< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

المقدمة الرابعة قبل بيان المختار.

بيان الصحيح والمختار في مسألة الطهارات الثلاث.

المقدمة الرابعة: في تعريف التعبدي لم أجد عبارة تعرّف العبادة أو الصلاة تكون وافية جامعة مانعة، فكل ما ذكروه من تعريفات ترد عليه إشكالات ولا يكون وافيا، لكن عدم القدرة على إيراد التعريف بتعبير مناسب لا ينافي وجوده، بل وإدراك الناس له، تماما كمفهوم الوجود فإنه مرتكز في أذهاننا جميعا، حاولوا تعريفه كقولهم: " الوجود هو الكون في الاعيان"، لكن كل التعاريف غير مسلمة لأنها تعريف بالأخفى، حيث إن مفهومه هو اوضح المفاهيم. ولا بد في المعرّف أن يكون أعرف واوضح من المعرّف وهكذا العبادة فهي أمر يدركه كل عبد في علاقته مع معبوده، وكذلك الصلاة هي ضرب من العبادة وعلاقة خاصة يدرك معناها العبد، ولا تتوقف على وجود أمر بها كما ذكرنا في عبادة الوثن والصنم، وكذا بقية المعاني الناشئة من المعبود وقدرته كما ذكرنا في المقدمة الثانية من عبادة الآلهة المتعددة كإله الشمس والمطر والزرع وغيرها، تقربوا لها لجلب حاجاتهم.

بعد هذه المقدمات الأربعة نقول:

إن الأمر الغيري تعلّق بالوضوء بما هو عبادة بعد اعتباره عبادة، لا بما هو مأمور به بالأمر النفسي الاستحبابي كما ذكر صاحب الكفاية (ره) في منشأ العباديّة مما دفع الشيخ النائيني (ره) للرد عليه. وعليه فالوضوء واقع عبادة على كل حال ولا حاجة لأمر نفسي ولا غيري، ولا يرد إشكال اجتماع الضدين ولا غير ذلك من الاشكالات التي مرّت في التعبدي، كإشكال الدور عند أخذ داعي الأمر في متعلّقه، لأنه عبادة من اساسه، العبادة سابقة على الأمر، فالشارع اعتبر الافعال عبادة أي لا تقع عنده إلا عبادة، ثم أمر بها، فأصبحت العبادية سابقة على الأمر وليست ناشئة منه. فقبل اعتبار العبادية لا يعني الأمر به، نعم قد يكون هناك احكام عقلية في وجوبه أو استحبابه.

نعم العبادية تحتاج إلى دليل وهو كما ذكرنا في المقدمة الأولى؛ إما أن يكون الفعل بطبعه عباديا كالسجود والصلاة، وإما أن لا يكون كذلك فتحتاج عباديته إلى اعتبار خاص من المولى عز وجل. والشارع المقدّس ينظر إلى المقدمات، فيرى بعضها لا يتم الغرض منه إلا إذا كان عباديا، وهذا من حق المولى لان العبادية الجعليّة أمر اعتباري محض، فيعتبر ان أفعال الوضوء وهي غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والرجلين، لا يتحقق غرضه منها - وهو رفع الحدث مثلا – إلا بالإتيان بها تعبّدا، وهذا من حق المولى لان الاعتبار وعدمه من حقّه رفعا ووضعا.

ونعود للتذكير أن جعل التعبّد لا يحتاج إلى أمر فتكون الطهارات الثلاث عبادة ولو من دون أمر بها. نعم كيفية استكشاف عباديتها وكيفية جعله تحتاج إلى بحث آخر وكلام آخر.

ولا شك ولا ريب هناك تسالم على عبادية بعض الأمور كالطهارات الثلاث والصلاة والحج، وهناك اتفاق بل إجماع على عبادية أمور أخرى كالخمس والزكاة والكفارات، والسؤال الذي يحتاج إلى بحث: إذا لم يكن منشأ العبادية هو الأمر بها او محبوبيتها، فمن أين نشأ هذا التسالم وكيف عرف المسلمون عباديتها؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo