< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/02/02

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الإجزاء مع الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري
والخلاصة في الأمر الاضطراري في خطوط:
بالنسبة للإجزاء: الاتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري يجزي عن المأمور به بالأمر الواقعي بعد ارتفاع العذر.
وبالنسبة للبدار: يجوز البدار مع تساوي الافراد، ولا يجوز مع تفاضلها خصوصا مع احتمال ارتفاع العذر في الوقت، لعدم وجود الدليل على أن الشارع أجاز ذهاب المصلحة الاكمل.
المقام الثاني: الإجزاء مع الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري: أي هل الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري يجزي عن المأمور به بالأمر الواقعي أو لا؟
لا بد أن نبين ما المقصود من الأمر الظاهري، استعمل الحكم الظاهري في عدّة معان في كتب الأصول:
أحدها أن الظاهري بمعنى ما يقابل الواقعي الحقيقي في عالم الثبوت واستعماله بهذا المعنى عند الأصوليين قليل.
واستعمال آخر أيضا قليل وهو ان الواقعي ما دلت عليه الامارة مقابل الظاهري ما دل عليه الأصل والاستعمال المتداول خصوصا بعد الوحيد البهبهاني (ره) أن ما دلت عليه الامارات ويسمى دليلا اجتهاديا، وما دلت عليه الأصول يسمى دليلا فقاهتيا.
اما المراد من الظاهري في مسالتنا وهي أن الاتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري هل يجزي عن المأمور به بالأمر الواقعي أو لا؟: هو الحكم المجعول للجاهل مقابل الحكم الواقعي الاختياري سواء كان الجهل مأخوذا موضوعا أو موردا، ومقابل الحكم الواقعي الاضطراري فيشمل الامارات والأصول.
إذن البحث قد قسم إلى خمسة مقامات:
المقام الأول: أجزاء الامر عن أمر نفسه.
المقام الثاني: الاضطراري.
المقام الثالث: الظاهري مما قامت عليه الامارات.
المقام الرابع: الظاهري مما قام عليه الأصول .
المقام الخامس: القطعي أو ما عبّر عنه بالتخيلي أو الاعتقادي.
والمراد من الأمارة كما في مصطلحات كتاب وسيلة المتفقهين الجزء الاول: هي كل ما كشف عن واقع، ظنا بنحو غير قطعي من خبر واحد أو سيرة ظنيّة أو شهرة أو ظن مطلق.
وهنا إن طابقت الأمارة الواقع كانت صادقة وإلا فهي كاذبة، ولذلك قلنا سابقا أن الأجدر في تعريف الخبر أن يكون: هو اللفظ وما بحكمه الكاشف عن واقع، أي ما كان لسانه أو شبه اللسان كالإشارة كاشفا عن واقع. أما التعريف باحتماله الصدق والكذب كما هو المعروف في تعريف الخبر.
ففيه: أولا: إنه تعريف باللازم، إذ أن ماهية الخبر هي الكشف عن واقع ولازمه احتمال الصدق والكذب، وهذا بخلاف الإنشاء حيث لا واقع وراء الإنشاء يطابقه أو لا يطابقه.
ثانيا: إن هذا التعريف – أي ما يحتمل الصدق والكذب – غير مانع حيث إنه يشمل الكواشف اللبية الظنية من قبيل الشهرة، والظن المطلق، والسيرة الظنية.
ثم إن الأصل في الأمارات عدم الحجيّة كونها من الظنون، فلا بد من دليل على اعتبارها وعلى حجيتها، ثم إنه بعد اعتبارها وقع الكلام في هذه الحجية، هل أخذت على نحو الطريقية أو السببية أو المصلحة السلوكية؟.[1]
والمراد من الطريقية: أنها مجرد طريق إلى الواقع وكاشف، ولا تؤدي إلى إنشاء مصلحة أو مفسدة، ولا تؤدي إلى انقلاب في الواقع.
قد يقال: ماذا لو قلنا بأنها تؤدي إلى حكم، أَوَ ليس الحكم يحتاج إلى مصلحة حيث ذكروا أن المصالح والمفاسد هي من مبادي الأحكام؟
فإنه يقال: لو قلنا إنها تؤدي إلى إنشاء حكم على طبقها فإنها حكم طريقي، ومصلحته طريقية وتكون خارجة عن المتعلق والحكم كمصلحة التسهيل على المكلفين في تعلّم الأحكام ومعرفتها، وأين هذا من المصلحة التي هي من مبادئ الأحكام؟ كذلك أين هي من القول بالسببية كما سيأتي؟!.
سنكمل غدا إن شاء الله ما الفرق بين ماهية الخبر والحكمة من حجيته.


[1] منشأ هذا الاختلاف في الاخذ لحجية الامارة هو طرح اشكال من بعض العلماء مثل ابن قبة وغيره، أنه إذا كانت الأمارة خاطئة كيف يحق للمولى عز وجل أن يطلب مني ارتكاب امارة خاطئة فيها تفويت لمصلحة الواقع. فأين حينئذ مصلحة الواقع؟ كيف يسمح لي المولى بتفويتها؟
والعجز عن دفع هذا الإشكال عند الشيخ الأعظم الأنصاري هو الذي دفعه إلى القول بالمصلحة السلوكية، وقد لاحظت من عدّة مواضع في كتبه (ره) أن لديه منحى تفكيريا خاصا وهو انه إذا دار الامر بين أمرين أو ثلاثة مجرد الاشكال بين الامر الأول والثاني يدفع للقول بصحة الثالث. مثلا هنا ان طبيعة الخبر وماهيته طريقية لأنه مجرد كاشف ولا يمكن ان ينشئ مصلحة ولا يقلب واقعا، لذلك كان التصويب وجدانا باطلا. والسببية أيضا باطلة وجدانا لأنها تخالف ماهية وجوهر الخبر. ومع عدم وجود جواب على الاشكال على الطريقية والسببية، اندفع الشيخ الأعظم (ره) إلى القول بالمصلحة السلوكية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo