< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: اتحاد الطلب والإرادة
-تتمة الكلام النفسي على النظريتين: الإيجادية والإبرازية.
-مدلولات الجمل الخبرية والإنشائية.
نعود لكلام السيد الخوئي يقول (ره): { إن مدلول الجمل الإنشائية على كلتا النظريتين ليس من سنخ الكلام النفسي عند القائلين به. أما على نظرية المشهور [1]فواضح، لما عرفت من أن الكلام النفسي عندهم: عبارة عن صفة قائمة بالنفس في مقابل سائر الصفات النفسانية، وقديم كغيرها من الصفات الأزلية. وبطبيعة الحال أن إيجاد المعنى باللفظ فاقد لهاتين الركيزتين [2]معا. أما الركيزة الأولى فلأنه ليس من الأمور النفسانية ليكون قائما بها. وأما الثانية فلفرض أنه حادث بحدوث اللفظ، وليس بقديم [3]. وأما على نظريتنا فأيضا الأمر كذلك، فإن إبراز الأمر الاعتباري ليس من الأمور النفسانية أيضا.
فالنتيجة لحد الآن: أنه لا يعقل في موارد الجمل الخبرية والإنشائية ما يصلح أن يكون من سنخ الكلام النفسي، ومن هنا قلنا: إنه لا يخرج عن مجرد وهم وخيال، فلا واقع موضوعي له}. [4]
نستطيع تلخيص كل ما مرّ في خطوط:
الأول: لا وجود لشيء اسمه الكلام النفسي.
الثاني: إن الطلب فعل اختياري والإرادة كيف نفساني.
الثالث: تغاير الطلب والإرادة، مفهوما ومصداقا وخارجا. وذلك على خلاف ما ذهب إليه صاحب الكفاية (ره).
الرابع: إننا نؤيّد نظرية المشهور في أن استعمال الألفاظ إيجاديٌ وليس إبرازيا.
مدلولات الألفاظ:
بعد أن ينفي صاحب الكفاية (ره) الكلام النفسي، وبعد أن ينفي أن يكون مدلول الألفاظ الكلام النفسي، إذ ليس وراء الإرادة الحقيقية صفة أخرى نفسية، وعليه، قد يتوهم أن يكون اللفظ دالا على هذه الصفة – أي الإرادة الحقيقية – وهكذا بقية الصفات من استفهام وترجِّ وتمنّ [5]، بل والجمل الخبرية التي أصبحت تدل على ما في أفق النفس وهو العلم. فقد يتوهم أن مدلول الخبر هو العلم القائم بأفق النفس، هنا يستدل الشيخ الآخوند في الكفاية ويقول صاحب الكفاية (ره) أن ليس مراد الأصحاب والمعتزلة وضع الكلام اللفظي لهذه الصفات.
وهنا يطرح سؤال: إذن لأي شيء هي موضوعة؟
يجيب صاحب الكفاية (ره) بقوله: { إن قلت: فماذا يكون مدلولا عليه عند الأصحاب والمعتزلة؟ قلت: أما الجمل الخبرية، فهي دالة على ثبوت النسبة بين طرفيها [6]، أو نفيها في نفس الامر من ذهن أو خارج، كالإنسان نوع أو كاتب [7]. وأما الصيغ الانشائية، فهي - على ما حققناه في بعض فوائدنا - مُوجِدة لمعانيها في نفس الامر، أي قصد ثبوت معانيها وتحققها بها، وهذا نحو من الوجود [8]، وربما يكون هذا منشأ لانتزاع اعتبار مترتب عليه شرعا وعرفا آثار، كما هو الحال في صيغ العقود والايقاعات. نعم لا مضايقة في دلالة مثل صيغة الطلب والاستفهام والترجي والتمني - بالدلالة الالتزامية - على ثبوت هذه الصفات حقيقة، إما لأجل وضعها لإيقاعها، فيما إذا كان الداعي إليه ثبوت هذه الصفات، أو انصراف إطلاقها إلى هذه الصورة [9]، فلو لم تكن هناك قرينة، كان إنشاء الطلب أو الاستفهام أو غيرها بصيغتها، لأجل كون الطلب والاستفهام وغيرهما قائمة بالنفس، وضعا أو إطلاقا }.[10]
إلى هنا نقول إن الانشاء عبارة عن نسب يكون الداعي اليها وجود هذه الدواعي النفسية كالترجي والاستفهام، وإلا فالنسبة واحدة والوضع واحد سواء كان في الاخبار أو في الانشائيات.
الجبر والاختيار:
ثم ينتقل إلى مسألة الجبر والتفويض، ولا أريد أن أغوص فيما قالوا في هذه المسألة لأني أشعر بقلة الفائدة، ثم إنها من مسائل علم الكلام، ولكن أشير إلى بعض كلامه (ره): { إشكال ودفع: أما الاشكال، فهو إنه يلزم بناء على اتحاد الطلب والإرادة، في تكليف الكفار بالايمان، بل مطلق أهل العصيان في العمل بالأركان، إما أن لا يكون هناك تكليف جدي، إن لم يكن هناك إرادة، حيث أنه لا يكون حينئذ طلب حقيقي، واعتباره في الطلب الجدي ربما يكون من البديهي، وإن كان هناك إرادة، فكيف تتخلف عن المراد؟ ولا تكاد تتخلف، إذا أراد الله شيئا يقول له: كن فيكون }. [11]
انما يقال هنا أن الله عز وجل اوجد فينا شيئا اسمه الوجدان هو الأساس في كل افكارنا وعقولنا واستدلالاتنا، وان هناك أشياء في كل العلوم تكون أساسا صلبا يقف عليه الانسان ويتم البناء، هذا الأساس لا يمكن الاستدلال عليه وعلى وجوده لأنه امر بديهي، كما في 1+ 1= 2 لا دليل عليه، ومع إيجاد الدليل تخرج عن كونها بديهة ومع الحاجة إلى الدليل بطلت العلوم، وكذلك في النقيضان لا يجتمعان، ودليل آخر في علم الهندسة " الخطان المتوازيان لا يلتقيان ". بهذا الأساس تعود كل التفسيرات إلى الوجدان، وكذلك هناك شيء اسمه الاختيار وان شاء الله نعرج على مسألة " لا جبر ولا تفويض ولكن امر بين امرين ". ولكن كما قيل العلم نقطة كثرها الجهلون.






[1] أي انها نسبة إيجادية الذي ذهبنا إليه، هو (ره) يريد أن ينفي الكلام النفسي بناءاً على النظريتين: النسب الإيجادية، والنسب الإبرازية. .
[2] الركيزة الأولى: انه هناك شيء آخر غير هذه الصفات، والثانية: انه قديم. .
[3] هذا على النظرية الإيجادية. .
[5] الترجي والتمني، فإن الجمل التامة إما خبرية أو انشائية. الخبرية هي التي تكشف عن واقع وهي ليست نفس العلم. والانشائية قالوا انه الطلب بانواعه من الترجي والتمني والاستفهام كذلك العقود الايقاعات أي آخره. هل الترجّ والتمنِّ انشاء أم اخبار؟. ذكرهما النحاة مع الجمل الانشائية، وبعض الاصوليين ذكروها مع الجمل الخبريةـ على ان الترجي هو توقع الحصول والتمنِّ هو طلب مستحيل الوقوع. فالترجي والتمني إخباران عند حالة نفسية، هما حالة نفسية. .
[6] هذا ما عبرنا عنه انه يكشف عن واقع الذي هو جوهر الخبر. وما قاله المناطقة بان الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب هو تعريف باللازم وليس بالمطابقة، وإذا أمكن أن نعرف بالمطابقة كان افضل. المناطقة لاحظوا الآثار في تعريفهم. .
[7] الانسان نوع قضية لا توجد إلا في الذهن أو الانسان كاتب قضية متصورة في الذهن تحكي عن الخارج، فتثبت الكتابة للإنسان في الخارج. .
[8] الوجود التنزيلي الاعتباري. أحيانا يرى العرف والشرع الامور الاعتبارية أهم من الواقع كما في العقود التي يترتب عليه الآثار الكبيرة والكثيرة. .
[9] أي ان هذه الصفات تكون قيدا في الموضوع له الألفاظ، أو انصرافا ينسبق عند إطلاق اللفظ، أي ينصرف الذهن إلى وجود الداعي الحقيقي عند عدم القرائن. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo