< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

رأي الشيخ النائيني (ره) في عبادية الطهارات الثلاث.

بعد ذكر توجيه الشيخ الآخوند لمنشأ العبادية ورد الشيخ النائيني عليه واجوبة السيد الخوئي عليه وتعليقاتنا على اجوبة السيد الخوئي.

نعود إلى أصل التساؤل والإشكال في عبادية الطهارات الثلاث: إذا كان الأمر المقدمي لا يوجب عبادة، ورفضنا رأي الآخوند (ره) في كون منشأ العبادة هو الاستحباب النفسي، فمن أين نشأت العبادية؟

سنتعرض لرأي النائيني (ره) ورأي الخوئي والمختار.

رأي النائيني وحاصله: أن العبادية ليست ناشئة من الأمر النفسي الاستحبابي بالوضوء، ولا من الأمر الغيري به للصلاة لما ورد من الاشكالات على ذلك، بل العبادية منشؤها من الأمر النفسي للصلاة.

بيان ذلك: أن الأمر بالصلاة تعبدّي بلا شك وينحل إلى الأجزاء والشرائط، فكل جزء يكون مأمورا به بالأمر العبادي النفسي للصلاة، وكذلك الشرائط، لأن متعلق الأمر العبادي هو الأجزاء والشرائط، فينبسط عليها جميعا، وتكتسب عباديتها جميعا من الأمر النفسي للصلاة.

اشكال ودفع: اشكال النائيني (ره) على نفسه: لا يقال: لازم ذلك أن جميع الشرائط أصبحت عبادية بلا فرق بينها وبين الطهارات الثلاث؟ [1] وهذا لا قائل به، بل هو باطل بالضرورة، فلا تجب إعادة تطهير الثوب، ولا إعادة المشي إلى الصلاة.

فإنه يقال: الفرق بين الطهارات الثلاث ومقدمات الصلاة الاخرى هو في تحقق الغرض، فإن الغرض من الطهارات هو رفع الحدث، وهو لا يتم إلا بقصد القربة دون غيرها من الشرائط.

ولو أشكل على النائيني (ره) من أين نعلم أن الغرض لا يتحقق إلا بقصد القربة؟ فإن عدم تحقق الغرض بعد الاتيان بجميع أفعال الوضوء وهو رفع الحدث يحتاج إلى دليل. ويمكن للنائيني (ره) أن يجيب: إن الدليل يكون من خارج، أي لا بد من دليل مستقل على ذلك.

والانصاف أننا لو تأملنا لوجدناه يعود إلى نفس كلام صاحب الكفاية أو إلى ما سنذهب إليه.

وملخص رأيه (ره) أن العبادية ناشئة من الأمر النفسي للصلاة بانحلال الصلاة إلى اجزائها وشرائطها فتعطي العبادية للجميع، اما الاشكال الذي ذكره فأجاب علية بتوقف تحقق الغرض على العبادية.

السيد الخوئي (ره) لم يرتض ذلك وأجابه بجوابين:

الاول: إن الفرق بين الجزء والشرط أن في الجزء يكون القيد والتقييد داخلين في متعلق الأمر. أما في الشرط فيكون التقييد داخلا دون القيد. وعليه يكون الشرط وهو الوضوء خارجا عن المتعلق دون الاشتراط، فلا يأخذ الوضوء عبادية من الأمر النفسي للصلاة.

الثاني: لازم كلامه (ره) أن الوضوء أصبح مأمورا به بالأمر النفسي للصلاة دون الغيري.

دفع وهم من السيد الخوئي (ره): لا يقال: هو مأمور به بالأمر الغيري من باب المقدمة الداخلية كجميع الأجزاء.

فانه يقال: قد تقدّم عدم اتصاف الأجزاء بالمقدمة الداخلية بالأمر الغيري.

والنتيجة: إن توجيه النائيني (ره) لعبادية الطهارات الثلاث غير سليم.

إلى هنا نكون قد انتهينا من كلام الشيخ الآخوند والنائيني (رهم) وتفصيلاته، بقي رأي السيد الخوئي (ره) والمختار.

غدا ان شاء الله نكمل رأي السيد الخوئي (ره).

 


[1] تذكير: الفرق بين التعبدي والتوصلي: أن التعبدي لا يصح من دون قصد القربة ولا يصح من دون التعبدية، بخلاف التوصلي فان يصح. وهذا لا يعني ان التوصلي لا يقع عليه الثواب. ولو كانت المقدمات للوضوء أو الصلاة كلها عبادية لا تصح إلا بقصد القربة فلو فرضنا انك إذا كنت تستعمل الماء واردت الوضوء يجب عليك ان تترك الماء وتعود وتنوي الوضوء قربة إلى الله تعالى من جديد. وكذا قيل على قول مشهور في الكفارات بانها عبادة، فإذا دفع شخص الكفارة رياءً فلا تصح منه إلا إذا كانت قربة إلى الله تعالى ويجب عليه أن يدفعها ثانية. وكذا في الخمس.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo