< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/03/02

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الإجزاء مع الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري
بعد الانتهاء من بيان ما ذهب اليه صاحب الكفاية (ره) والسيد الخوئي (ره)، نستطيع أن نقول إن زبدة الكلام: أن من ذهب إلى عدم الاجزاء ذهب إلى ذلك لأن المأمور به لم يؤت به بل أتى المكلف بشيء آخر فكيف يجزي بعد انكشاف الخطأ؟ نعم هو معذور امام الله تعالى وليس هناك معصية لكن يجب أن يأتي بالمأمور به فيجب الاعادة في الوقت أو يجب القضاء في خارج الوقت مما يقبل القضاء.
السيد عبد الأعلى السبزواري (ره) يخالف ما ذهب إليه السيد الخوئي (ره)، وملخص ما افاده: بأن الشارع هو الذي طلب منا العمل بالأمارات فهو الذي يتحمل المسؤولية، وهو أرحم من أن يطلب مني الاعادة. وبتعبير آخر: إن الاجزاء لازم لأمرين: الاول: إطلاقات الادلة واعتبارها، ونفس الاعتبار يلزمه الاجزاء. الثاني: كونها في مقام المنّة على المكلفين مثل:" رفع عن امتي ما لا يعلمون " ومقتضى المنّة اسقاط التكليف إعادة وقضاء.
قال (ره) في تهذيب الأصول: [ الجهة الثالثة: في إجزاء الاتيان بما يصح الاعتذار به – كما في مورد الأمارت والاوصل، والقواعد المعتبرة – [1]عن الواقع عند انكشاف الخلاف فهو من لوازم اعتبارها [2]وصحة الاعتذار بها، لأنها إن طابقت الواقع فلا ريب في الإجزاء، وإن خالفت فالمكلف معذور في ترك الواقع، لعموم أدلة اعتبارها وإمتنان الشارع على أمته في هذا الأمر العام البلوى [3]، وحكومة أدلة اعتبارها على الواقعيات [4]، ويشهد له الطريقة العقلائية في الطرق المعتبرة لديهم، فإنهم عند تبيّن الخلاف فيها يرتبون الأثر من حين تبيّن الخلاف من دون استئناف العمل من الأول، وهذا لسعة فضل الله تعالى أنسب. فكما أنه تعالى يسقط العمل المأتي به عن الاعتبار لأجل بعض الجهات كذلك ينزل العمل غير المطابق للواقع منزلة الواقع .[5]
ودعوى: أن العذرية وصحة الاعتذار ما دامية [6]أي ما لم ينكشف الخلاف لا دائمية. فمجرد الدعوى هي دعوى بلا شاهد ومخالف لإطلاقات أدلة اعتبارها، وإجماعهم على الأجزاء عند تبدل رأي المجتهد. فاطلاق أدلة اعتبار مفاد الامارات والأصول والقواعد – تأسيسا كان أو إمضائيا – [7]يقتضي الأجزاء مطلقا إلا في مورد الدليل على الخلاف فلا مجرى لجريان قاعدة الاشتغال في المقام .[8]
ولم يرد من الأئمة (ع) في هذا الأمر العام البلوى لا سيما عند الامامية المفتوح عندهم باب الاجتهاد حديث، وما ورد [9]في عدم أجزاء الرأي والنظر من الاخبار الكثيرة التي جمعها في كتاب القضاء من الوسائل لا ربط لها بالمقام، بل المقصود منها الآراء الفاسدة الباطلة في مقابل الامام (ع) لا ما حصل من الجد والاجتهاد في أحاديثهم (ع)، ثم إن لدينا دليل آخر على الاجزاء وهو الاولوية، فإسقاط القضاء عن المخالف يدل بالاولوية على إسقاط القضاء عن الموالي، فأي مانع من أن يكون المقام مثل اعمال العامة إذا استبصروا حيث ورد عن أبي عبد الله (ع) في الصحيح: " كل عمل عمله في حال نصبه وضلاله فإنه يؤجر عليه " بل ما نحن فيه أولى بذلك كما لا يخفى، وليس ذلك من التصويب والانقلاب الباطل، بل هو تنزيلي تسهيلي لغير الواقع منزلة الواقع، وإسقاطه عن الفعلية لمصالح كثيرة، فبين المقام وبحث التصويب والانقلاب بون بعيد جدا ] [10].
غدا ان شاء الله نكمل كلام السيد (ره) ثم نجيب عليه.


[1] أي ما يؤدي إلى علمي أو أصل عملي، وهي ازيد من الاربعة المعروفة، وذكرنا في رسالة منهجية الاستنباط اربعة عشر علميا يمكن ان يكون حجة.
[2] إذا من لوازم الاعتبار هو الاجزاء، لأن الشارع هو الذي اعتبر هذه الاصول والامارات فهو الذي يتحمل المسؤولية. فإذا امرني باتباع يونس بن عبد الرحمن مثلا ثم تبيّن خطأ يونس فليس الذنب ذنبي، والمعتبر هو الذي يتحمل مسؤولية الاعتبار، ويلزمه الإجزاء.
[3] أي ان لسان " كل شيء لك طاهر " أو " رفع عن امتي ما لا يعلمون " هو امتنان من الشارع على المكلف حتى في المشكوك، والاعادة تكون خلاف هذه المنّة
[4] أي إذا كان هناك حكم واقعي وحكم ظاهري ايهما مقدّم على الآخر؟ يقدم الحكم الظاهري في حين الشك، فالحكم الظاهري حاكم على الحكم الواقعي.
[5] فهذا التنزيل هو لسان ادلة الاعتبار، اعتبار ادلة الامارات والاصول.
[6] هي مشروطة بالدوام، في المنطق نذكر بالموجهات الثمانية، أي أنت معذور ما دمت جاهلا وليس مطلقا.
[7] سواء كان ارشادا لما عند العقلاء كـ " اوفوا بالعقود " وفي ادلة البراءة " رفع عن امتي ما لا يعلمون " وما في القانون المدني " كل متهم بريء حتى تثبت ادانته " كل هذا ليس تأسيا شرعيا بل هو امضاء لما هو عند العقلاء
[8] لا تصل النوبة إلى الاصول العملية والاحتياط، لان ادلة الاعتبار تقتضي انه هو المسؤول ولإطلاق ادلة الاعتبار، وكونها منّة على المكلفين وليس من المنّة الاعادة. ومع وجود الأدلة اللفظية والعقلية لا تصل النوبة إلى الأصول العملية.
[9] جواب منه لمن قال انه وردت احاديث في ذلك.
[10] تهذيب الأصول، السيد عبد الأعلى السبزواري، ص196.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo