< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: النفسي والغيري:

رد إشكال عدم وجود الواجب النفسي وانقلابه إلى الغيري.

رد الشيخ النائيني (ره).

رد صاحب الكفاية (ره) على إشكال عدم وجود الواجب النفسي وهو ان الغاية ليست واجبة لعدم القدرة عليها، بأن الغاية يمكن إيجابها، لأن الأمر بالمسبب يكون بالأمر بالسبب، والقدرة على السبب قدرة على المسبب.

فيقول: فإن قلت: نعم وإن كان وجودها محبوبا لزوما، إلا أنه حيث كانت من الخواص المترتبة على الأفعال التي ليست داخلة تحت قدرة المكلف، لما كاد يتعلق بها الايجاب.

قلت: بل هي داخلة تحت القدرة، لدخول أسبابها تحتها، والقدرة على السبب قدرة على المسبب، وهو واضح، وإلا لما صح وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق . . إلى غير ذلك من المسببات، موردا لحكم من الأحكام التكليفية. [1]

توضيحه: ذكرنا سابقا أن في المعاملة كالنكاح ثلاثة أمور: السبب وهو العقد، والمسبب وهو الحالة الزوجية، والآثار وهي الأحكام المترتبة على العقد كجواز النظر والوطء ووجوب النفقة. ولا شك أن المسبب أمر غير مقدور إلا بسببه، فلو ورد أمر بالزواج فهو أمر بسببه وهو العقد. وعليه يصح التقسيم. [2]

ولكن الإشكال يبقى قائما، فيجيب عليه صاحب الكفاية (ره) بقوله: فالأولى أن يقال: إن الأثر المترتب عليه وإن كان لازما، إلا أن ذا الأثر لما كان معنونا بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله، بل ويذم تاركه، صار متعلقا للإيجاب بما هو كذلك، ولا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا، بخلاف الواجب الغيري، لتمحض وجوبه في أنه لكونه مقدمة لواجب نفسي، وهذا أيضا لا ينافي أن يكون معنونا بعنوان حسن في نفسه، إلا أنه لا دخل له في إيجابه الغيري، ولعله مراد من فسرهما بما أمر به لنفسه، وما أمر به لأجل غيره، فلا يتوجه عليه بأن جل الواجبات - لولا الكل - يلزم أن يكون من الواجبات الغيرية، فإن المطلوب النفسي قلما يوجد في الأوامر، فإن جلها مطلوبات لأجل الغايات التي هي خارجة عن حقيقتها، فتأمل. [3]

نذكِّر اننا نذكُر هذه الفوارق ليس للترف الفكري لان احكام الواجب النفسي تختلف عن احكام الواجب الغيري. فمع القول بانه لا يوجد واجب غيري تكون الاحكام واحدة في الجميع.

ومحور ما أفاده الشيخ الآخند (ره) هو أن الإشكال محوره القدرة على الواجب الغيري – أي الغاية وما يراد التوصل اليه – وعدم القدرة عليه. ولما قال صاحب الكفاية بالقدرة عليه لأن القدرة على السبب هي قدرة على المسبب. وحتى لا يذهب إلى عدم صحة التقسيم ذهب إلى أن ملاك التقسيم وجهته هو لا بدية الحسن الذاتي في النفسي دون الغيري – أي أنه جعل للتقسيم ملاكا آخر وهو التالي:

إن ملاك الواجب النفسي هو ما كان الحسن فيه ذاتيا غير ناشئ من غيره، سواء كان مع ذلك مقدّمة لواجب آخر أم لم يكن، وأما ملاك الواجب الغيري فهو ما كان وجوبه لأجل حسن غيره سواء أكان في نفسه حسنا كالطهارات الثلاث أم لم يكن.

وبعبارة اخرى: ما كان حسنا في ذاته فهو النفسي وما كان حسنا في غيره فهو الغيري، وإن تضمّن حسنا ذاتيا.

الجواب على صاحب الكفاية (ره):

اجاب الشيخ النائيني (ره): إن حسن الأفعال الواجبة إن كان ناشئا من كونه سببا ومقدمة للغايات اللازمة الحسنة، فالإشكال باق على حاله، حيث أصبحت كل الواجبات غيرية لنشوئها من الغير. وإن كان الحسن في ذاتها مع قطع النظر عما يترتب عليها، انتفى الوجوب النفسي الخالص، أي المتمحض في النفسية، وذلك لاشتمالها على ملاكين:

الاول: ملاك الوجوب النفسي وهو كونها حسنة ذاتا.

والثاني: ملاك الوجوب، الغيري لكونها مقدّمة لواجب.

غدا ان شاء الله نعود لبيان كلام الشيخ النائيني (ره).

والحمد لله رب العالمين.

 


[2] سؤال من احد الطلبة: هل اصبحت المسألة من قبيل الكسر والانكسار؟ والجواب: في الكسر والانكسار والمصدر واسم المصدر نفس الفعل، والتقدم والتأخر رتبي. اما في مسألتنا فالفعل يختلف ماهية عن الأمر، ففي الطهارة الحدثية يختلف غسل الوجه واليدين عن الاثر وهو حالة الطهارة.
[3] المصدر السابق.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo