< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مقدمة الواجب.
-تقسيمات المقدّمة.
-هل هناك مقتض للوجوب الغيري؟
تكلمنا عن الجهة الاولى وهي صلاحية الجزء لانطباق عنوان المقدّمية عليه، ومع وجود الصلاحية ننتقل إلى الجهة الثانية وهي هل هناك مقتض للوجوب الغيري؟ ومع وجود هذا المقتضي ننتقل إلى البحث عن عدم المانع.
إذا تمّت هذه الأمور الثلاثة حينئذ نقول بأن الجزء يتصف بالوجوب الغيري. وقلنا بأن الجزء واجب بالوجوب النفسي للكل بمعنى ان الوجوب النفسي للكل ينحل إلى وجوبات بعدد الأجزاء. وبعد ذلك فهل هناك وجوب آخر له وهو الوجوب الغيري؟
ونحن نبحث مسألة المقتضي وعدم وجود المانع، لأن العلّة التامة مؤلفة من مقتض وعدم مانع والشروط ومُعد. فإذا تم المقتضي وعدم وجود المانع تمّت أجزاء العلّة ومعها يثبت المعلول الذي هو الوجوب الغيري المقدّمي الطريقي.
كلامنا اليوم في الجهة الثانية: وهي هل هناك مقتض للوجوب الغيري المقدمي الطريقي للوجوب بعد تمامية صلاحية الجزء لهذا الوجوب؟
يكمل السيد الخوئي (ره) الكلام فيقول: وأما الجهة الثانية فقد أفاد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في هامش الكفاية ما حاصله: هو أنه لا مقتضٍ لاتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري أصلا [1]. والسبب في ذلك: هو أن ملاك الوجوب الغيري، إنما هو فيما إذا كان وجود المقدّمة غير وجود ذيها في الخارج ليقع البحث عن أن إيجاب الشارع ذي المقدمة هل يستلزم إيجابه مقدمته تبعا أم لا؟
( إذن صاحب الكفاية (ره) يركز على أن موضوع الوجوب الغيري هو تغاير الوجودين، المقدّمة وذي المقدّمة، ومع تعدد الوجودين حينئذ نبحث في المقتضي- مع أن ظاهر عبارته (ره) أن تغاير الوجودين هو المقتضي- وسنبيّن أن هذا غير صحيح، بل تغاير الوجودين هو للمقتضي والوجوب وليس نفس الوجوب والمقتضي. ومع انتفاء الموضوع لا مجال للبحث عن المقتضي ولا عن المانع.
صاحب الكفاية (ره) ينفي موضوع الوجوب الغيري، مع التسليم بصلاحية الجزء للاتصاف به. فهو يقول: المعدّ موجود وأما المقتضي فهو منفي.
اما عبارته (ره) " إنما هو فيما إذا كان " اشار بها إلى أن تعدد الوجودين ظرف للملاك، والظرف غير المظروف، فتعدد الوجودين ليس هو الملاك بل هو موضوع الملاك ).
وأما إذا كان وجودها عين وجود ذيها في الخارج كالجزء بالإضافة إلى الكل فلا ملاك لاتصافها به، لوضوح أنها واجبة بعين الوجوب المتعلق بالكل، وهو الوجوب النفسي، ومعه لا مقتضى لاتصافها به، ( أي مع وجود الوجوب النفسي للكل لا داعي لاتصاف الجزء بوجوب آخر) بل هو لغو محض.
جواب السيد الخوئي (ره): وهذا الذي أفاده (قدس سره) في غاية الصحة والمتانة، بداهة أنه لا موضوع لحكم العقل بالملازمة ( لان الملازمة تحتاج للطرفين اللازم والملزوم، ومع وجود طرف واحد لا معنى للملازمة حينئذ) هنا بعد فرض أن الأجزاء نفس المركب في الخارج، وأحدهما عين الآخر وجودا ووجوبا، ومعه كيف يعقل وجود الملاك للوجوب الغيري فيها ؟ [2]
تعليقنا: إننا نسلم بكون الأجزاء هي نفس المركب في الخارج وجودا ووجوبا والوجوب هو الوجوب النفسي المتعلّق بالكل، والمنحل على الأجزاء. وقد ذكر أن ملاك الوجوب الغيري " أنه فيما إذا كان وجود المقدّمة غير وجود ذيها في الخارج ".
لكن: هذا الملاك غير مسلّم بعدما ذكر: " أن عنوان المقدمّة ينطبق على كل ما يتوقف عليه وجود الشيء "، ومع انطباق عنوان المقدّمية يمكن أن ينطبق الوجوب الغيري وحينئذ تتّحد المقدمّة مع ذيها وجودا ووجوبا نفسيا، وتنفرد عنه بالوجوب الغيري.
بعبارة أخرى: الملازمة تحتاج لثلاثة أمور: الملزوم، وللازم، والملازمة. مع وجود الملزوم واللازم تصح الملازمة. ولا معنى للملازمة بين الوجوب النفسي لذي المقدّمة والوجوب النفسي [3] للمقدمة، فهو لغو محض بل قبيح على الحكيم أنيجعل وجوبا آخر، بل هو غير متصور. أما الملازمة بين الوجوب النفسي لذي المقدّمة والوجوب الغيري للمقدمة، فهو أمر معقول متصور ( طبعا بناء على الملازمة بين الوجوب النفسي والوجوب الغيري الشرعي وبناء على تغايرهما اقتضاء).
لا يقال: إن جعل الوجوب إنما هو لجعل الداعي، ومع وجود الوجوب النفسي فلا معنى لجعل الداعي الآخر.
فانه يقال: هذا يؤدي إلى وجود المانع من جعل الوجوبين ( لو تمّ ) وهذا ما سيبحث في الجهة الثالثة، لا أنه يثبت عدم المقتضي.
إذن في الجهة الثانية نقول انه يمكن تصور المقتضي، يعني امكان اتصاف الجزء بالوجوب الغيري، طبعا، هذا كله بعد التسليم بوجود وجوب غيري مختلف لحاظا واقتضاء عن الوجوب النفسي المتعلق بالكل والمنحل على الأجزاء.
غدا أن شاء الله نبحث وفي الجهة الثالثة عن المانع للوجوب الغيري.




[1] للتذكير: العلّة التامة أربعة: المقتضي، والمعِّد، والشرط، وعدم المانع. من قبيل الإحراق والنار، الاحراق معلول، فعندما تتم اجزاء العلّة الاربعة: النار هو المقتضي، والخشب هو المعِّد، وتماس النار مع الخشب هو الشرط، وعدم الرطوبة هي عدم المانع. وهناك بعض المعلولات لا تحتاج إلى شرط ومعّد. لكن المقتضي وعدم المانع هذان الجزآن من العلّة اساسيان لا يتخلفان. فإذن فمجرد وجود المعّد لا يكفي لثبوت العلّة، مجرد وجود الخشب لا يعني وجود الاحراق. وهنا نقول الجزء فيه صلاحية كونه مقدّمة، يعنى انه مقدّمة وهذا لا يعني انه اتصف بالوجوب الغيري. .
[3] أي الوجوب النفسي للكل المنحل على الاجزاء. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo