< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: البدار
نكمل نقاش كلام صاحب الكفاية: أما الآية الكريمة ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ﴾ [1] فلا يبعد فيها الاطلاق، حيث إن الآية في مقام بيان وظيفة من لم يجد ماء، فبيّن أن الحكم هو التيمم، ولم يذكر وجوب الإعادة أو القضاء. اما الروايات التي ذكرها فلا اطلاق فيها كما ذكرنا وليست في مقام بيان الإعادة وعدمها بل في مقام بيان أنه أحد الطهورين. نعم كلمة " يكفيك " في رواية أخرى يفهم من لحن خطابها ومضمونها إشارة إلى عدم وجوب الإعادة ارتفع العذر أم لم يرتفع، يمكن استظهار الإشارة من لحن الخطاب أن هناك أجزاء.
المختار: الكلام تارة في الإجزاء وأخرى في جواز البدار.
- أما في الأجزاء: فالظاهر من الآية الكريمة هو الاطلاق كما ذكرنا، كذلك ما يستظهر من كلمة " يكفيك عشر سنين " من الرواية.
أما الروايات الاخرى الواردة في الوسائل ج 1 ب23 من أبواب التيمم من كتاب الطهارة، فالإنصاف عدم وجود إطلاق فيها.
إذن في الأصل اللفظي نستطيع أن نقول بأن لدينا إطلاقا في الآية والروايات يؤدي إلى الأجزاء وعدم وجوب الإعادة.
-أما في البدار: المأمور به إما أن تكون أفراده متساوية وإما متفاضلة.
فإن كانت متساوية فالظاهر جواز البدار.
وإن كانت متفاضلة فلا بد من الانتظار إلى آخر الوقت، أي يجوز ان تفعلها ولكن عند ارتفاع العذر يجب الإعادة لأننا لم نعلم ان الله عز وجل قد سمح بعدم استفاء المصلحة الناقصة، ولكن هذا يحتاج إلى دليل. ولعلّ الروايات في الباب 22 تشير إلى ذلك.
منها: باب وجوب تأخير التيمم والصلاة إلى آخر الوقت مع رجاء زوال العذر خاصة.
ح1 - في الصحيح: محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن العلا، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إذا لم تجد ماءً وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض. [2]
الرواية معتبرة وهي نص في التأخير. بل إن الرواية يستفاد منها قاعدة عامة وهي: أنه مع وجود التفاضل يجب التأخير إلى آخر الوقت تحقيقا للغرض الأكمل، فإن لفظ " فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض " ظاهر في كون الطهارة المائية أفضل.
ح2 – في الموثقة: وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم، وليصل في آخر الوقت الحديث. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، وكذا الذي قبله.
ح3 – وفي الموثقة: محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن ابن المغيرة، عن عبد الله بن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: رجل أمَّ قوما وهو جنب وقد تيمم وهم على طهور، قال: لا بأس، فإذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت، فإن فاته الماء فلن تفوته الأرض.
نفس التفاضل لكن هنا إشارة إلى انه يجوز أن يكون الامام متيمما والمأموم متوضأ.
ح 4 - عبد الله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن محمد بن الوليد، عن عبد الله بن بكير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فلم يجد ماءا، يتيمم ويصلي؟ قال: لا حتى آخر الوقت، إنه إن فاته الماء لم تفته الأرض.
5ح - وقد تقدم في حديث محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: واعلم أنه ليس ينبغي لأحد أن يتيمم إلا في آخر الوقت.[3]
إذن ملخص القول: أن هناك أصلا لفظيا بالآية لأنها ظاهرة في مقام بيان الوظيفة الفعلية للذي لم يجد ماء، بيَّن التيمم ولم يُبيّن وجوب الإعادة فاستطيع أن التزم بالإطلاق. وفي الروايات فرقنا بين التفاضل وعدمه.
أما الأصل العملي: ذهب صاحب الكفاية إلى البراءة، وذلك للشك في التكليف أي الشك في وجوب الإعادة أداءً ووجوب القضاء بعد الوقت.
والتحقيق: إن الأمر بالطهارة المائية إن كانت فعليا فإن امتثال الأمر الاضطراري لا يعني سقوطه، ومعه يكون الشك في الامتثال، ولا بد من الاحتياط، وإلا إذا لم يكن فعليا كان مورد البراءة إذا كان العذر مستوعبا لجميع الوقت فالأمر الاختياري لا يكون فعليا بل الفعلي هو خصوص الاضطراري، ومعه نشك في وجوب الإعادة، وهو الشك في التكليف ومعه نقول بالبراءة، وإذا كان العذر مستوعبا لبعض الوقت، فيكون الأمر الاختياري هو الحكم الذي ثبت في حق المكلف، إذ لا يصدق الاضطراري مع ارتفاع العذر في بعض الوقت. ومعه فالمأتي به في الخارج وهو التيمم لا أمر به واقعا، والمأمور به واقعا أي الطهارة المائية وهو الاختياري لم يمتثل، بل لا معنى للشك في سقوطه.
ولو شككنا باعتبار ما يمكن تصوره من أن الاتيان بالتيمم قد يسقط وجوب الوضوء!! – وإن لم يكن الشك واردا في الواقع – فالأصل الاحتياط لكونه شكا في الامتثال.
تعليق على نقطة ثانية في كلام صاحب الكفاية (ره) قوله: فالمتبع هو الاطلاق لو كانت وإلا فالأصل وهو يقتضي البراءة من إيجاب الإعادة لكونه شكا في أصل التكليف، وكذا عن إيجاب القضاء بطريق أولى. [4]
والتعليق هو: اننا لم نفهم سبب الأولوية، ومجرد خروج الوقت لا يعني الأولوية هنا في مقامنا لان الأولوية تحتاج إلى شيء له أثر في الحكم، مثلا: إذا كان مناط الحكم في اكرام العالم هو العلمية فلا دخالة للطول وغيره في سبب الاكرام، فلا يكون الأطول أولى من غيره.
غدا إن شاء الله تعالى نشرع في المقام الثاني، وهو الأمر الظاهري.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo