< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/06/02

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الأوامر
التعبدي والتوصلي.
إلى هنا نكون قد صورنا الاشكال وصورنا كلام صاحب الكفاية في رد الامرين، وهنا لا باس بذكر كلام للسيد الخوئي (ره) في كيفية تصوير الإشكال بناء على رأي الشيخ النائيني (ره)، ثم كيف يحل السيد الخوئي هذا الاشكال.
كلام الشيخ النائيني (ره) وجواب السيد الخوئي (ره).
ذكر السيد الخوئي (ره) في المحاضرات كمقدمة: وأما الكلام في المقام الثاني: فلا شبهة في أن الواجب في الشريعة المقدسة بل في كافة الشرائع [1]على نوعين: تعبدي، وتوصلي.
والأول ما يتوقف حصول الغرض منه على قصد التقرب [2]، وذلك كالصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس [3]وما شاكل ذلك.
والثاني ما لا يتوقف حصوله على ذلك كما عرفت، ومنه وجوب الوفاء بالدين، ورد السلام، ونفقة الزوجة، وهذا القسم هو الكثير في الشريعة المقدسة [4]، وجعله من الشارع رغم أنه لا يعتبر فيه قصد التقرب إنما هو لأجل حفظ النظام وإبقاء النوع، ولولاه لاختلت نظم الحياة المادية والمعنوية.
وبعد ذلك نقول: مرة يعلم المكلف بأن هذا الواجب توصلي وذاك تعبدي، ولا كلام فيه. ومرة أخرى لا يعلم به ويشك، والكلام في المقام إنما هو في ذلك، وهو يقع في موردين:
الأول: في مقتضى الأصل اللفظي من عموم أو إطلاق. الثاني: في مقتضى الأصل العملي.
أما الكلام في المورد الأول: فالمشهور بين الأصحاب قديما وحديثا: هو أنه لا إطلاق في المقام حتى يمكن التمسك به لإثبات كون الواجب توصليا [5]، ولكن هذه الدعوى منهم ترتكز على أمرين:
الأول: دعوى استحالة تقييد الواجب بقصد القربة وعدم إمكانه.
الثاني: دعوى: أن استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق.
فينبغي لنا التكلم عندئذ في هاتين الدعويين: أما الدعوى الأولى: فقد ذكروا في وجه استحالة التقييد وجوها: أحسنها: ما ذكره شيخنا الأستاذ (قده): من أن كل قيد في القضايا الحقيقية إذا اخذ مفروض الوجود في الخارج، سواء أكان اختياريا أم كان غير اختياري يستحيل تعلق التكليف به. [6]
غدا ان شاء الله نكمل كلام الشيخ النائيني (ره) بالفرق بين القضايا الحقيقية وغيرها.


[1] بل حتى في الوثنية. .
[2] هنا ذكر (ره) حصول الغرض ولم يذكر حصول الثواب والعقاب أي ذكر اللوازم. أما مسألة قصد التقرب نتحفظ على ان تكون شرطا في التعبدي، لان التعبد هو الاتيان بالفعل استسلاما لأمر الآمر أي بداعي الامر، أي انا عبد لفلان أتمر لأمره حتى لو لم أكن اريد التقرب منه وحتى لو اكرهه، جوهر العبودية هو فقط امتثال امر الآمر، وحب الشخص والتقرب اليه لا يعني اني اعبده. ولهذه الأمور اثر في الفقه ولها الأثر الشرعي كالفرق بين الهدية والهبة والصدقة، العنوان العام لها هو العطية، الهدية اخذت على قصد المجاملة اما الصدقة فمأخوذة على نحو الشفقة، وذكر المحقق الحلي في الشرائع في مسألة الاستطاعة في الحج، إذا اعطي شخص هبة فلا يجب عليه قبولها حتى تحصل الاستطاعة، بينما إذا اعطي هديّة يجب عليه القبول، واذا اعطي صدقة لا يجب عليه القبول. .
[3] نحن سنتحفظ على الخمس والزكاة وان كان الاجماع على انها من العبادات. .
[4] هذا الذي سمي بالاصطلاح بالمعنى الاعم المعاملات التي لا يشترط فيها قصد القربة. .
[5] ذكر انه في مقام الأصل اللفظي، إذا كان قصد القربة يمكن التقييد به، مع عدم احراز هذا القيد الأصل الاطلاق، فتصح العبادة من دون قصد القربة، مثلا: أعتق رقبة واشك في اشتراط الايمان فاطرد الشرط بمقدمات الحكمة أي بالإطلاق، لكن إذا لم يمكن التقييد لا يمكن الاطلاق. هنا السيد الخوئي (ره) يقول ان المشهور بين الاصحاب قديما وحديثا هو انه لا إطلاق في المقام، أي لا وجود للأصل لفظي، قصد القربة لا يمكن اخذه، أي ان الأصل التوصلية. وذكرنا سابقا كلاما للسيد البرجردي (ره) حيث يقول ما مضمونه في نهاية الأصول ص 111: ان الكلام يقع في تحرير الواجب التعبدي من حيث انه هل قصد القربة مأخوذا شرطا او جزءا في المتعلق او انه مما يعتبر فيه عقلا من حيث انه مأخوذ في الغرض والملاك دون المتعلق، فالقدماء من علمائنا إلى زمن الشيخ الانصاري (ره) كانوا يعدون قصد القربة في العبادات في عداد سائر شرائط المأمور به واجزائه من غير تعرض لورود اشكال في المقام. النتيجة:. يكون قصد القربة مثله مثل بقية الأجزاء والشرائط وعند الشك يكون الأصل هو الإطلاق.
الكلام ان السيد البرجردي (ره) ذكر ان هناك تقريبا تسالم عند القدماء من ان قصد القربة كغيره من الأجزاء يجوز اخذه في متعلق الامر مثلا: عندما اشك مثلا في عبادة بر الوالدين فالأصل عدمه بالاطلاق. هنا يوجد نوع من التنافي هناك نقلين عن القدماء بين كلام السيد البرجردي الذي يقول ان الأصل عند القدماء الاطلاق أي يوجد اصل لفظي، وبينما من كلام السيد الخوئي (ره) من أن الأصل عند القدماء التوصلي. والظاهر ان هذه المسألة حديثة وليست قديمة - بحث استحالة اخذ قصد القربة في متعلق الامر - هذا الاشكال من الشيخ الانصاري (ره) وبعده، وعند مراجعة الكتب القديمة كالمعالم أصلا لا يوجد لهذا البحث عين ولا اثر، اخذ القربة وعدم اخذ القربة مثله مثل بقية الأجزاء والشرائط فالاصل الاطلاق لوجود الأطلاق اللفظي لمتامية مقدمات الحكمة، فعندما اشك في الشرط وكان المتكلم في مقام البيان وامكن ان يبين ولم يبين، ولو أراد قصد القربة لبيّنه، وحينئذ يتم الإطلاق.
إذن هناك نقلين والذي نراه ان نقل السيد البرجردي (ره) اتم لوجود القرائن عليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo