق الوجوب، يتعلق بحاصل؟ أي اصبح تحصيل حاصل، وتحصل الحاصل محال عقلا شيء موجود أوجده.

إن قلت: الوصول يكون كاشفا عن كون المقدمة الواجبة هو الذهاب بالسيارة إلى الحج، أي الحصة الخاصة؟ قلت: يتحد الكاشف مع المنكشف حينئذ لأن المنكشف هو المقدمة الواجبة، وهي الذهاب بقيد الوصول به، فيكون القيد جزاء من المتعلق، فيكون الوصول كاشفا ومنكشفا في آن واحد.

إن قلت: إن الوصل بالسيارة فرد من أفراد المقدمة؟

قلت: أصبح الأمر من باب التطبيق كما لو أتيت بقلم عند امتثال الأمر: ائتني بقلم، ويكون الواجب هو كلي المقدمة.

ومنطلق صاحب الفصول أن المقدمة إنما وجبت بسبب توقف ذيها عليها ولذا تجب خصوص المقدمة الموصلة دون غيرها إذ غيرها لا يتوقف عليها الواجب.

عدم الوجوب مطلقا، وهو ما ذهب إليه الشيخ الاصفهاني والمظفر ومن تبعهم من المتأخرين، ودليل الشيخ الاصفهاني (ره) هو أن حكم العقل بالوجوب كاف للبعث والدفع فيكون الجعل الشرعي للواجب لغوا. ودليل بعض القدماء على عدم الوجوب مطلقا عدم الدلالة اللفظية بالدلالات الثلاث.

وسنختار عدم وجوب المقدمة مطلقا بالوجوب الجعلي الشرعي، لكن لا لما ذكره هؤلاء الاعلام، بل لما سنذكره إن شاء الله تعالى. نعم نحتاج احيانا إلى بيان المقدمية لان العقل لا يدرك توقف الواجب النفسي على هذه المقدمة، كما في الطهارات، ويكون الحكم الشرعي حينئذ عبارة عن ارشاد إلى المقدمية وليس ايجابا وجعلا شرعيا.[2]

إذن كلامنا في هل هناك وجوب غيري جعلي شرعي؟ هل اللابدية العقلية من الاتيان بهذه المقدمات تكشف عن وجوب غيري جعلي شرعي او لا ؟

نحن نقول والله العالم لا دليل على وجوب شرعي غيري ابدا، ولبيان المختار لا بد من مقدمات:

الاولى: إن ملاك الحكم هو وجود مصلحة، وإلا فمع عدمها يكون الجعل سفهيا لا يصدر من حكيم. واعتقد أن هذا الأمر محل اتفاق بين علماء الإمامية والمعتزلة، ذلك أن العقل يحكم به، وهو أمر وجداني بغض النظر عن القول في مراحل الحكم، أي سواء قلنا بأن مراحل الحكم مرحلتنا أو ثلاث أو خمسة ويمكن ان تصل لعشرة. صاحب الكفاية (ره) جعل مراحل الحكم أربعة: وهي مرحلة الاقتضاء المصالح والمفاسد، وبعد مرحلة الكسر والانكسار تأتي مرحلة الانشاء و بعدها الفعلية و بعدها التنجيز. أو قلنا إنها ثلاثة: وهي الملاك والاعتبار والفعلية. أو قلنا إنها اثنان كما عليه السيد الخوئي (ره) وهي الانشاء والفعلية.

بغض النظر عن هذه جميع هذه المراحل هناك مرحلة هي مرحلة الملاك والاقتضاء او مرحلة لا بدمنها، والملاك هو ملاك الجعل ومصلحة الجعل. وهل المصلحة أو المفسدة في الجعل أو في المجعول – المتعلّق - ؟ هذا ما سنبيّنه في المقدمة الثانية.

غدا ان شاء الله نكمل المقدمة الثانية.

 


[1] احد الطلبة: اي اصبح الواجب معلقا. الجواب: الوجوب ليس معلقا على الوصول، والمعلق في اصطلاح صاحب الفصول قيد الوجوب وليس قيدا للواجب. وهنا الواجب الغيري هو حصة من المقدمة أي أحد أفرادها وهي الذهاب بالسيارة، وبقية الوسائل اصبحت افراد من الواجب وليس قيدا للوجوب، لانه أذا رجع للواجب نكون قد ذهبا إلى قول صاحب المعالم.
[2] سؤال من احد الطلبة بوجود تناقض بين لا بدية ادراك العقل للمقدمة، وبعدها نقول ان العقل قد لا يدرك المقدمية، كيف السبيل للجمع؟ الجواب: ان العقل يحكم بان هذه إذا كانت مقدمة لا بد من الاتيان بها، واحيانا نفس المقدمية لا يدركها، مثلا: اردت الوصول للحج، وفي الحج للوصول للطواف يجب السير وهذه عقلا تدرك، لكن توقف نفس الطواف على الوضوء هذا لا يدرك، كان الجاهليون يطوفون من دون وضوء ويسمى طوافا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo