< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الأوامر. التعبدي والتوصلي.
-ما نستفيده من القسم الأول.
-الأصل التوصلية في اللفظي والعملي.
-المختار.
والذي نستفيده من هذا القسم الأول المقطوع به انه تعبدي: أن مفهوم العبادية وجوهرها لا علاقة بالأمر بها ولا علاقة بقصد الامر، فهو عبادة قبل أن يتعلق به الأمر، والعبادية ليست ناشئة من الأمر، فهي ليست الفعل بقصد الأمر، ولا بقصد التقرب، ولا بقصد المصلحة، ولا طمعا في الجنّة، ولا خوفا من النار [1]، ولا هي مطلق العلاقة مع الخالق، وليست هي الخضوع ولا الركون، بل هذه جميعها يمكن أن تكون موجودة ضمنا أو لزوما. لكن العبادة شيء والأمر بها شيء آخر. ولذلك يتعلق الأمر بها كما يتعلّق بالمعاملة ولا فرق في كيفية تعلّق الأمر بين قوله تعالى: } وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ{ [2] وبين قوله تعالى: } أَوْفُوا بِالْعُقُودِ{ [3] والفرق هو كون الصلاة عبادة قبل الامر وكون العقد معاملة توصلية قبل الأمر، فلا نجد فرقا في كيفية انصباب الامر عليهما، هيئة افعل تتعلق بمضمونها في كلا الامرين. بعبارة اخرى: ليس الامر المدلول عليه بصيغة افعل هو الذي جعل لي الصلاة في " اقيموا الصلاة " عبادة. العبادية أتت من متعلق الامر الذي هو الصلاة، والتوصلية أتت من متعلق الأمر في " أوفوا بالعقود ".
ولذلك تكون التعبدية والتوصلية في مرحلة سابقة على تعلق الامر، فالتعبدية والتوصلية شيء والامر بهما شيء آخر ولا علاقة للأمر فيها.
هذا القسم الأول وهو محل اتفاق لكن يجب أن نستفيد من هذه النتيجة في القسم الثاني، ونفهم كيف أتت التعبدية والتوصلية.
والقسم الثاني من المأمور به أو المنهي عنه هو ما لم يكن عباديا، بل فيه قابلية ان يصبح عباديا كالزكاة والنكاح، وصيرورته عبادة تحتاج إلى اعتبار خاص من الشارع، وبعد اعتباره عبادة ينصب عليه الأمر، فالأمر به وحده لا يكفي لصيرورته عبادة بل يحتاج إلى اعتبار الشارع، نعم يثاب عليه من باب الانقياد، لكن الثواب عليه شيء وصحته وعدم حصول الامتثال إلا به شيء آخر مثلا: تعلّق أمر به من المولى، مثل كشف الرأس في الحج حين الاحرام، فهو بذاته ليس عبادة، ولكن يمكن أن يصبح عبادة وذلك بأمر من المولى أي ان هناك نقلا.
والذي استفدناه من القسم الأول ان العبادية لا تنشأ من الامر فليكن كذلك ايضا في القسم الثاني: موضوع اعتبره عبادة ثم أصب الامر عليه. فالأمر لا علاقة له بصيرورته عباديا.
إذن حل الاشكال في القسمين: ان العبادية هي مرحلة سابقة على الامر، وكل ما في الامر ان هناك امورا هي ذاتا عبادية كالصلاة وهناك أمورا تحتاج إلى اعتبار كي تصبح عبادية ثم ينصب الامر عليها. يشبهه في التزيلية الحكومة مثل: الطواف صلاة. فقد جعل الطواف صلاة فانصبت أحكام الصلاة عليه. وهنا من هذا القبيل. المسألة تنزيلية، حكومة، وسعت المفهوم واعتبرت ان هذا عبادة. نعم الاعتبار يحتاج إلى بيان وقد يكون البيان بنفس الامر وهذا لا يعني أنه اخذ في متعلق الامر.
التعبدية في القسم الثاني امر اعتباري ينصب عليه الحكم، فيكون الحكم متأخرا عن التعبدية، فكل الاشكالات التي وردت من اخذ المتقدم في المتأخر، والامر يدعو إلى نفسه، والدور، واجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي تنتهي عندما نقول ان التعبدية كانت في مرحلة سابقة على الامر، وهذه العبادية في المرحة السابقة على الأمر أما ذاتا أو اعتبارا.
والنتيجة: ان المأمور به لما كان إما عبادي أو توصلي ولما كان التوصلي يحتاج إلى تدخل من الشارع ليعتبر تعبديا، وهذا التدخل يحتاج إلى بيان، فنحكم بالتوصلية حتى يثبت هذا الاعتبار.
ولو ابيت إلا أن تكون العبادية ناشئة عن قصد الأمر. فإن قلنا باستحالة أخذ الأمر في متعلقه حكمنا بالتوصلية. وإن قلنا بعدم استحالة اخذ الأمر في متعلّقه حكمنا أيضا بالتوصلية للإطلاق. وسنبيّن ذلك.
إلى هنا نكون قد بينا حل مسألة الاستحالة والاصل ما هو، ثم سنعود إلى ديدنهم لبيان بعض المصطلحات المهمة لما فيها من فائدة، كبيان ما هو متمم الجعل، والاطلاق المقامي، والاصل العملي.
قد يسأل لماذا قدمت المختار على بيان المسألة؟ نجيب اننا بينا المختار لنرى ان حل المواضيع عند كثير من الاساطين كالسيد الخميني والسيد الخوئي (هدهم) وغيرهم في طيات حلولهم وبين سطورها يذهب إلى هذا الحل الذي بيناه وسنبين ذلك.
والحمد لله رب العالمين.



[1] نفس الطمع بالجنة ونفس الخوف الموجبان للإطاعة هذا لا يعني انه عبادة ولم أصبح عبدا عنده، قالوا ان العبودية مراتب، هذا غير صحيح العبودية مرتبة واحدة واطلاقها على ما دونها اطلاق مجازي ليس كل من حكم الناس ظلما او عدلا اصبح عبد ومعبود. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo