< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

36/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: البدار
بعد الانتهاء من كلام صاحب الكفاية (ره) وبيان كلام المحقق البرجردي (ره) لبحث الأجزاء، وصاحب الكفاية بحث مسألة البدار مع بحث الإجزاء في عالم الثبوت وذهب انه إلى إذا كان وافيا بتمام المصلحة فيجزي.
وعلقنا على ذلك بأن المصلحة المقصودة في الأقسام الأربعة هي مصلحة نفس الفعل، فإذا كان المأمور به بالأمر الاضطراري وافيا بنفس مصلحة الاختياري فلا شك في الأجزاء. أما إذا كانت المصلحة مغايرة فلا نقول بالاجزاء، وذلك مثل مصلحة حفظ النفس تقيّة توجب أمرا اضطراريا بغسل الرجلين بدل المسح. ففي هذه الحالة لو قام بغسل الرجلين اضطرارا تحقق مصلحة حفظ النفس، أما مصلحة المسح فلم تتحقق، فلا إجزاء عقلا لبقاء مطلوبية مصلحة المسح. وهذا التفصيل موجود في الأقسام الأربعة.
ونعود لصاحب الكفاية فقد ذهب إلى الأجزاء في الصورة الاولى وفي الصورة الثانية عندما لا يمكن تداركه، وفي الصورة الثالثة عند استحباب الباقي، اما الصورة الرابعة فلا يقول بالاجزاء، وفرّع على هذا التفصيل مسألة البدار، هل يجوز ان يبادر المكلف إلى العمل أو لا؟
البدار: ذكر صاحب الكفاية (ره) ما بيانه ملخصا:
- في الصورة الأولى وهي كون الاضطراري وافيا بتمام المصلحة الواقعية الأولية، فلا شك في جواز البدار.
- في الصورة الثانية وهي عدم الوفاء بتمام المصلحة مع عدم إمكان الاستيفاء، فلا شك في عدم جواز البدار ووجوب الانتظار حتى تمام الوقت وهل العذر يرتفع.
- في الصورة الثالثة وهي عدم الاستيفاء مع عدم كون الباقي ملزما ليجب تداركه فلا شك في جواز البدار.
-في الصورة الرابعة وهي عدم الاستيفاء مع كون الباقي ملزما ويجب تداركه، فذهب صاحب الكفاية إلى أن المكلف مخيّرٌ فيها بين البدار في أول الوقت والاتيان بعملين: العمل الاضطراري في حال الاضطرار والعمل الاختياري بعد رفع الاضطرار، وبين الانتظار والاقتصار بإتيان ما هو تكليف المختار.[1]
نقاش صاحب الكفاية (ره): يقول السيد الخوئي (ره) في المحاضرات، ما مضمونه: إن الواجب هو الطبيعي الجامع بين مبدأ الوقت ومنتهاه، والمفروض في المسألة عدم شمول العذر لكل الوقت وتمكن المكلف من الاتيان بالطبيعي المذكور في وقته، وذلك للقدرة على إيجاد بعض أفراده في الخارج بعد ارتفاع العذر، ومعه لا مقتضي لإيجاب الشارع الفرد الناقص الذي لا يفي بملال الواقع.
وإن شئت قلت: إن المكلف إذا كان قادرا على الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية مثلا في الوقت لم تصل النوبة إلى الصلاة مع الطهارة الترابية، لفرض أن الأمر الاضطراري في طول الأمر الاختياري، ومع تمكن المكلّف من امتثال الأمر الاختياري لا موضوع الأمر الاختياري، ولازم ذلك عدم جواز البدار هنا واقعا، كما أن جوازه ملازم للإجزاء في الوقت وخارجه، وما أفاده (قده) من الجمع بين جواز البدار واقعا وعدم الإجزاء عن الواقع جمع بين المتناقضين ثبوتا وهو مستحيل. [2]
هذا كله في مقام الثبوت ولا داعي للبحث عنه أكثر فلننتقل إلى مقام الاثبات.
يقول صاحب الكفاية (ره): وأما ما وقع عليه فظاهر إطلاق دليله مثل قوله تعالى: ) فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ( [3] وقوله (ع) " التراب أحد الطهورين " و " يكفيك عشر سنين " هو الأجزاء وعدم وجوب الإعادة أو القضاء، ولا بد في إيجاب الإتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص. وبالجملة فالمتبع هو الاطلاق لو كان، وإلا فالأصل وهو يقتضي البراءة من إيجاب الإعادة لكونه شكا في أصل التكليف، وكذا عن ايجاب القضاء بطريق أولى. [4]
بيانه: هناك مسألتين: في عالم الاثبات عالم الأدلة تارة نبحث في الاصل اللفظي، وتارة نبحث في الأصل العملي.
في الأصل اللفظي نرى مقتضى الروايات والأدلة، فهو (ره) يعتبر الدليل اللفظي واضح في ظهوره فـ " يكفيك عشر سنين " و " التراب أحد الطهورين " فيها اطلاق، أي سواء ارتفع العذر ام لم يرتفع ظاهرهما الأجزاء لان الكفاية الموجودة مطلقة تشمل حالتي الاخبار والاضطرار.
اما في الأصل العملي فقد قال بالبراءة للشك في وجوب الإعادة، أي ان الشك في التكليف ومعه فالأصل البراءة.
النتيجة: أن الأصل اللفظي والاصل العملي ينفيان وجوب الإعادة، ولعله لذلك اشتهر الأجزاء في الامر الاضطراري.
نقاش كلام صاحب الكفاية: أما في مسألة الأصل اللفظي هل يوجد فعلا اطلاق؟ فلنناقش الروايتين اللتين ذكرهما (ره) هل " يكفيك عشر سنين " لسانها لسان اطلاق؟
قد يقال يحتمل أن تكون الرواية في مقام براءة الذمّة مهما طال الزمن، وليست في مقام بيان وجوب الإعادة وعدمه، وهذا المقام الأخير هو مقام الإطلاق الذي ينفعنا في المسألة. ومع هذا الاحتمال ينتفي الظهور في الاطلاق. وبالنتيجة نفس هذا التعبير لا يدلّ على الإطلاق، نعم كلمة " يكفيك " فيها لحن ومضمون بعدم وجوب الإعادة ارتفع العذر أم لم يرتفع، يمكن استظهار الإشارة من لحن الخطاب أن هناك أجزاء.
نقاش دلالة رواية " التراب أحد الطهورين " فهي لا اطلاق فيها، بل هي ظاهرة في جعل التراب طهورا، وأنه أحد أفراد الطهور، أي أن الشارع تدخلّ في بيان أفراد الطهور، وأين هذا من الإطلاق الذي هو شك في وجوب الإعادة وذلك عند ارتفاع العذر، فانفيه باطلاق عدم وجوب الإعادة، سواء ارتفع العذر أم لا؟!. بعبارة أخرى: هو ليس في مقام بيان عدم الإعادة بل في مقام بيان ان التراب طهور ايضا وهذا لا يعني ان هناك اطلاق.
غدا ان شاء الله نكمل


[1] هناك اثارة وتعليق على الصورة الرابعة للسيد الخوئي (ره): ان هذا التخيير من باب التخيير بين الأقل والأكثر الاستقلاليين، وهنا لا معنى للتخيير بينهما، بل هو محال عقلا. والتخيير لا يكون الا بين متباينين. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo